أيمن فودة: مصلحة الطب الشرعى فى انهيار وتقاريرها لا تتجاوز الحبر على الورق

السبت، 17 مايو 2008 06:46 م
أيمن فودة: مصلحة الطب الشرعى فى انهيار وتقاريرها لا تتجاوز الحبر على الورق أيمن فودة رئيس مصلحة الطب الشرعى السابق
حاورته إحسان السيد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
صدق أو لا تصدق.. من يسير على كوبرى 6 أكتوبر يمكنه وبسهولة مشاهدة عملية فحص المغتصبة فى مصلحة الطب الشرعى.. ليس هذا فحسب، بل إن التقارير التى تصدرها المصلحة فى أغلبها "مضروبة".. هذه الاعترافات وغيرها قالها الدكتور أيمن فودة رئيس المصلحة السابق، ليؤكد بذلك ما أعلنته منظمات المجتمع المدنى من شكوك فى هذه التقارير.

هناك بعض المنظمات الحقوقية تشكك فى دقة تقارير الطب الشرعى وتصفها بالتقارير"الملونة" خاصة فى قضايا التعذيب؟
بعض التقارير يشوبها عدم الدقة وهو ما يؤدى إلى إثارة البلبلة حول أداء المصلحة، وفى الآونة الأخيرة أصبح هناك اتجاه عام لمهاجمة ضباط الشرطة، وتوجد بالفعل تجاوزات داخل أقسام الشرطة لكن الحكومة غير مسئولة عنها بدليل أن الضابط الذى يتهم فى قضية تعذيب كثيراً ما يعاقب ويسجن، وأذكر مثلاً قضية تعذيب بقسم شرطة اتهم فيها المأمور والضابط بضرب المجنى عليه مما أدى إلى وفاته ولم يذكر الشهود فى القضية أن المجنى عليه تم صعقه بالكهرباء لكن تقرير الطب الشرعى هو الذى أكد الواقعة وأثبت تعرض المجنى عليه للصعق بالكهرباء بالرغم من أنه لا توجد علامات على جسد المتوفى تفيد بذلك.

وإلى أى مدى يصل عدم الدقة فى تقارير المصلحة، إذن هناك تقارير طبية تبنى على معلومات خاطئة؟
هناك تقارير لا تبنى على أسس جوهرية جيدة وهو ما يعطى الفرصة أمام مكاتب الطب الشرعى الخاصة لنقض هذه التقارير، ومن حقها فى هذه الحالة أن تطعن فى تقرير المصلحة قانونياً.

إذاً أنت تتهم تقارير المصلحة بعدم الجودة؟
بالطبع لأن عدم وجود الأجهزة المطلوبة يؤثر على كفاءة الكشف وهو ما يتسبب فى ظلم بعض الضحايا أو المتهمين، والمصلحة بشكل عام تعانى من القصور فى الإمكانات فى كل شىء.

البعض يتهم المصلحة بقصور فى الأداء فيما يتعلق بالتعامل مع حالات الاغتصاب، ومن أبرز الاتهامات عدم معاملة المجنى عليهن بشكل يراعى حالتهن النفسية؟
هذا صحيح، فالمصلحة تعانى من عدم توافر متخصصين فى الطب الشرعى وخاصة فى الأقسام الحيوية وهو ما يؤدى لمشكلات حقيقية بعضها فى التعامل مع المجنى عليهن فى حالات اغتصاب، ومن المفترض أيضاً أن يكون هناك جهاز تمريضى داخل المصلحة يتعامل مع المغتصبات اللاتى يصبن بهلع عند رؤية الأطباء الرجال ولكن ذلك لا يتم.

إذاً كيف يتم الكشف على ضحايا الاغتصاب؟
لابد من فحص المتهم والمغتصبة، المتهم قد يكون مصاباً بجروح مثلاً نظرًا لمقاومة المغتصبة أو تمزق ملابسه كما يتم فحص الشعيرات الخاصة به والمتواجدة على جسد المغتصبة، وكذلك الإفرازات المهبلية التى قد تكون متواجدة على ملابس المغتصب والتى يتم تحليلها عن طريق الـDNA لتكون علامة قاطعة على حدوث مجامعة جنسية. أما ضحية الاغتصاب فيتم الكشف على جميع أجزاء جسدها، بداية من شعر الرأس حتى قدميها وأيضاً فحص جميع ملابسها ومدى وجود تمزقات بها مثلاً قد يكون هناك عنف فى التعامل مع هذه الملابس كما يتم البحث عن أى آثار مادية - الحيوانات المنوية - أو تلوثات عليها.

هل هناك عوامل تؤخذ فى الاعتبار أثناء الكشف عليها؟
فى جميع الأحوال يعد عامل السن مهماً لأنه إذا كانت الضحية تحت سن الـ18 تعتبر الجريمة اغتصاباً حتى لو تم ذلك برضائها؛ وإذا كان سنها بين السادسة والثامنة فهو سن عدم التمييز و بالتالى الجريمة هنا معذرة، والحالة العقلية أيضاً أحد العوامل المهمة لأنها تعطى مؤشراً للموافقة الضمنية.

وما هى الأجهزة التى يتم الاستعانة بها فى الكشف على ضحايا الاغتصاب؟
عادة يتم الكشف بالعين المجردة وهذا لا يكفى، فمثلاً فى قضايا هتك العرض هناك بعض العلامات التى تلاحظ بالعين المجردة مثل عدم وجود ثنيات أو أن تكون فتحة الشرج عميقة، لكن هذه العلامات قد تكون فيها أمراض لا يمكن ملاحظتها بالعين المجردة وتتطلب أجهزة دقيقة لعمل رسم لعضلات الشرج ورسم للنبضات العصبية، حتى يمكن أن نحصل على درجة تأكيد أكبر وأدق.

وما هى هذه الأجهزة الدقيقة اللازمة لإصدار تقرير شرعى دقيق؟
هناك مثلاً أجهزة مكملة للكشف مثل المناظير الإلكترونية المهبلية، وهذا الجهاز متواجد بإنجلترا منذ 30 سنة، والتى تكمن أهميته فى تكبير الجزء التناسلى للمغتصبة لتساعد على تحديد أماكن التمزقات والفترة الزمنية المنقضية بين عملية الاغتصاب والعرض أى لتحديد تاريخ الواقعة، من المفترض أن يتم أخذ مسحات مهبلية من الفرج لتحليل الحيوانات المنوية وإجراء تحاليل الـDNA فى المعامل، كما لا يوجد وحدة تشخيص أسنان وهناك طفرة فى استخدام علم الأسنان فى الطب الشرعى لتشخيص "العضة" فى الاغتصاب مثلاً، كما لا يوجد وحدة أشعة تشخيصية للطب الشرعى وكذلك جهاز الموجات فوق الصوتية و الذى نستطيع من خلاله التعرف على ما إذا كانت البنت حاملاً أم لا.

وهل هذه الأجهزة متوافرة لدى المصلحة؟
للأسف هى لا تتوافر فى المصلحة و بالتالى لا يتم إجراء مثل هذه الاختبارات مما يؤثر على جودة تقارير الطب الشرعى بنسبة قد تصل إلى 80 %.

وماذا عن أجهزة تحاليل الـDNA؟
أولا أجهزة تحاليل الـDNA لابد أن تتواجد فى وسط معقم ولكن فى الحقيقة غرف أجهزة تحليل الحامض النووى "سداح مداح" فعلى سبيل المثال لابد أن تكون أبواب هذه الغرف تفتح للخارج وليس للداخل لتقليل نسبة احتمالات التلوث داخل الغرفة، كما أن تعامل الأطباء مع الأجهزة لا يتم على أسس تدريبية عالية أى أن الشهادات التى حصلوا عليها لا تتناسب مع حجم العمل الذى يقومون به؛ وبالتالى فإن التقنية الضعيفة أدت إلى الخروج بنتائج غير دقيقة.

ولماذا لم تطالبوا بتوفير هذه الأجهزة وتوفير التدريب اللازم للكوادر الطبية؟
طالبنا بذلك من قبل وقدمنا خططاً لوزير العدل لتدريب الأطباء وتطوير المنشآت، كما أن وحدة الأشعة التشخيصية على سبيل المثال تتكلف حوالى 12 مليون جنيه ولا يوجد أى استعداد لتحمل تلك المبالغ مقابل شراء أجهزة علمية بل صرفها فى الحفلات و التهانى.

وماذا عن غرف الفحص بالمصلحة؟
أماكن الفحص بالمصلحة عبارة عن غرف داخل مبانى وهى غير مناسبة لفحص بعض الحالات مثل حالات ضحايا الاغتصاب، فيمكن لمن يسير أعلى كوبرى 6 أكتوبر رؤية المغتصبة أثناء الكشف عليها وهذا يعيب المصلحة، و لا يوجد أجهزة معاونة من خلال جهاز التمريض غير المتوافر بالمصلحة، ويضاف لذلك عدم وجود نظافة داخل تلك الغرف، كما أن مكاتب الطب الشرعى بالمحافظات تتواجد فى شقق مؤجرة وغير مجهزة، لذلك أطالب بأن يكون هناك وحدات خاصة للطب الشرعى داخل كل مستشفى، وأن يكون هناك مواصفات معتمدة للمبانى يتم مراعاتها بدقة.

البعض أيضاً يتهم المصلحة بالمماطلة والتأخير فى إجراء الكشف مما يؤثر على مجرى القضايا؟
عامل الوقت مهم جداً فى كشف جرائم الاغتصاب فلابد أن يتم عرض الضحية على الطبيب الشرعى بعد جريمة الاغتصاب مباشرة لأنه إذا مضى أكثر من أسبوع يكون من الصعب إثبات أى شىء، لكن المصلحة ليست مسئولة عن كل حالات التأخير وهناك عوامل أخرى مثلاً يكون هناك تأخير فى عرض المغتصبة على الطب الشرعى نتيجة لقصور فى إجراءات النيابة، وهو ما يؤدى إلى اختفاء الآثار والجروح و بالتالى يصعب الحكم بأنها جريمة اغتصاب لأنها جزء مهم من الأدلة.

إذاً أنت تؤيد ما يثار حول قصور مصلحة الطب الشرعى عن أداء دورها؟
بالتأكيد، وهناك قضايا "مضروبة" فمثلاً هناك قضية تعد بالضرب بين شخصين، قام الأول فيها بضرب الثانى "بعصا" فوق رأسه وهنا استند تقرير الطب الشرعى إلى أن الجرح طوله 12 سم ولكن كيف يكون هناك جرح بالرأس طوله 12 سم بالرغم من أن الرأس دائرية؛ وبالتالى فهناك إشاعات مستنسخة ومزورة إذن كيف يمكن التحقق منها؟ لابد من توافر أشعة أخرى لمقارنتها بها للتأكد من سلامتها، لكن ما يحدث هو الاكتفاء بالأشعة السينية التى لم يعد لاستخدامها وجود فى الوقت الحالى فى أى مكان فى العالم الذى يعتمد على استخدام الأشعة المقطعية والرنين والسونار.

يعنى أنت تتفق مع من يشككون فى مصداقية تقارير المصلحة؟
لا نشك فى مصداقية التقرير، لكن فى بعض الحالات قد يكون هناك إعابة فى تقرير الطب الشرعى أو حدوث أخطاء فى الاستدلال فيه نتيجة هذا القصور، ولكن لا يمكننى القول بأن التقرير خاطئ بل يشوبه القصور ويغفل بعض الأدلة، لهذا أؤكد على حاجة المصلحة لتدريب الكوادر وتوفير الأجهزة لأن كل ذلك يساهم فى إصدار تقرير دقيق ويتسم بالجودة.

وما نسبة الأطباء المتخصصين بالمصلحة؟
هناك 25 % من الأطباء حاصلون على درجة الدكتوراه؛ 50% حاصلون على درجة الماجستير و25% لم يحصلوا على شىء ويتعاملون مع هذه الأجهزة الدقيقة وبالتالى هناك نسبة عالية من احتمالية الخطأ فى تقاريرهم.

هذا يعنى أن المصلحة تعانى من قصور فى الكوادر المؤهلة؟
هذا صحيح، فالقصور يشمل الكوادر الفنية والكوادر المساعدة، والأطباء الموجودون بالفعل لا يتم تقديرهم بالشكل الكافى بل يتم استنزافهم، فلا تتجاوز رواتب الأطباء الشرعيين 1500 جنيه مما جعل الأطباء المعينين بالمصلحة يهربون إلى السعودية والكويت والإمارات حيث تصل رواتبهم هناك إلى 40 ألف جنيه و بالتالى لا يفضلون العودة إلى مصر مرة أخرى.

ولماذا لم يتم وضع ضوابط لسفر الأطباء للخارج؟
التعيينات فى المصلحة محدودة، وعندما قمت بعمل قرار لتحديد مدة الإعارة بحد أقصى ست سنوات "اشتكونى" لأنهم يريدون مدة الإعارة مفتوحة دون تقديم للاستقالة، كما أن العناصر التى تسافر للدول العربية هى أجود العناصر بالمصلحة ويتبقى بالمصلحة الأطباء ذوو الإمكانيات التى لا ترقى للمستوى المطلوب.

وهل هناك مشكلات أخرى تؤثر على أداء الطبيب الشرعى؟
لابد أن تكون هناك استقلالية فى القرار للطبيب الشرعى مثل حكم القاضى ولابد أن يكون لرئيس المصلحة مطلق الحرية فى القضايا التى تعرض عليه لأنه كبير الأطباء الشرعيين.

هل هذا يعنى أن رئيس المصلحة قد يتعرض لضغوط؟
بصراحة، السياسة المتبعة فى المصلحة هى سياسة العصا والجزرة "تعمل أديلك متعملش مفيش"، لكن هذا لا يعنى أن هناك ضغوطًاً تمارس على المصلحة، لكن رئيس المصلحة يؤثر عدم الإلحاح فى المطالب، لأن الإلحاح والتصميم فى المطالبة بشراء أجهزة أو بعثات خارجية للأطباء يؤدى إلى نتائج غير محمودة "تبقى وحش ويجيبوا غيرك علشان يقول كله تمام".

وما قيمة ميزانية المصلحة؟
حوالى 3 ملايين جنيه والمفترض أن تزيد خمسة أضعاف الميزانية الحالية.

ما رأيك فيما يثار حول مخالفات بيئية تتسبب فيها مخلفات التحاليل الناتجة عن المصلحة؟
هذه الجزئية تعانى فيها المصلحة من مشكلات بيئية كبيرة لأن الأدخنة التى تصدر عنها تؤثر على العاملين والميزانية لا تسمح بتوفير نظام وقائى مناسب.

ومن المسئول عن هذا التقصير؟
وزارة العدل لا تضع المصلحة ضمن أولوياتها، لأنها تعتبر أن دور مصلحة الطب الشرعى غير جوهرى بالرغم من أهميته البالغة فدورها لا يقتصر على إصدار التقارير فقط ولكن يتم تحليل عدد القضايا لوضع قوانين تمنع ازدياد مثل هذه الجرائم.

وهل هناك إحصائيات تصدر عن المصلحة؟
نعم ولكنها لا تتجاوز حدود الحبر على ورق ولا تؤخذ بشكل جاد نظرًا لأنها تفتقد الدقة.

وهل أوجه القصور الذى تعانى منها المصلحة، محدودة فى أقسام معينة أم فى المصلحة ككل؟
المشكلات تشمل المصلحة بجميع أقسامها، فالمصلحة تتكون من أربعة أقسام، الطب الشرعى الميدانى المسئول عن تشريح الجثث والقضايا الجنائية، الطب الشرعى المعملى القائم بفحص التحاليل الطبية وأبحاث التزييف والتزوير بالمستندات والعملات و الكمياء الطبية الشرعية والتى تبحث فى قضايا المخدرات. فى قسم الطبيعة الحيوية المفترض أن تقوم مصلحة الطب الشرعى بتعيين أخصائيين للإشراف على الأجهزة وأيضاً توظف أطباء متخصصين فى الأشعة التشخيصية، ولا يوجد أى طبيب متخصص بالأشعة التشخيصية بالمصلحة وبالتالى يلجأون للاستشاريين بالرغم من أن هذه الإشاعات تتم يومياً بمصلحة الطب الشرعى وبالتالى لا يستطيعون الوصول إلى نتائج دقيقة.

ومن المسئول عن مراقبة ومراجعة تقارير الطب الشرعى؟
المفترض أن تتم مراجعة تقارير الطب الشرعى عن طريق عدة لجان تشكل من كبار الأطباء حتى يصدر تقرير دقيق ولكن بسبب كثرة عدد القضايا وانخفاض أعداد الأطباء الشرعيين لا تتم هذه المراجعات بشكل جيد.

وكيف يمكن برأيك تطوير مصلحة الطب الشرعى لتكون على قدر الدور المطلوب منها؟
أرى أن المصلحة تحتاج لتطوير جذرى وتحتاج لثورة فى التطوير لأنها فى حالة انهيار شأنها شأن جميع مؤسسات الدولة التى تتأثر بالمناخ العام، و بالتالى لابد أن تخرج الدراسات من الأدراج لهذه العملية، وهناك حاجة ماسة لعمل دورات تدريبية للأطباء، بالإضافة إلى توفير مبان مستقلة ومجهزة للمصلحة.

لمعلوماتك..
تم إنشاء الهيكل العام للمصلحة عام 1928 بمعرفة الإنجليزى سيدنى سميث.
أيمن فودة تولى رئاسة المصلحة من فبراير 2005 حتى سبتمبر 2007، ويشغل الدكتور السباعى أحمد السباعى رئاسة المصلحة حتى الآن.
◄تتكون المصلحة من:
1- قسم الطب الشرعى الميدانى والطب الشرعى المعملى يتطلب الحصول على بكالوريوس طب وجراحة.
2- قسم المعامل الكيميائية وأبحاث التزييف والتزوير يتطلب خريجى كليات العلوم والصيادلة.
3- هناك قسم خاص بالتصوير الجنائى يتطلب خريجى كلية الفنون التطبيقية قسم تصوير سينمائى.
1820عام تأسيس مصلحة الطب الشرعى فى عهد محمد على باشا.
155عدد الأطباء الشرعيين.. منهم حوالى 90 طبيباً فى الخارج






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة