تقرير التنمية البشرية: سياسة الحزب الواحد أضعفت النقابات

الإثنين، 19 مايو 2008 08:02 ص
تقرير التنمية البشرية: سياسة الحزب الواحد أضعفت النقابات
كتب محمود عسكر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أكد تقرير التنمية البشرية 2008 أن التنمية الاقتصادية هى عملية مركبة تقوم على الشراكة بين الدولة والمجتمع المدنى وأن النقابات والاتحادات المهنية هى أكثر مؤسسات المجتمع المدنى التصاقاً بعملية التنمية إلا أن هذه النقابات يعتريها الكثير من أوجه الضعف التى تعيقها عن تأدية دورها فى التنمية يتمثل أهمها فى علاقتها بالدولة وأن أية رغبة فى إصلاح حال النقابات تتطلب اعتماد النقابات على نفسها وفصلها تماماً عن إشراف وسيطرة الدولة عليها، كما يتطلب حزمة متكاملة من الإجراءات بالتشاور مع جميع الأطراف.

أكد التقرير أن التنمية الاقتصادية هى محصلة تفاعل بين المجتمع والدولة، ويرى التقرير أن التنمية المتوازنة هى محصلة للعلاقات التفاعلية بين الدولة والقوى الاجتماعية، وأكد التقرير أنه رغم أهمية المجتمع المدنى فى عمليات التنمية إلا أنه لا يمكن أن يكون بديلاً عن الدولة، موضحاً أن كثرة الجدل حول دور الدولة والمجتمع المدنى أدى إلى إهمال الكثير من قضايا التنمية، مشيراً إلى أن المجتمع المدنى مهما تمدد فهو ليس بقادر على الإحلال محل الدولة فى وظائفها الأساسية والسيادية، كما أن الدولة مهما اتسع دورها لا يمكنها أن تبتلع المجتمع المدنى، ولفت التقرير إلى أن هناك من يعتقد أن هناك علاقة عكسية بين الدولة والمجتمع المدنى، بمعنى إذا كانت الدولة قوية يكون المجتمع المدنى ضعيفاً، وإذا كانت الدولة ضعيفة يكون المجتمع المدنى قوياً، إلا أن الواقع يؤكد أن الدولة القوية شرط أساسى لقوة وازدهار المجتمع المدنى أى أن تقدم المجتمع المدنى يتوقف على فاعلية وكفاءة الدولة.

وأكد التقرير أن الاتحادات والنقابات هى جزء لا يتجزأ من المجتمع المدنى إلا أنه عندما طرح إعطاء دور أكبر للمجتمع المدنى فى مصر كعلاج لتباطؤ عملية التنمية تم إقصاء النقابات على أساس أن المجتمع المدنى الحقيقى هو المتحرر من سيطرة الدولة التى ساهمت بدورها - دون أن تدرى – فى قيام بعض الجهات باستغلال هذا الوضع.
ولفت التقرير إلى أن حضور الدولة فى المنظمات والاتحادات والنقابات لا يجب أن يغفل أن هناك ميلاً داخل هذه المنظمات إلى تصحيح علاقاتها بالدولة وإلى الفوز باستقلالية أكبر منها.

كما أشار التقرير إلى أسباب ضعف الحركة النقابية فى مصر، لافتاً إلى أن ضعف النقابات فى مصر يرجع إلى الكثير من العوامل منها ما يتعلق بالنقابات نفسها وعلاقتها بالفئات الاجتماعية والمهنية التى تقوم عليها ومنها ما يتعلق بعلاقاتها بالدولة وبالتيارات السياسية المختلفة وبالإطار التشريعى والقانونى الذى تعمل من خلاله.

وأجمل التقرير أهم أسباب ضعف الحركة النقابية فى علاقة النقابات بالفئات التى تمثلها، مشيراً إلى أن النقابات من هذه الناحية نوعين: الأول يضم كل أو معظم العاملين فى المهنة ويكون الالتحاق بالنقابة فى هذه الحالة إجبارياً وشرطاً لمزاولة المهنة مثل الحال فى نقابتى الأطباء والصيادلة واتحاد الغرف التجارية وغيرها. والنوع الثانى يضم بعضاً أو جزءاً من ممارسى المهنة ويكون الانضمام إلى النقابة ليس شرطاً لمزاولة المهنة مثل نقابة الصحفيين.

وقال التقرير إنه بغض النظر عن حجم العضوية فإن مشاركة أعضاء النقابات تكون محدودة وضرب التقرير مثلاً على ذلك بما حدث عندما سيطرت جماعة الإخوان على معظم مجالس إدارات النقابات المهنية فكان الرد الحكومى للسيطرة على ذلك بإصدار القانون رقم 100 لسنة 1993 الذى فرض حداً أدنى للتصويت فى الانتخابات بـ50 % فى الجولة الأولى والثلث فى الدورة الثانية وبدون تحقيق هذا الحد الأدنى لا يتم الاعتراف بنتيجة الانتخابات، وهكذا تعطلت معظم النقابات المهنية لأن نسبة التصويت بها لا تصل أبداً إلى النصف أوالثلث.

والسبب الثانى لضعف النقابات هو طبيعة النظام النقابى نفسه، بالإضافة إلى غياب عنصر مهم من عناصر نجاح قيام النقابات المهنية بدورها وهو المنافسة لأن الدولة تنظر دائماً إلى التعددية الاجتماعية بعين الريبة، معتقدة أنها يمكن أن تؤدى إلى انفراط عقد المجتمع فانضمت النقابات إلى الدولة واكتسبت إحدى خصائص الدولة وهى الاحتكار وبالتالى غاب عنها فكر المنافسة. كما أشار التقرير إلى أن التداخل بين المجتمعين المدنى والسياسى فى مصر من أهم أسباب ضعف النقابات والمجتمع المدنى عموماً.

وأكد التقرير أن إصلاح النقابات فى مصر حتى يمكنها أن تلعب دورها بكفاءة فى عملية التنمية يتطلب أمرين أساسيين: أولاً إخراج العمل السياسى المباشر من أروقة النقابات إلى الساحة الحزبية، ثانياً: عدم اشتغال النقابات بالعمل السياسى غير المهنى، مؤكداً أنه من حق النقابات أن تتفاعل مع السياسة إذا كان ذلك نابعاً من مقتضيات الدفاع عن مصالح مهنية وفئوية لكن ليس للنقابات أن تدخل للسياسة لتحقيق أهداف سياسية وطنية عامة لأن هذه وظيفة الأحزاب السياسة. إن اشتغال النقابات بالسياسة هو نتيجة طبيعية لتوجهات السلطة السياسية فى مرحلة الحزب الواحد.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة