سفير د.عبدالله الأشعل

القراءات المختلفة للمشهد اللبنانى

الأحد، 18 مايو 2008 12:12 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
المشهد فى لبنان تتم قراءته بطرق مختلفة ومتناقضة, ولكن القراءات لا تراعى مصلحة الشعب اللبنانى ومستقبل لبنان. فهناك من يرى أن الحكومة وقوى 14 آذار مستمرة فى إقصاء المسيحيين والشيعة ولا تصغى إلى الرسائل المتعددة التى تنبهها إلى الطابع الطائفى للحكم, وأن استقالة الوزراء الشيعة تجعل الحكومة غير شرعية وفق الدستور وأن كل تصرفاتها غير مشروعة, وأنها لم تأبه للاعتصامات والاحتجاجات, فهى بذلك احتكرت السلطة لصالح طائفة قليلة من السنة, وهى فى النهاية مدعومة من إسرائيل والولايات المتحدة وبعض الدول العربية.

ثم اتهمت الحكومة بأنها تتآمر على المقاومة لأنها لا تريد مقاومة أصلا مادامت إسرائيل حليفا غير مباشر لها. بينما القراءة الأخرى هى أن حزب الله تضخم سياسيا وعسكريا فى الفراغ اللبنانى وأصبح بحجم الأمة كلها ما دام يتصدر المقاومة, ولكن الحزب مدعوم من سوريا وإيران ولابد أن ينفذ أهدافهما مادام الدعم له مقابل دائما, وهذا المقابل سيكون ضد مصالح لبنان.

يقول أصحاب القراءة الأولى إن الحكومة لم تكتف باحتكار السلطة وإغفال المعارضة ولكنها أضافت إلى ذلك قرار مواجهة حزب الله بالحديث أولا عن نزع سلاحه ثم التحرش به عن طريق قرارها بتفكيك شبكة اتصالات الحزب وهى ضرورية لحماية المقاومة من إسرائيل, وهذا القرار يمثل الخطوة الأولى فى مسلسل العمل على التصدى لحزب الله نيابة عن إسرائيل أو بالتنسيق معها, ولذلك نشر الحزب قواته للدفاع عن نفسه ضد الداخل, وأن الارتباط أصبح حتميا بين تهديد الداخل اللبنانى, وتهديد إسرائيل على الأقل من حيث التقاء المصالح بين الموالاة وإسرائيل, فلابد من التصدى للخطرين معا فى الداخل والخارج, بعد أن أصبح الفصل بينهما مستحيلا. ترى هذه القراءة أيضا أن استخدام القوة يغير الموازين السياسية مما يفتح الباب لحل يصحح الخلل الذى تمسكت به الموالاة.

على العكس ترى القراءة الثانية أن الاستيلاء على بيروت كان مخططا وأن الحزب انتهز فرصة قرار الحكومة حول شبكة اتصالاته لتنفيذه, وأنه بذلك يحول لبنان لساحة للنفوذ الإيراني, و للصراع الإيرانى الأمريكى أيضا , ولذلك فهناك مبرر لقلق واشنطن مادامت إيران تقدمت فعليا إلى أرض جديدة محسوبة على الساحة الأمريكية.

عبرت عن القراءة الأولى المواقف السورية القطرية بأن الأزمة شأن داخلي, أما القراءة الثانية فقد تبنتها دول وأقلام عربية وأجنبية, حيث دعت هذه القراءة إلى التمييز بين حزب الله المقاوم, وحزب الله المرتبط بإيران, المدافع عن مصالح الشيعة فى لبنان وحزب الله كمنظمة دينية يخلط السياسة بالدين بطريقته فيفقد تعاطف الملايين بسبب نجاحه الباهر فى المقاومة.

هكذا اجتمع وزراء الخارجية فى القاهرة يوم 11مايو الماضى وهذا المشهد بالقراءتين المتعارضتين أمامه, فإن صار المجلس ساحة للصراع بين القراءتين عجز عن التسوية, وإن ركز على الإنقاذ اصطدام بتداعيات القراءتين حيث أصبحت القراءتان واقعا لا سبيل إلى إغفاله, ومع ذلك يدرك الجميع أن الحذر فى تناول الأزمة واجب والقلق على لبنان وارد, وأن لبنان الوطن والدولة هو المهدد بالفناء بعد أن تجاهلنا أزمة العيش المشترك والقراءة الموضوعية للقوى المتغيرة فى الساحة اللبنانية, ولكن تبقى إسرائيل فى التحليل الأخير هى المستفيد الوحيد, وهى اللاعب الذى يخلط الأوراق حتى يصبح العيش المشترك مستحيلا.

ختاما, فإن القفز فوق الحقائق يدفع إلى التضحية بكل لبنان, وكلما قصرت قامة الدولة, كلما ارتفعت قامات الطوائف التى أصبح الولاء كله لها. وأضحى الحديث عن الدولة وسيادتها وبسط سلطتها على أراضيها, واستقلالها أمرا أشد تعقيداً وخطورة.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة