77 سبباً للغضب.. لكن انتفاضة 77 غير قابلة للتكرار

الأربعاء، 14 مايو 2008 02:02 م
77 سبباً للغضب.. لكن انتفاضة 77 غير قابلة للتكرار هل يثور الشعب المصرى؟
كتبت نرمين عبد الظاهر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى كل مرة ترتفع الأسعار, يخرج المحللون من مخابئهم ليعلنوا أن انتفاضة الشعب قادمة وأننا على مشارف تكرار أحداث 17/18 يناير 1977، لكن سرعان ما تخيب آمالهم وتتبخر أمانيهم، ويبقى الشعب على هدوئه القاتل, لا انتفاضات, ولا ثورات, ولا شىء يتحرك من مكانه. فقط تنشط ماكينة تحليلات تعدد أسباب تأخر الانتفاضة, وهى أسباب تتأرجح طبقاً للمحللين بين ضعف إدارة الشعب, وغياب نخبة سياسية قادرة على إزالة الخوف من نفوس الناس, وازدياد القبضة الحديدية لأجهزة الأمن التى لم تعد تخشى بعبع يناير. وتغير قوانين العمل.. هناك 77 سبباً للغضب, لكن من المتعذر تكرار انتفاضة 1977.
الظروف التى يعيشها الشعب المصرى حالياً تختلف عن ظروفه إبان أحداث 1977.. هكذا يشخص سمير فياض القيادى بحزب التجمع الأوضاع الحالية، قائلاً فى عصر الرئيس أنور السادات كانت قوانين العمل تخدم العمال بنسبة 70% والـ 30% فقط لخدمة الملكية، لكن الوضع انقلب فى الوقت الحالى. وأصبحت معظم القوانين تدافع عن الملكية أكثر من دفاعها عن العمل، وأضاف: النظام الحاكم يدعى الليبرالية، لكنها فى الحقيقة مجرد ستار لحماية الرأسمالية التى تهدف دائماً إلى تحقيق أرباح مركبة للملكية، ويؤكد فياض "أن هذا الوضع حول الشعب إلى أجير لمن يدير ومن يملك. ومن ثم لم تصبح لديه الإرادة التى توافرت له فى عصور سابقة، لذلك هو أضعف من أن يقوم بانتفاضة.
ليس هذا فقط. بل هناك وسائل أخرى للضغط على الشعب المصرى ونزع إرادته, يعددها فياض على النحو التالى: وضع الحكم فى قبضة المتحكمين فى الثروات والمحتكرين للسلع، والتلاعب المنظم فى الانتخابات, وعدم اضطلاع منظمات المجتمع المدنى بدور يذكر، وسيطرة الأمن الواضحة على الأمور فى البلاد, فأصبحت الدولة بكل مقوماتها وأجهزتها الأمنية والتشريعية فى خدمة رجال الأعمال.
سعد هجرس "مدير تحرير جريدة العالم اليوم" يرى أن انتفاضة الشعب مسألة معقدة للغاية، وأن ما حدث فى يناير 1977 لم يكن انتفاضة كما توصف أحياناً, لكنها مجرد "هوجة مؤقتة" على حد قوله ولم تحقق أهدافها بالشكل الذى يرضى الشعب، الحكومة خدعت الشعب بخفض الأسعار، وبعد فترة وجيزة عادت إلى ارتفاعها، ويرجع ذلك لغياب النخبة السياسية. ورغم ذلك فالشعب المصرى له طبيعة فكلما اعتقد الجميع أنه أصبح جثة هامدة فاجأهم بانتفاضة غير متوقعة، ويشير هجرس أن هذه النظرة تأكدت عبر مراحل التاريخ المختلفة، ومنذ عام 1977 وحتى 2005 كان الشعب فى طور البيات، نتيجة إلهائه وتهميش دوره وقتل روح المقاومة لديه، لكن هذه الجثة الهامدة عادت إليها الروح من جديد بعد تعديل المادة 76 من الدستور المتعلقة بانتخابات الرئاسة.
