فى الوقت الذى انشغل فيه الجميع فى الوسط الفنى بالشق الأول من قرارات الدكتور أشرف زكى نقيب المهن التمثيلية والخاص بتحجيم تواجد الفنانين العرب فى الأعمال الفنية المصرية، إلا أنهم تناسوا الشق الثانى الخاص بعمل الوجوه الجديدة وعدم إصدار تصاريح جديدة لأى منهم خلال العام الحالى، فى محاولة منه لإفساح الطريق أمام الأكاديميين من خريجى المعهد العالى للفنون المسرحية، ووصلت الأمور إلى مطالبة النقيب بعدم عرض أفلام الوجوه الجديدة التى لا تزال فى العلب، وهذه المشكلة هى التى ستتفاعل بشكل كبير خلال الأيام المقبلة فى ظل رفض المنتجين والموزعين.
"اليوم السابع" فتحت ملف الأزمة وطرحت السؤال الدائم: الدراسة أم الموهبة؟
المنتجة إسعاد يونس تؤكد أن قرارات أشرف زكى المتعلقة بعدم الاستعانة بالوجوه الجديدة ما هى إلا قرارات مضحكة، وأنا كمنتجة أقوم حالياً بإنتاج سلسلة أفلام بطولة مجموعة من الوجوه الجديدة قد يكون من بينهم خريجون من المعهد، ودون إغلاق الباب فى وجه الموهوبين الذين لم تتح لهم ظروف الالتحاق بالمعهد والذى نعرف جميعا أن معايير الالتحاق به تتدخل فيه الوساطة وأشياء أخرى بعيدة عن الموهبة ، ولن يمنعنى أحد من الاستعانة بمن يصلح للأدوار فى أعمالى، لأن الدور الحقيقى للمنتج هو تفريغ الوجوة الجديدة، وفى كل الأحوال الموهبة هى التى تفرض نفسها، فقد أقدم عشرة وجوه قد يستمر منهم خمسة، وهذا فى حد ذاته إنجاز سواء كانت الوجوه الجديدة فى مجال التمثيل أو الإخراج أو التأليف،وما يقوم به أشرف زكى من تعنت فى الرأى يؤدى إلى "إخصاء" السينما المصرية.
فهل يستطيع أشرف زكى أن يلاحق على إنتاج الأفلام التى يبلغ عددها 60 فيلماً وربما تزيد فى الفترة المقبلة بعدد نجوم معددودين على أصابع اليد؟، وهل كل خريجى المعهد يصلحون أن يكونوا نجوماً؟.
أما هانى جرجس فيعلق: "أشرف زكى لن يوقفنى عن إنتاج أفلام بوجوه جديدة، لأننى ببساطة سأواصل خطتى لتقديم أفلام الشباب حتى لو وصلت الأمور إلى ساحات المحاكم، حسب ما طالبتنا به غرفة صناعة السينما مؤخراً، وأكد هانى أنه لا يستطيع تحمل الأجور الفلكية لنجوم الشباك، إلى جانب أن الأكاديميين وعن سابق تجربة سواء معى أو مع والدى الراحل جرجس فوزى أثبتوا فشلاً حال وقوفهم أمام كاميرات السينما والجميع يعلمون أن القلة القليلة منهم هم الذين أثبتوا كفاءة، ويعلم الجميع أن السينما المصرية طوال تاريخها قائمة على الوجوه الجديدة، ومن بينهم من تحمس لهم رمسيس نجيب وأطلقهم إلى عالم النجومية ومنهم لبنى عبد العزيز ومديحة يسرى ومديحة كامل وناهد شريف ونجلاء فتحى ومحمود عبد العزيز وآخرون، وما يطالب به النقيب يحمل تدميراً لصناعة السينما لأنه إذا اقتصر الأمر على أفلام النجوم فقط ستخسر السينما خسائر فادحة لن تعوضها أى قرارات تصحيحية، مثلما يحدث فى هوليود من تنوع فى إنتاج أفلام بميزانيات ضخمة وأخرى بمتوسطة وثالثة بتكلفة بسيطة.
وأكد هانى أنه كمنتج يقوم بتسويق فيلم للفضائيات يحمل اسم نجم مثل هانى رمزى ومعه فى باقة واحدة فيلمان لوجوه شابة، وهذا هو النظام المتبع مع كل المنتجين.
المخرج السينمائى يسرى نصر الله يرى أن الدور يفرض صاحبه، وخريجو المعهد وطلبته وأعضاء النقابة دائما يرون أنفسهم الأجدر بالتمثيل، وأشرف زكى مصاب بعقدة الأكاديمى الذى يقيس الموهبة بالدراسة، وأنا أريد أن أسأله: لو كنت نقيباً للممثلين فى هوليود، هل كنت ستمنع روبرت دينيرو وكاترين زيتا جونز وأنطونيو بانديراس وأغلب نجوم هوليود الذين ليسوا من خريجى الأكاديميات.
ياسمين عبد العزيز تؤكد أن النجومية لا علاقة لها بالمعهد ولا بعضوية النقابة وتحمد الله أنها دخلت منطقة النجومية وحصلت على عضوية النقابة قبل قدوم أشرف زكى، وتشير ياسمين إلى أن الموهوب يفرض نفسه، وأن المنتجين لن يغامروا بتقديم ممثل فاشل أو غير موهوب، ولو حدثت تلك المجاملة مرة لن تتكرر فى الثانية، وتضيف: "لم أفكر ولو للحظة أن ألتحق بالمعهد، وحتى عندما ذهبت إليه مرة شعرت بالضيق والخنقة والنفسنة بين الأساتذة والطلبة".
حنان ترك تقول: "اختارتنى نادية الجندى أثناء مشاهدتها لى فى معهد الباليه للعمل معها فى فيلمها "رغبة متوحشة"، وبعدها اختارنى يوسف شاهين فى "المهاجر" وأؤكد أن الخبرات الفنية والتقنية التى اكتسبتها بالممارسة العملية جعلتنى أتحكم كثيرا فى اختيار أدوارى، وأرى أن قرارات أشرف زكى تحكم بالفشل على صناعة السينما التى من أهم مهامها صناعة وجوه جديدة وإمداد المجال بدماء مختلفة، والموهبة الجيدة لا تعترف بنوع الشهادة لأن ممارسة التمثيل أصعب من ممارسة الطب.
يوسف شعبان، النقيب السابق للممثلين، يؤكد أن أشرف زكى لن ينجح فى فرض النقابيين على السوق وأنه ترك دوره كنقيب وعمل "دلالاً" للممثلين من أجل الانتخابات المقبلة فى حين أن النجوم الكبار أغلبهم ليسوا من خريجى الأكاديمية، وعقدة الأكاديمى موجودة فقط داخل المعهد.
الدكتور أحمد سخسوخ ، يشير إلى أن الموهبة تحتاج إلى تدريب تقنى وقدر من الثقافة، ولكن هذا لا ينفى رأيى فى أن معظم من لم يحالفهم الحظ فى استكمال مشوارهم فى الدراسة بالمعهد يتمتعون بموهبة جيدة جداً مثل خالد صالح الذى تخرج فى الأساس كلية الحقوق، ولكن نشاطه على مسرح الجامعة نمى بداخله الموهبة واكتسب الخبرة والمهارة من خلال الممارسة فى السوق.
الناقد السينمائى عصام زكريا وصف قرارات أشرف زكى بـ"المتخلفة" وأكد أنها ناتجة عن أفكار مريضة وعدائية "أنا ضد أن يقاس الفن بالشهادات أو الجنسيات، لأن الموهبة لا تعترف بهما، ومن يؤمن بذلك أصفه بأنه عنصرى، وهذا ما فعله أشرف زكى بقراراته الوصولية، لكى يكسب شريحة معينة من الفنانين يساعدونه على الفوز بالدورة الانتخابية المقبلة، ولا يعى أنه يضر بالصناعات الفنية، وبعدين دراسة أيه التى ينادى بها فى بلد لا تعترف بالشهادات، ومعهد أيه الذى يحرص أشرف على إيجاد فرص عمل لطلابه فى الوقت الذى يدرس لهم فيه أساتذة ليس لديهم أية قدرات إبداعية".
الناقدة ماجدة موريس تقول إنه يجب قبل الاعتراض على قرارات أشرف زكى التأكيد على أن هناك بعض الوجوه التى تعمل بالمجال الفنى ليست مؤهلة بأى شكل من الأشكال لامتهان هذا العمل، وهناك البعض من النجوم الموهبين على الساحة لم يتمكنوا من إصقال الموهبة دراسياً بسبب عائلاتهم التى فضلت رؤيتهم أطباء ومهندسين، فلبوا لهم رغباتهم ثم عملوا فى الفن.
المؤلف أسامة أنور عكاشة، يشير إلى أن القرار المريض لن ينقذ الشاشة الفضية، وإنما "سيقسم ظهر" المخرجين والكتاب الذين سيضطرون لتكرار العديد من الوجوه فى أعمالهم بعد أن كان لديهم اختيارات متعددة، ولا يعنى وجود وجوه لا تصلح للتمثيل أن يحكم أشرف زكى على الآخرين بعدم العمل.