حسناً, ها هى الدول العربية الفاعلة عاقبت سوريا, وقاطع قادتها الكبار قمة دمشق الملعونة.
ملعونة ؟00ممن؟
صحيح أن سوريا وضعت فى "حلة ضغط", لأكثر من سبعة أسابيع قبل انعقاد القمة بهدف تسويتها على الجانبين, إلا أنها خرجت بأقل الخسائر الممكنة من حملة "حلة البرستو" الأمريكية. ليس هذا فحسب, بل إن دمشق كادت تكسب الحرب الدعائية ضد محور الاعتدال العربى الذى خرجت بعض صحفه ووسائل إعلامه تسأل عن مغزى المقاطعة, ومن وراءها.
المقاطعون أنفسهم بدوا وكأنهم راجعوا أنفسهم, لكن بعد فوات الأوان.. سعود الفيصل وزير الخارجية السعودى يعقد مؤتمراً صحفياً فى الرياض "يطبطب" فيه تقريباً على دمشق، بينما الرئيس حسنى مبارك يتحدث بحنو عنها, ويرد عليه وليد المعلم بأن ما حدث مع مصر لا يعدو "غيمة وتعدى".
لماذا إذن كالوا الهجوم ضد سوريا وعاقبوها وسعوا إلى عزلها؟..لم يفعلوا. إيران هى المعنية بالعزل. وللمفارقة فإن سوريا كانت فى الوقت ذاته محور وصلة غزل من الجميع فى الشرق الأوسط, بما فيهم إسرائيل, التى أحصت أكثر من عشرين رسالة بعثت بها إلى السوريين فى الآونة الأخيرة لاستئناف التفاوض حول الجولان, على نحو ما سربت لوسائل إعلامها قبل يومين.
غزل؟.. نعم وعنيف, وراؤه ربما حالة غيرة قومية قاتلة رداً على التحالف الفينيقى ـ الفارسى. والهدف فى النهاية ـ كما سبق القول ـ إبعاد سوريا عن إيران تمهيداً لضرب الأخيرة أو على الأقل قصقصة ريشها, فلا تجد حليفاً يحمى ظهرها أو "قل مؤخرتها". ودمشق خير من يحامى عن هذه المؤخرة بطبيعة الجوار الجغرافى الطويل.
والولايات المتحدة وإسرائيل تدركان بطبيعة الحال أن كسب الجولة الأولى فى أية حرب ضد إيران يبدأ من تحييد سوريا إن لم يكن استخدامها فى تلك الحرب.. مصر والسعودية ومعهما الأردن, كل لأسباب خاصة به يروم الوصول إلى الهدف ذاته وإن كان بدرجة أقل, أى درجة قصقصة الريش فحسب, وذلك لأهداف "جيو استراتيجية" تحول دون انفراد إسرائيل المطلق بالشرق الأوسط.
الدول العربية الثلاث تتصور، والحال كذلك, أنه يجب فرز المواقف العربية ضد طهران, قبل أن تيأس واشنطن وتستنتج استحالة ضربها فتعقد معها الصفقات لتقاسم النفوذ فى الخليج والعراق, على حساب الأمن القومى العربى بالطبع.
وهذا كابوس عربى مرعب.