هجرس يرى أن التحليلات التى تذهب إلى توقع انتفاضة كبرى قادمة بأنها مجرد "توقعات لأشياء يتمنونها وينتظرون من الشعب أن يتحرك لتحقيقها، وعندما يفشل الشعب فى تحقيق أهدافهم يهاجمونه".
وعن دور الشعب المصرى فى البحث عن حقوقه المهدرة على يد الحكومات المتعاقبة، أشار هجرس إلى أن تفكير الشعب أفضل من تفكير من يطلق عليهم "النخبة السياسية" الذين يعتقدون أن الشعب عليه أن يتعلم منهم، والدليل على ذكاء الشعب المصرى أنه لم يقم بعد انتفاضة يناير 1977 بحركة عشوائية يكون رد فعلها عودة الأوضاع إلى ما كانت عليه.
مصر شهدت فى الفترة الأخيرة مجموعة من التحركات، ذروتها ما حدث فى يوم 6 أبريل الماضى، والتى تميزت بكونها جماهيرية وإن كانت لا تصل فى قوتها وتأثيرها إلى ما حدث فى 1977. لكنها حققت الهدف منها كما يؤكد حسنين كشك الخبير بالمركز القومى للبحوث, الذى أشار إلى أن الشعب لم يقم بانتفاضة حقيقية كبيرة فى الوقت الحالى لعدة أسباب, أهمها العلاوة الأخيرة والتى وصفها البعض بأنها مجرد "مخدر".. ونحن ننتظر موقف الشعب خلال الأسابيع المقبلة بعد انتهاء مفعول هذا المخدر، كذلك تسبب القمع الأمنى الذى تمارسه السلطة والنزيف الإعلامى فى إجهاض هذه التحركات أو تأخيرها، يتابع كشك، تجد القنوات الحكومية تؤكد أن ارتفاع الأسعار جاء للاستفادة من الأغنياء، لكن العكس هو الصحيح, حيث تؤدى هذه الارتفاعات إلى إرهاق الفقراء ومضاعفة ثروات الأغنياء.
الانتفاضة لا تحدث بمجرد الضغط على زر, تحتاج إلى قوى تساعد الشعب على خوض التجربة، ولكن لا يوجد فى مصر أحزاب ثورية ونقابات مستقلة، فكلها أصبحت تابعة للحكومة. فالأحزاب الموجودة على الساحة "أحزاب مع إيقاف التنفيذ" هدفها إصدار جريدة للكسب المادى والحصول على تمويل الدولة فقط. ولن يستطيع الشعب القيام بانتفاضة وحده دون قوى سياسية تنظمها وتدعمها.
ضياء رشوان الخبير بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية كان له تفسير مناقض فى قيام الشعب بانتفاضة يناير 1977 وعدم تكرارها لاحقاً, موضحاً أن الشعب المصرى بطبيعته مستسلم للواقع منذ 100 عام, وهو ليس من طبيعته أصلاً أن يشارك فى أى انفعالات أو أحداث داخل مصر. سواء كانت أحزاناً أو أفراحاً. لذلك لا يجب أن نقيس فاعلية الشعب فى القيام بانتفاضة على غرار انتفاضة يناير 1977 لأنها كانت استثناء, وليست شيئاً دائماً يفعله الشعب باستمرار. والدليل على ذلك أن الشعب لم يقم بانتفاضة مثلها سواء قبلها بـ50 عاماً أو بعد حدوثها بـ50 عاماً.
رشوان يؤكد أن الشعب والنخبة السياسية جميعها ليس لها وجود فى مصر، متسائلاً كيف يكون الشعب موجوداً ونسبة التصويت فى الانتخابات 25%، وبعد ذلك تسأل: هل بهذه النسبة يكون الشعب موجوداً ولديه فاعلية.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة