بدأ الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى الخميس جولة جديدة من المفاوضات حول الأزمة اللبنانية بدأها من بيروت بلقاءين متتاليين مع زعيم التيار الوطنى الوطنى الحر – مفاوض المعارضة – العماد ميشال سليمان، والنائب ميشال المر ونجله وزير الدفاع إلياس المر، وإن لم يكشف النقاب عن مضمونها، غير أن أطرافها أبدوا إشارات تتسق والأجواء التى سبقت الزيارة ربما ترجح حدوث انفراجة على الساحة اللبنانية بإمكانها أن تقود إلى إحداث نوع من تغيير مواقف الأطراف ومن ثم تغيير قواعد اللعبة التى أبقت على أزمة الفراغ الرئاسى اللبنانى حتى طرقت شهرها السابع.
أول تلك المؤشرات بدأت مع تسريب أنباء حول حدوث مجموعة من الاتصالات بين أقطاب الموالاة والمعارضة من ناحية، وبين الداخل والخارج من ناحية أخرى ، ظهرت إلى العلن مع الكشف عن الوساطة التى يلعبها كل من الرئيس العراقى جلال الطلبانى على المسار السورى والأكثرية النيابية، ورئيس الوزاء التركى رجب طيب أردوجان على المسار السورى الإسرائيلى. قضيتان وإن لم تتقاطعا بشكل مباشر إلا أن نقاط التماس بينهما أكثر وضوحاً فى سلة القضايا العربية المشتبكة إلى حد التعقيد والجمود. الوسيط العراقى استطاع انتزاع حالة التصعيد من وليد جمبلاط والرئيس الأسد وقف شروط ملزمة للطرفين تقضى وفق الحملات المستمرة ضد النظام السورى.
خيوط الحراك على مستوى الأزمة اللبنانية بدأت خيوطها تتكشف بعد زيارة رئيس مجلس النواب اللبنانى نبيه برى إلى دمشق منتصف الشهر المنقضى ولقائه الرئيس الأسد، أعقبها بزيارة إلى مصر ولقاء مع الرئيس مبارك، تواكب ذلك مع حدوث نوع من الدفع المصرى السعودى لإلقاء الضوء على أهمية حلحلة الأزمة مع الجلسة الـ 19 لمجلس النواب 13مايو الجارى، فى نفس الوقت تلقت سوريا مجموعة من الرسائل الدولية بعث بها "نادى أصدقاء لبنان" على هامش اجتماع دول الجوار العراقى قبل أسبوعين، فحواها أن الإدراة السياسية لمحور سوريا حزب الله إيران لن تعوق إرادتهم، طالما أن الحل والربط فى لبنان ليس من داخلها. ويعلق على ذلك د. عبد المنعم سعيد مدير مركز دراسات الأهرام " الطرفان المصرى والسعودى جادان ونشطان خلال الفترة الأخيرة لإنهاء الأزمة البنانية وهذا معناه أن الأطراف لا تريد تسجيل مواقف بل تريد حلحلة الأزمة قبل مغادرة إدراة بوش، وهناك سباق زمنى على هذا الصعيد ، والولايات المتحدة تدعم هذه الأمور، وبالتالى المطلوب من قبل هذه الأطراف وما تعمل عليه هو هيكل دبلوماسى لا يترك القضايا لفراغ استراتيجى وبالتالى السباق يجرى من الآن بين الأطراف على قدم وساق قبل المؤتمرات الكبرى للحزب الديمقراطى، فضلاً عن زيارة بوش للمنطقة الأيام المقبلة، الذى ستقترن بعملية بلورة للدور الدبلوماسى فى المنطقة".
فى حين اعتبر السفير د. عبد الله الأشعل مساعد وزير الخارجية سابقا أن : الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل بدأنا فى الوقت الراهن إشاعة حالة من الأمل فى المنطقة بأن التفاعلات الاستراتيجية المجمدة على ساحة الشرق الأوسط بدأت تتقارب، وهناك رغبة عربية فى إشاعة جو من الأمل الموازى، ولكن الخشية هنا من أن يكون هذا الجو هو نوع من الأمل الكاذب الذى لا يقود إلى أى إنتاج، فلا توجد مؤشرات حقيقية حتى الآن يمكن أن تؤدى إلى الأمل فى حدوث أى نوع من الحراك .
أجواء الانفراجة لم تسلم من أصوات المعارضة التى استغربت مقولة برى " الحوار معى والتفاوض مع عون" ببيان قالوا فيه "كأن الحوار شىء والتفاوض شىء آخر" توازى ذلك مع بيان للأكثرية اعتبره رئيس مجلس النواب نوعاً من رفض مبادرة الحوار، غير أن اتصالاً جرى بينه وبين زعيم كتلة المستقبل النائب سعد الحريرى رجح إنهاء جو القطيعة بينهما.
الأزمة اللبنانية باتت إذن رهينة مهمتين الأولى تبدأ مساء الخميس بلقاء موسى ـ الأسد فى دمشق، والثانية مدى نجاح برى فى تجاوز مطبات معارضيه التى سيبنى عليها جمع أكثر كم من الفرقاء على طاولة حوار غايتها البحث عن ضمانات لانتخاب رئيس للبنان فى 13 مايو الجارى كى لا يكون مصيرها التأجيل كسابقاتها .
أصبح لسان حال ثلاثة أطراف لبنانية فى مربع الانفراجة، الحريرى ورئيس حزب الكتائب أمين الجميل الذى اعتبر أن "الحوار تنقية أجواء ومعرفة نوايا"، ومعهم شارل شدياق رئيس حزب الإصلاح الجمهورى الذى اعتبر أن "انتخاب رئيس الجمهورية من دون شروط مسبقة باعتباره الأولوية للدستور اللبنانى وللمبادرة العربية ومدخل الحل الوحيد لحل الأزمة اللبنانية"، فى مقابل "لا تعليق" من جانب حزب الله الذى لا يزال يضع أوراقه ضمن ملفات العماد عون. الأمر الذى علق عليه د. الأشعل بقوله: الأطراف اللبنانية بدأت مرحلة تتجاوز سياسة حافة الهاوية بعد المخاوف من حدوث تصعيد على مستوى الشارع اللبنانى والتى يمكن أن تستغل خلالها شعارات تؤدى إلى نوع من الصدام، أو انفجار فى الشارع نتيجة لحالة الاحتقان الراهنة .
لبنان وأطراف أزمته بين الداخل والخارج، عيونهم باتت صوب قاعة مجلس النواب، أكثريتهم أكثر إلحاحا فى أن يذهب العماد ميشال سليمان إلى قصر بعبداً، وفرق معارضيهم أكثر إلحاحا إلى القفز على المبادرة العربية، ولكن هل تنجح الانفراجة فى تحريك الإرادة السياسية لعناصر الأزمة؟.. سؤال لن يجاب عنه قبل يوم الـ 13 من مايو الجارى..
موسى بين بيروت ودمشق .. أجواء انفراجة ينقصها الإرادة السياسية
الجمعة، 02 مايو 2008 11:58 ص