تصميمه الأصلى "قرص الشمس تتفرع منه الشوارع كالأشعة"

"ميدان التحرير" يعتزل المظاهرات!!!

الأربعاء، 09 أبريل 2008 03:40 م
"ميدان التحرير" يعتزل المظاهرات!!!

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ميدان التحرير هو قلب القاهرة، ومدخلها الرئيسي، يتصل بشوارع رمسيس، طلعت حرب، الجلاء، القصر العيني، ويمتد إلى ميادين باب اللوق، وعابدين، وسليمان باشا، حيث مقار العديد من الصحف، والبنوك، والمصالح الحكومية، وشركات الطيران، والمقاهى، والجامعة الأمريكية، ومجلسى الشعب والشورى. وقد اشتعلت أكبر المظاهرات عددا، وأشدها غضبا، وتأثيرا على مدى تاريخ الحركات السياسية فى الشارع المصرى، منذ أول ظهور له على خريطة القاهرة باسمه القديم "ميدان الاسماعيلية".
ميدان التحرير كان على موعد مع نداء الإضراب، والتظاهر، الذى دعت إليه قوى سياسية، احتجاجا على ارتفاع الأسعار، النداء الذى يحدد موقع ذلك الميدان بين قوى الرفض، وتضعه بين قادة الاحتجاجات السياسية فى مصر، ضد فساد الملكية، واعتقالات عبد الناصر، وقرارات السادات، ومعاهداته، والهيمنة الأمريكية على المنطقة، وسياسات مبارك.
ويعد مقهى "وادى النيل"، ومقهى "إيزافيتش" أشهر ملامح الميدان، ويمتدا حول الميدان بداية من ناصية سليمان باشا، وعند نهاية مبنى عمر أفندي، ليتمكن الجالس على أى منهما من رؤية كامل الميدان.
مقهى "إيزافيتش"..
الكاتب الكبير محمد عودة، قال إن "إيزافيتش" فى فترة الأربعينيات، كانت شاهدة على موت نظام الملك فاروق، حيث مات فاروق سياسيا، حسب رؤية عودة، يوم 11 فبراير عام 1946، عندما اندلعت مظاهرات الطلبة، يوم الاحتفال بعيد جلوسه، ترفع لافتة "أين الغذاء والكساء يا ملك النساء؟"، منطلقة من مقاهى الميدان، لتمتد إلى قصر عابدين، يساندها الأهالى بالانضمام إليها، أو بإلقاء المدد من النوافذ.
ولم يغب الميدان عن الأحداث حتى بعد الثورة، وسقوط الملك فاروق، وخروجه من مصر، فعاود مسيرته مع الرفض وقيادة الاحتجاجات ضد قرارات الرئيس جمال عبدالناصر، وأشهرها مظاهرات الطلاب عام 1968، الرافضة للأحكام المخففة ضد قادة الطيران، ممن تسببوا فى نكسة 1967، وهى المظاهرات التى انطلقت من ميدان التحرير، منددة بتلك الأحكام، ومن أصدروها.
وفى يوم 14 يناير عام 1971 ألقى السادات خطابا أرجع فيه سبب تأخر الحسم، إلى حرب باكستان التى انشطرت عنها بنجلاديش، وأثار ذلك المبرر غير المقنع طلبة الجامعة، فتظاهروا، وحاصرهم الأمن داخل أسوار الجامعة، فتسللوا إلى خارجها. وحول النصب التذكارى بوسط ميدان التحرير، أعلنوا اعتصامهم، وعلى المقهى كان ينادى عليهم "أمل دنقل" بقصيدته الشهيرة "الكعكة الحجرية"، التى أصبحت مرادفا لاسم الميدان: "أيها الواقفون على حافة المذبحة، أشهروا الأسلحة، سقط الموت، وانفرط القلب كالمسبحة، دقت الساعة المتعبة، رفعت أمه الطيبة عينها، دفعته كعوب البنادق فى المركبة".
"أمل" كان يقصد طلاب الاعتصام الذين تجاوزوا الألفين، وكانت نقطة رصدهم وحوارهم إيزافيتش، ويتذكر سيد خميس أن سيارات فارهة خصوصا المرسيدس، كانت تتوقف وسط الكعكة الحجرية، لتخرج منها صناديق "الساندويتشات"، لتوزيعها على الطلاب تعاطفا ومودة.
مظاهرات ضد غلاء الأسعار.. أيضاً
وفى 1977، كان الميدان على موعد آخر مع المظاهرات الغاضبة، وبالتحديد فى يومى 18 و19 يناير، عندما اندلعت المظاهرات احتجاجا على زيادة أسعار المواد الأساسية، فكان ميدان التحرير هو نقطة التقاء الطلاب، بالعمال، والموظفين، وباقى القوى الرافضة لقرارات زيادة الأسعار التى تراجع عنها السادات فى اليوم التالى، بعد أن امتدت المظاهرات من التحرير إلى كل ميادين وشوارع القاهرة، وجميع محافظات مصر.
ربما دخل الميدان بعدها فى صمت عميق، إلا أنه ظل فى بؤرة المشهد، كلما جد جديد، تغيرت العهود، والأيام، وبدأ مشهد الميدان الانسيابى يختفى تدريجيا، لتحاصر مداخله الحواجز الحديدية، وسواتر الأمن، التى تعوق انسياب الحركة منه وإليه، وتعزله عن قلب القاهرة، وشوارعها التى كانت مددا لأصوات الغاضبين.
رحلة الصمت لم تدم طويلا، ولم تستطع حواجز الأمن أن تقف فى وجه مظاهرات القوى السياسية الرافضة للغزو الأمريكى للعراق، وتحديدا يوم 21 مارس 2003، حيث تجمع آلاف الطلاب و(السياسيين) فى قلب الميدان، تحاصرهم متاريس الأمن، منذ الساعات الأولى من الصباح، وحتى منتصف الليل، وفيما قرر المتظاهرون المبيت فى المكان الذى شهد على مسيرة كفاح المصريين ضد جميع حكامهم، وكأنها كانت ليلة وداع، أضاءتها الشموع، والهدير الصامت، كانت الأمن يعد لكتابة كلمة النهاية فى رحلة ميدان "الاسماعيلية" مع الاحتجاج، فأغلق مداخل مترو الأنفاق، وحاصرت الحواجز الحديدية المارة فى مسارات محددة، لا تصب فى الميدان، ولا تفتح عليه من أى نقطة، فيما دعا الكثيرين للقول بأنها خطة لتقسيم الميدان إلى جزر معزولة، أوعدد من المناطق المتباعدة عن بعضها البعض، ليتركه الرافضون لتيسير حركة السيارات، وتنظيم حركة المرور، فاتجه بعضهم إلى ميدان الأزهر، والبعض إلى سلالم نقابة الصحفيين، أو مجلس الدولة، أو دار القضاء.
هكذا اشتعلت المظاهرات فى المحلة الكبرى، وتوزع الصمت، وعلامات الإضراب على شوارع القاهرة، وفى بعض أماكنها، بينما أصاب الهدوء ميدان التحرير، وغادرته الاحتجاجات، بحثا عن ميدان آخر، وتاريخ آخر.
لمعلومات
صمم ميدان "الإسماعيلية" ليكون وسطه، أشبه بقرص الشمس، الذى تتفرع منه شوارع وسط البلد، فى خطوط متفرقة، وكأنها الأشعة، فى معنى رمزى جمالى ومعمارى وتخطيطى رائع، يعكس حلم الخديو اسماعيل فى أن تكون القاهرة قطعة من أوروبا.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة