يروى شيمون بيريز، "آخر الآباء المؤسسين لإسرائيل"، لجريدة الفيجارو الفرنسية كيف عاش لحظة "ميلاد دولة إسرائيل" فى 1948، التى كان يحلم ببنائها بيديه. وتذكر الجريدة أنه لم يكن قد بلغ بعد الحادية عشر من عمره عندما وصل إلى الشواطئ الفلسطينية بصحبة والديه قادما من بولونيا. قام بيريز بدراسة الزراعة ليزرع، حسب قوله، "أرض الميعاد". ويقول: "كان اليهود شعبا بلا دولة.. وكان حلم الصهاينة هو الرجوع إلى وطنهم الأصلى، ليستعيدوا أرضهم ويعمروها بيدهم. عندما كنت صبيا، كنت أتمنى أن أصبح راعيا أو شاعرا. كنت أعتقد أن دولة المستقبل لن تحقق تقدمها إلا عن طريق الزراعة، لذلك درست الزراعة".
فى 1944، عمل بيريز سكرتيرا لكيبوتز "حالومى". وفيه استطاع إشباع طموحاته فى أن يعمل راعيا ومنتج ألبان. ثم التحق، قبل عام واحد من إعلان قيام إسرائيل، بجماعات الهجاناه اليهودية، التى أصبحت فى 1948 العمود الفقرى لجيش الدفاع الإسرائيلى. كان للقائه مع "بطله" بن جوريون أهمية كبيرة، حيث مثل هذا اللقاء تحولا فى حياته. ومنح بن جوريون، الذى أصبح الأب الروحى والمرشد لبيريز، منصب "قائد الموارد المادية والإنسانية" لجماعات الهجاناه الإسرائيلية.. وأصبحت عملية التزود بالسلاح هى مهمته الأساسية.
ثم سألته جريدة لوفيجارو عن رأيه فى عدة قضايا، منها:
التعاون الإسرائيلى مع الغرب (خاصة فرنسا) فى مجال الأسلحة
أمام تهديدات الجيوش العربية، تم إرسال بيريز إلى باريس. "كان البريطانيون والأمريكان يفرضون علينا حصارا على الأسلحة. ولم تكن لى معرفة جيدة بفرنسا ولم أكن أعرف كلمة واحدة بالفرنسية. لكن حدسى وحماسى دفعانى إلى التوجه صوب فرنسا لطلب المساعدة". لقد حققت هذه الزيارة فائدتها المرجوة لبيريز، حيث لم يحصل فقط على السلاح اللازم لحماية "الدولة الشابة"، لكنه نجح فيما بعد فى انتزاع صفقة Mirage III وأول مركز نووى هو "ديمونة"، جوهر نظام الردع الإسرائيلى. "تحقق حلمنا بإنشاء بيت لشعبنا. ولكن يبدو أننا لم ننتبه كفاية لأحلام الآخرين. وقد عوقبنا بالفعل لذلك.. فخلال ستين عاما، اضطررنا للدخول فى سبعة صراعات لحماية وجودنا. كان حلمنا هو الوجود وليس الصراع الأبدى من أجل الوجود".
الاعتداءات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين
بيريز لا يبدى الندم على أى عمل قام به، سواء الاعتداءات الذى قامت بها مجموعة شتيرن والإيراجون ضد القوات البريطانية، أو اغتصاب حقوق الفلسطينيين، أو دك القرى العربية... إذ يعتبر كل هذه الأفعال جزءا لا يتجزأ من الكفاح المطلوب لإنشاء دولة إسرائيل. يقول بيريز مهنئا نفسه على نجاح إسرائيل فى التأقلم داخل مناخ العداء الذى يحيط بها: "لم أكن لأصدق أنه خلال ستين عاما، تمكنا من أن نصل إلى عدد 5 أو 6 ملايين يهودي، أو أن يتوافد اليهود من اليمن وروسيا ودول أخرى، خاصة من الدول العربية. لقد تضاعف عددنا عشر مرات. لقد تعدى ما حدث حدود ما كنت أحلم به بكثير".
التكنولوجيا المتقدمة فى إسرائيل
"لم نكن نتصور أن العلوم ستحل محل الزراعة.. قمنا بزراعة التكنولوجيا المتقدمة. على غرار ما حققناه من معجزات فى مجال الزراعة، أثبتنا موهبة مميزة فى مجال التكنولوجيا الحديثة".
قضية الحدود الإسرائيلية
يأسف بيريز أن إسرائيل لا تزال تجهل حدودها النهائية: "يمثل هذا الأمر مشكلة كبيرة. إلا أن إسرائيل تمتلك بالفعل حدودا مع مصر والأردن ولبنان وكذلك حدودا مائية. لا ينقصنا الآن سوى الفلسطينيين وسوريا".
رجال الدين فى إسرائيل
يعرب بيريز عن قلقه تجاه التأثير المتزايد لرجال الدين القادرين على فرض وجهة نظر على الحكومة، بفضل نظام التمثيل النسبى فى الانتخابات: "أريد أن ينضم رجال الدين إلى الأحزاب السياسية، حيث إن وجود أحزاب دينية يضعف من نظام دولتنا. على الرغم من ذلك، فقد ظلت دائما قوة وطننا فى قدرتنا على تخطى فشل النظام، حتى نستطيع الاستمرار فى التقدم".
فشل حلمه فى بناء دولة على هيئة "كيبوتز" ضخم.. لكنه لم يتوقف عن التفكير
بيريز درس الزراعة ليزرع أرض الميعاد
الأربعاء، 14 مايو 2008 08:18 م
شيمون بيريز
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة