فتحى الشوادفى

الإسلام دين الدولة .. فما هو دين الشعب ؟

الجمعة، 02 مايو 2008 09:52 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
إذا كان النص الدستورى أن الإسلام دين الدولة، والشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع يعنى أن الدولة المصرية مُلزمة أن تكون قوانينها وتشريعاتها مطابقة للشريعة الإسلامية فما هو دين الشعب المصرى الذى يطبق عليه عاداته وتقاليده وعلاقاته الاجتماعية قياساً على هذا المعنى؟

تبادر إلى ذهنى هذا السؤال الذى يبدو غريباً وأنا أتابع هوجة محاولة تحريم الاحتفال بشم النسيم وهى المحاولة التى اعتدناها كل عام واعتدنا أيضاً على فشلها فى مواجهة القانون الشعبى المصرى الذى يلزم المصريين بمنظومة أعياد شعبية بطلها الرئيسى هو التسامح الدينى ولا فرق فيها بين عيد الفصح وسبت النور وشم النسيم ذات الطابع المسيحى أوعاشوراء ومولد النبى ذات الطابع الشيعى، بالإضافة إلى الأعياد الإسلامية ، تماماً كما تضم قائمة موالدهم آل البيت مضافاً إليهم مارى جرجس والقس برسوم ، وكجزء لا يتجزأ من هذا القانون أو -الدين- الشعبى تأتى مراسم استقبال المولود المسلم مصرياً وذلك خلال " السبوع " حيث تستقبله صيحة الله أكبر والشهادة بمجرد ولادته ثم الاحتفال بمولده فى اليوم السابع بطقوس تمزج بين الفرعونى والمسيحى .

ووفقاً للمثل العامى فالدين الشعبى يُلزم المسلم بـ " أكل رغيف والمحاربة بسيف المسيحى " محدداً بذلك علاقة تتجاوز أوهام حكم الإسلام النفطى أو الوهابى فى جواز وعدم جواز مصافحة النصرانى كما تنص الفتاوى الواردة إلينا عبر الفضائيات وشرائط الكاسيت والكتيبات الناشرة للمرض الطائفى الذى يسعى عن قصد ومع سبق الإصرار والترصد إلى حرمان مصر من واحدة من أهم عبقريات تكوينها والتى أهلتها دوماً لدور الريادة الإقليمية استناداً إلى نجاح المجتمع المصرى فى صهر العلاقات الإثنية فيما بين مكوناته.

وهذا الدين الشعبى ليس بدعة ولا يتناقض مع الشريعة الإسلامية ولكنه فهم خاص وصحيح للإسلام الصحيح ولا يحتاج لفتوى من فقهاء يكفرون من يقول إن الكرة أرضية ، ولا ينتظر دعاة " الدعوة شو " الذين يتبعون مقولة خالف تُعرف كأسلوب للشهرة وجنى المال ريالاً ودولاراً دون أى اعتبار لخطورة أفكارهم على سلامة الوطن .

ودعونا نتذكر أن هؤلاء الفقهاء لم يضروا العلاقة بين عنصرى الأمة فقط ، بل وصل ضررهم إلى البيت المصرى وليس أدل على ذلك من قيام شاب مصرى مسلم بقتل والدته وهى السيدة الفاضلة التى رفضت الزواج حتى تربيه وتدير صيدلية أسفل منزلها للإنفاق عليه فكان جزاؤها القتل على يد ابنها لأن فتوى من هذا النوع تسربت إلى عقل طالب الهندسة المتفوق بأن والدته تلك كافرة لأنها تعمل .

ولا يتسع المقام هنا لرصد الآثار القاتلة للفكر التكفيرى على المجتمع المصرى بشكل عام ولكن يهمنا القول إن محاولة المساس بالتعايش المصرى الرائع من خلال هدم الفهم المصرى للإسلام لا يختلف كثيراً عن محاولات البعض لهدم الفهم المصرى للمسيحية، وهو فهم خاص له عبقريته أيضاً ، ولن تتوقف محاولات معسكرى الشر عن تأليب عنصرى الأمة ضد بعضيهما سعياً وراء هدف مشترك يعلمه القاصى والدانى ومن لا يعلمه يسأل العراقيين واللبنانيين .

والتصدى لهذه المحاولات لن ينجح بالاستقواء بأى من معسكرى الشر وتبنى أجندته تحت مسميات ينطبق عليها قول كلمة حق يراد بها باطل ، وإنما يكمن فى إعلاء تلك الحقيقة التاريخية التى أفرزها المصريون، وهى إن مصر وطن وليست مذهب أو دين ولا فضل فيها لمسلم على مسيحى أو لمسيحى على مسلم إلا بالوطنية ، وهى الحقيقة التى جعلت المجتمع المصرى فى هذا الإطار أكثر تقدماً ورقياً من دول تتغنى بالمساواة دون إن تلتزم بها .







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة