أفلامه دائما تثير الجدل ويعتبره أغلب النقاد امتدادا لكبار المخرجين أمثال يوسف شاهين وداود عبدا لسيد وعاطف الطيب. قدم للسينما حتى الآن ستة أفلام، ومنذ فيلمه الأول "سرقات صيفية" وحتى الأخير "جنينة الأسماك" وهو متهم بالغموض.
أثار فيلمه الأخير جدلا واسعا وطرح تساؤلات عديدة أهمها: هل أصبحت مصر حديقة أسماك كبيرة؟ وهل أصبح الخوف يتحكم فينا لدرجة أنه يرسم خيوط مستقبلنا وحاضرنا وماضينا؟ واستحق الفيلم ثلاثة مقالات فى مجلة "فاريتي" الأمريكية التى تعد واحدة من كبرى المجلات السينمائية فى العالم.. فماذا يقول لليوم السابع عن فيلمه الجديد وقضايا سينمائية أخرى.
يتردد دائما أنك تقدم سينما مختلفة عما هو سائد إلا أن أفلامك دائما تتهم بالغموض فماردك؟
من أول أفيش الفيلم وحتى التتر وكل ما فى الفيلم بيأكد إنه فيلم مختلف، ففى معظم الأفلام الأخرى تقدر تسمع شريط الصوت دون أن ترى الصورة وتستطيع أن تفهم الفيلم عايز يقول إيه. لكن أفلامى لو سمعت الحوار من غير ماتشوف الصورة مش هتفهم كل حاجة عايز أقولها، فمثلا مشهد عمرو واكد وجميل راتب فى المستشفى مش هتقدر تفهمه غير لما تشوف الصورة وده اللى أنا بعتبره الاختلاف فى أفلامي.
ماهو تفسيرك لقلة عدد نسخ فيلمك "جنينة الأسماك"؟
الفكرة فى العدد المحدود للحفاظ على وجود الفيلم فى دور العرض أطول فترة ممكنة، ناهيك عن أنه موجود فى دور عرض محدودة تتوافق وطبيعة الجمهور.
وماذا عن اتهامك بالتعالى على الجمهور وأن أفلامك موجهه لفئة معينة؟
لا أوجه أفلامى للجمهور ولا لفئة معينة ولكن أوجهها للمتفرج والمتفرج غير الجمهور.
ماذا تقصد؟
أقصد أننى أوجهها للإنسان الذى بيحس للناس اللى عندها إحساس.
تقصد إيه بالناس اللى عندها إحساس لأن البعض يعتبر ذلك "عجرفة وغرورا"؟
أنا اتفهمت غلط فى الموضوع ده فأنا لم أقصد بناس عندها إحساس بأن البقية لا تمتلك الإحساس، ولكن كنت أقصد الحالة الوجدانية اللى ستتولد بين المتفرج وبين الفيلم، فهل الفيلم حرك إحساس ووجدان المتفرجين وهل دفعهم إلى التفكير؟ وهذا هو ماقصدته بناس عندها إحساس ولا يوجد لدى مانع أن يشاهد شخص الفيلم ويخرج يقول "إيه الزهق ده هذا" فى حد ذاته إحساس وصل من خلال الفيلم فكلمة إحساس ليست كلمة قبيحة حتى أتلقى من خلالها كل هذا الهجوم والتصريحات المضادة ضدى وضد الفيلم.
هل نحن نعيش فى حديقة أسماك كبيرة يأكل فيها الكبير الصغير وأننا نخاف مثل الفراخ مثلما فسر الكثيرون فيلمك؟
الموضوع الأساسى للفيلم هو حالة الخوف, والخوف هنا ليس له علاقة بالقلق لأننا ببساطة كلنا نعيش فى قلق لكن الخوف ده إحساس بيشل الإنسان وهذا ما يوفر جوا مناسبا لنمو الديكتاتورية، وكنت أرغب فى أن أحكى حكاية إتنين ليس عندهم عذر ولاسبب للخوف فهما ليسا فقراء خائفين من الفقر ولا فاشلين لكنى اخترت حكاية إتنين ناجحين ومحققين نفسهم وأهلهم مهمين وكمان يملكون سطوة وسلطة وبيستخدموا هذه السطوة على الآخرين وبكده هما بيحموا أنفسهم وهذا موجود عند أى حد بيملك قدرا من السلطة بيستخدمها فى قهر الآخرين من خلالها وهذا ماكنت أقصده فى الفيلم .
ولكن لماذا اعتبر الكثيرون فيلمك فيلما تشاؤميا؟
فيلمى فيلم بسيط مش محتاج كل الأقاويل التى قيلت عنه وهذا الاتهام أواجهه فى كل فيلم أصنعه رغم أن أفلامى بسيطة وتحمل مفردات عامية ويتحتم على المتفرج فقط أن يفكر ليصل إلى المعنى، فأنا لا أدخل فى مناقشات فلسفية صعبة ولا أسعى وراء التعقيد فى تركيب الشخصيات داخل الفيلم لكنى أسعى فقط لتقديم شخصيات لديها وجدان وتكون نداء للمتفرج ولى شخصيا، ولعل هذا هو السر وراء إعجابى بشخصية "اللمبي"، حيث أجد فيه المواصفات التى ذكرتها على الرغم أن الفيلم يبدو من الخارج وكأنه يسخر من تلك الشخصية ولكنه على العكس يحمل درجة عالية من الاحترام لها وأنا عموما لدى وفاء للمواضيع التى أقدمها عن علاقة الإنسان بالقضايا الكبرى، وقد لا يكون هذا معتادا بالنسبة للمتفرج الذى قد لا يحب تلك النوعية من الأفلام لكنه بالتأكيد يحترمها وهذا يحدث فى أفلام يوسف شاهين، فعندما يقدم أفلاما مغايرة لما تعود عليه الناس يصيبهم بخيبة أمل تغضبهم.
لماذا لجأت إلى المنهج البريختى فى الفيلم، حيث إنك جعلت الممثل يخرج من شخصيته التى يلعبها داخل الفيلم ويتحدث من خارج الشخصية؟
هو ليس منهج بريختى بالمعنى المباشر ولكنه قريب منه لأن المنهج البريختى هم منهج مسرحى فى الأساس، وليس سينمائيا ولكنى كنت أريد أن أشعر المتفرج بأن كل شخصية داخل الفيلم لها حكاية خاصة بها مثال "درة" عندما تتكلم عن جوازها وعن فكرة المشاعر والأحاسيس التى تفتقدها لأن زوجها كان يذهب إليها من أجل إقامة علاقة حميمة ثم يقول لها "باى باي"، وهذا هو الهدف من خروج الممثلين ودخولهم فى الشخصية فكرة "البوح للمتفرج" ونفس الفكرة تكررت مع باقى الشخصيات.
هل تتفق معى أن صوت يسرى نصرالله كمخرج كان أعلى من صوت السيناريست ناصرعبدالرحمن فى فيلم "جنينة الأسماك" وعكس ذلك حدث فى فيلم "المدينة" ؟
لا أتفق معك فى هذا الرأى لأن الفيلمين قمت بالتدخل فيهما ومن الممكن أن يكون اعتقادك هذا جاء بسبب أن ناصر فى فيلم "المدينة" كانت الفكرة هى المحرك الأساسى للفيلم وأنا من طرح على ناصر الفكرة وعندما شاهدت بيوت فى روض الفرج هو الذى أكد لى أنه يعرف الناس دى فعلا، وبدأ كتابة الفيلم ونفس السيناريو تكرر فى فيلم"جنينة الأسماك" وبنفس الطريقة.
دائما أفلامك تشارك فى المهرجانات العالمية ولكن خارج المسابقة الرسمية هل هذا الأمر يسبب لك أزمة نفسية؟
مجرد خروج الفيلم من القطر الذى صنع فيه وعرضه خارج بلده يعتبر جائزة وليست كل أفلامى عرضت خارج المسابقة ولكن هناك أفلاما شاركت.
لماذا تختار ممثلين غير معروفين لأفلامك؟
لست صاحب نظرية فى هذا المجال، لكن الموضوع هو أننى عندما اختار أبحث عن ممثلين مناسبين للدور وأعرض الدور على من أراهم ملائمين فما يهمنى هو الحالة التى يعطينى إياها الممثل على الشاشة فلا يهم كونه نجما أو وجها جديدا، واليوم أصبح واضحا أن هناك مستوى عاليا من التمثيل فى أفلامى و99%من أسباب عدم وجود أسماء مشهورة فى أفلامى يعود لرضى النجوم على الدور.
هل يفرض التمويل الفرنسى عليك مواضيع معينة؟
لا طبعا ولذلك أنا أرجح التمويل الفرنسى لأنه يمنحنى حرية الاختيار للمواضيع ولكن عندنا هنا المنتج يريد إعادة أمواله مضاعفة فى أسرع وقت ممكن، وعندنا التليفزيون عليه قيود وأصحاب دور العرض لهم شروطهم وممثلون يرفضون التدخين والقبلات ودائما يسألنى الناس هل التمويل الأجنبى يجبرك على وضع مشاهد عرى أو إظهار عذاب المرأة العربية أو الختان أو قضية يريد أن يطرحها من خلالى سواء كانت دينية أو أخلاقية أو سياسية أقول له "لا" لكن ما يجعلنى ألجأ إلى التمويل الأجنبى هو أننى كمخرج أرغب فى إيجاد صيغة إنتاجية تعطينى أكبر قدر من الحرية فلا يفرض على المنتج موضوعا معينا ولا طريقة تصوير محددة ولا أن يطرح الفيلم فى 50 دور عرض ولا يشترط على تحقيق ملايين.
لوعرض عليك سيناريو فيلم لمحمد سعد أو أحمد حلمى أو هنيدى أو أى نجم من جيل الشباب ممكن تخرج له الفيلم؟
أحمد حلمى ممكن طبعا لأنه فنان جميل وناجح لكن محمد سعد "لاطبعا" عشان بيضرب المخرجين وأنا بنصحه أنه يخرج لنفسه، أما هنيدى فأرفض الإخراج له لأنه متمسك بما يسمى بالسينما النظيفة "زيادة عن اللزوم".
ما القضية التى تفكر فى طرحها فى أفلامك خلال الفترة المقبلة؟
قضية أفريقيا.
ماذا تقصد؟
أقصد أن إحنا أفارقة بس مابنحبش نعترف بذلك، دائما بنقول إحنا عرب أو إسلاميين أو شرق أوسطيين لكن الحقيقة أننا أفارقة، المشكلة مشكلة "انتماء".
وماذا عن فيلمك الجديد مع وحيد حامد؟
السيناريو رائع وكتبه الكاتب وحيد حامد ببراعة ومتحمس له جدا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة