"مين اللى قال الختان عفة للبنت؟! عفة البنت فى أخلاقها و الأخلاق بتيجى من البيت, يعنى التربية, من الأب والأم . هتقولوا ده سلو بلدنا إحنا طلعنا لقينا نفسنا كده ماهو العلم نور". لافتة تحمل صورة لأم تحتضن ابنتها, إحدى اللافتات التى جذبت انتباهى أثناء توجهى لحضور لقاء البرلمانيين حول التعديلات المقترحة لقانون الطفل المصرى الذى أقامه المجلس القومى للأمومة والطفولة.
شهد اللقاء حضور السفيرة مشيرة خطاب أمين عام المجلس والدكتور محمد أبو الغار أستاذ أمراض النساء و التوليد بكلية طب القصر العينى, والدكتور عبدالله النجار أستاذ كلية الشريعة الإسلامية وعضو مجمع البحوث الإسلامية وعن وزارة العدل المستشار حاتم نجاتو. بدأ النقاش هادئا بكلمة افتتاحية للنائب أحمد شوبير الذى عبر عن سعادته بمناقشة تعديلات قانون الطفل التى من شأنها مواكبة التطور والتغيير فى المجتمع.
" توقعنا أن يكون هناك قدر كبير من المعارضة ولكننا دهشنا الجدل الذى أثير حول تجريم ختان الإناث" هكذا بدأت السفيرة مشيرة خطاب حديثها عن تعديلات المجلس حول قانون الطفل, حيث أكدت على أن المجلس قام باستطلاع العديد من الآراء الفقهية حول هذه التعديلات قبل عرضها على البرلمان المصرى.كما أوضحت أن التعديلات المقترحة أقرها مجلس الشورى كما هى دون أى تعديلات عليها وتتمنى أن تخرج كذلك من مجلس الشعب.
أشارت السفيرة إلى الجهود التى قام بها المجلس بالتعاون مع الشركاء من المجتمع المدنى والجمعيات الأهلية بهدف توفير المعلومة الصحيحة للأسرة المصرية لاتخاذ قرارات صائبة دون أى تضليل, وأكدت على أن التعديلات لا تخاطب تجريم الختان فقط ولكن تجريم العنف ضد الأطفال بشكل عام كتجريم حرمانه من التعليم, تجريم حرمانه من الخدمات الصحية وأيضا تجريم تعرضه لأعنف أشكال الظلم و القهر الذى يتمثل فى حرمانه من القيد عند الميلاد, لذلك " أنا أطالب بالنظر للتعديلات بعيون الطفل المحروم حتى نتمكن من فهم مغزى هذه التعديلات " . تجريم الختان ليست النقطة الوحيدة التى أثير حولها الجدل فى التعديلات الأخيرة, فهناك أيضا مزيد من الجدل أثير حول رفع سن الزواج إلى 18 سنة وإلزام المقبلين عليه بالكشف الطبى قبل توثيق عقد الزواج .
أكد الدكتور محمد أبو الغار على أن هناك أضرارا تعانى منها السيدة التى أجريت لها عمليه الختان فى الصغر خاصة فى العلاقة الحميمية, كما أشار إلى أهمية تغيير المفهوم السائد بأن الختان يحد من متعة البنت ورغبتها الجنسية، مؤكدا على أن هذه الرغبة تنبع من إحدى الأجزاء بالمخ وليست نابعة من الجهاز التناسلى, بالإضافة إلى أن هناك العديد من الأمراض التى تعانى منها كالتهاب المسالك البولية والتى قد تصل إلى العقم .
استمع جميع الحضور لكلمات الدكتور أبو الغار دون اعتراض حتى قام نائب الحزب الوطنى الدكتور سامح علام بانتقاد حديث أبو الغار قائلا " إن متعه المرأة بالعلاقة الحميمية تنبع من الجزء التناسلى وليس المخ، كما أن الأمراض التى ذكرها أبو الغار لا تحدث بالضرورة فى حالة الختان " , هنا احتد أبو الغار ورد قائلا " أنا سألت وعلمت أنك طبيب قلب وأنا طبيب أمراض نساء وتوليد وعملت فى هذا المجال لأكثر من أربعين عاما وأؤكد حديثى بما ورد على من حالات مثيلة ".
الدكتور عبد الله النجار أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر أشار إلى أن القانون لا يخالف الشرع، حيث أكد أن القانون "أخذ حقه" فى الدراسة الموضوعية من الناحية الشرعية استمرت لمدة 3 أشهر . بالرغم من هذه التأكيدات على مشروعية تعديلات قانون الطفل إلا أن هناك العديد من الآراء المعارضة لهذه التعديلات لبعض أعضاء مجمع البحوث الإسلامية مثل الدكتور محمد مختار المهدى, مصطفى الشكعة ومحمد رأفت عثمان . رد النجار مؤكدا على أن هذه الآراء مبنية على أحاديث مشكوك فى نسبتها إلى الرسول (ص).
أكد المستشار حاتم نجاتو على أن تعديلات قانون الطفل قد تبدو صادمة بمجرد النظر إليها ولكن بعد قراءتها بشكل جيد سوف تشعر بأنها محاولة لبناء مصر من خلال الفئة الأكثر ضعفا فى المجتمع، أى أطفال الأسر الفقيرة , وأشار إلى أن وزارة العدل تبنت هذه التعديلات بعد تأكدها من أنها لا تخالف الخطوط الحمراء الثلاثة: الدستور والشريعة و قيم المجتمع .
ثلاث مواد كانت الأكثر جدلا فى اللقاء الهادئ والذى ازداد حدة بمجرد أن طرح نواب مجلس الشعب رؤيتهم حول هذه المادة 7 مكرر ( د ) (لا يجوز توثيق عقد زواج لمن لم يبلغ من الجنسين 18 سنة ميلادية كاملة ويشترط للتوثيق أن يتم الفحص الطبى للتحقق من خلوهم من الأمراض ...)
المادة 15 ( للأم الحق فى الإبلاغ عن وليدها وقيده بسجلات المواليد , واستخراج شهادة ميلاده منسوبا إليها كأم ،وذلك مع عدم الإخلال بحكم المادتين 21 و 22 من هذا القانون )
لم ينتظر النائب رجب هلال حميدة عن حزب الغد فتح باب المناقشة ليعلن اعتراضه على بعض التعديلات، حيث قاطع المستشار حازم نحاتو أكثر من مرة , وما إن حصل حميدة على "الميكروفون" انتقد بعض المواد كالمادة الخاصة بعقوبة الغرامة لعمالة الأطفال، حيث أشار إلى ضرورة أن تكون العقوبة الحبس بدلا من الغرامة حتى تكون رادعة أكثر . هنا قاطعته السفيرة مشيرة خطاب قائلة " أرجو أن تذكر ذلك الأمر فى مناقشة التعديلات بالمجلس " .
وعن اشتراط الكشف الطبى قبل التوثيق يرى حميدة أن الموظفين فى مكاتب التوثيق ليس لديهم الخبرة الكافية بتقارير الكشف الطبى وبالتالى لا يمكن التأكد من صحة هذه التقارير .
كما طالب النائب عمر هريدى والنائب هشام خليل مصطفى بالمزيد من الحملات الإعلامية المكثفه والتى تشمل الندوات و اللقاءات بقرى مصر حتى يتم تفعيل القانون بشكل جيد، واقترح النائب هشام خليل رفع سن الزواج إلى 21 سنة بدلا من 18 سنة بالإضافة إلى اقتراحه عقد لجنة استماع تشمل جميع أعضاء الشعب قبل عرض مشروع القانون على المجلس وذلك لشرح أبعاد هذه المواد تجنبا للمشكلات التى يتوقع حدوثها أثناء مناقشة التعديلات .
بررت السفيرة مشيرة خطاب القصور الإعلامى للمجلس القومى بسبب عدم وجود إمكانيات مادية للدعاية للتعديلات الأخيرة فى قانون الطفل،وأنهت حديثها بالتأكيد على أن هذه التعديلات تهدف لحماية الطفل وإعطائه الفرصة لإبداء رأيه مع الالتزام بالشريعة و الدين وطالبت نواب المجلس بمساندة هذه التعديلات حتى لا تتكرر حادثة التوربينى .
السفيرة مشيرة خطاب