إنه شىء أشبه بالنكتة المرة لكنه حقيقة، فأبناء الدقهلية يقترحون تغيير تاريخ عيدهم القومى لأن تاريخ غروب شمس محافظهم السابق السيد الدكتور الوزير اللواء أحمد سعيد صوان أهم ألف مرة من تاريخ هزيمة لويس التاسع وأسره فى دار ابن لقمان بمدينة المنصورة.
وهذا معناه أن شعب الدقهلية ظل يرزح تحت سطوة وجبروت هذا المحافظ السابق سبع سنوات كانت عجافاً وهبطت بمستوى الدقهلية (الثقافى والاجتماعى والسياسى) إلى أسفل سافلين! .. لافتاً للنظر وحسبما نشرت صحيفة المصرى اليوم قبل أيام أن أبناء الدقهلية أقاموا الأفراح والأهازيج بمجرد إذاعة نبأ رحيل محافظهم السابق الذى كان مفتوناً بشيئين الأول هو أن تنتشر صوره فى كل مكان عند مداخل المنصورة ومخارجها، وهذا "المولع" جعل القائمين على الحزب الوطنى بالدقهلية يصدرون عدداً من جريدتهم الحزبية بها 36 صورة للسيد صوان المبجل.
وأمام المحال والمطاعم وعبر طريق مبارك الذى يسميه أبناء الدقهلية باسم (المشاية) تصافح الزائر عشرات الصور لهذا المحافظ الميمون وكأن الدقهلية التى عرفت القامات والأعلام وأصحاب القلم والفكر لم يظهر فى سمائها (قديماً أو حديثاً) سوى هذا الرجل، والحق أن السنوات السبع (ونيف) العجاف التى كبس فيها السيد صوان المبجل على أنفاس شعب المنصورة جعلت الأهالى يعيشون مأتماً متواصلاً. وإذا سألت أحدهم عن المحافظين الذين مروا بالدقهلية ولا زالت لهم ذكرى عاطرة فى النفوس أجابوا بأنهما اثنان .. الأول هو سعد الشربينى، والثانى هو فخر الدين خالد أما صوان فتمحه الذاكرة الدقهلاوية وترفض الاحتفاظ بأيامه.
وكيف لا وشرق الدلتا لم يعرف العطش إلا فى فترة هذه المحافظ فانتشرت ظاهرة (الجراكن) المحمولة على الأعناق .. ويذكر شعب الدقهلية أنهم عندما دخلوا مبنى المحافظة فى حالة تجمهر بسبب العطش وأدخلوهم إلى إحدى القاعات لامتصاص غضبهم هبط عليهم السيد صوان من عل وكأنه (الملاك) وهو يحمل فى يده زجاجة مياه معدنية مثلجة (ليقول لهم لكم العطش ولنا الماء حلالاً زلالاً !) وعندما ارتفع صوتهم يريدون الخلاص من أزمتهم هددهم بالطرد من مبنى المحافظة وتعامل معهم كما يتعامل الضابط مع اللصوص وقطاع الطرق .. وغاب عن باله أنهم من صنع حضارة ومجد الدقهلية، وأنهم مواطنون، وأن عصر مبارك أفسح لهم مجال التعبير ولو بصوت عال من قسوة العطش!.
ويتذكر شعب الدقهلية له أن فساد المحليات قد استشرى وملأت رائحته الكريهة الأرجاء وزكمت الأنوف، والتلاعب فى الانتخابات ونتائجها كانت لعبته المفضلة وقد تشاء أقداره أن يمارسها فى انتخابات الحزب الأخيرة ونشرت المصرى اليوم أنه كان يضيف أسماء ويستبعد أسماء أخرى حسبما يريد ويتوسم فكانت القوائم يزداد عددها (ويقل) دون أن يسأله سائل عما يفعل! وذكرت الصحف المصرية اعتراف زوج سيدة ماتت فى طابور الخبز بأن السيد صوان ـ كرم الله وجهه ـ قد أرسل له من "يغريه" برخصة سيارة أجرة مقابل أن يذكر أن زوجته لم تمت فى الطابور وإنما ماتت فى سريرها داخل المنزل لأنها كانت مريضة مرضاً خطيراً.
أكاذيب ملأ بها محافظ الدقهلية السابق أرجاء المدينة ووجد للأسف الشديد من يصدقها ويروج لها، وقصة فوز أحد نواب مجلس الشعب عن دائرة شربين ويدعى العربى شامه ـ هى أكبر دليل على التزوير الذى كان يمارس فى وضح النهار. ولعل الحكم الذى صدر لصالح الدكتور حسين خضير مؤكداً فوز الأخير، وبطلان ترشيح الأول هو خير دليل على ذلك.. لكن لم يتحرك ساكن، وأبناء الدقهلية يعلمون أن نائب شربين المشكوك فى فوزه ـ بنص الحكم والقانون ـ يدين للمحافظ السابق بهذا الواقع المقلوب مع أنه أعلم الناس بأنه فى موقع ليس له، أقول ذلك فى إشارة إلى أن (عقل) الدقهلية لن ينسى أهوال هذه السنوات العجاف.. فكل شىء ظهر تقلص فى الدقهلية .. وأصبح الأخضر يابساً.. واليانع زابلاً.
وإذا شئنا أن ندخل فى ملف أزمة أنفلونزا الطيور، وجدنا أن المحافظ ومعاونيه كانوا لا يأبهون بما ألم بالبسطاء والفلاحين فتركوا الباب مفتوحاً على مصراعيه أمام "الإخوان" المسلمين لمد أيدى العون للمتضررين من المزارعين فكسبوا أرضاً جديدة.. أفقدتنا إياها سوء إدارة المحافظة..الغريب أن القاصى والدانى يعلمان أن السيد صوان المبجل لم يكن يهتم بغير نفسه ويحرص على الظهور فى اللقاءات.. ولو للحظة واحدة..لمجرد التقاط الصور، ثم إبراق البرقيات ليؤكد امتثال الناس، والشعب.. وغاب عن باله أنه نال من مصداقية النظام كثيراً عندما أعلن مبهجاً أن خمسة ملايين دقهلاوى يؤيدون الرئيس فى الترشيح للرئاسة .. كان ذلك قبل أن يعلن أن الرئيس سيكون مرشحاً.. فأعطى انطباعاً بأن كل شىء يدار مع سبق الإصرار والترصد.. مع أن هذا ليس صحيحاً بالإطلاق.. فالرئيس مبارك يسكن قلوب الدقهلاوية عن حب وليس عن تدليس كما أوصى بذلك المحافظ السابق.
ولن ينسى شعب الدقهلية يوماً التدخل المسرحى الذى قام به السيد صوان عندما اشتعلت فى أنحاء مصر قضية الطالبة آلاء مجاهد.. فكان أن ركب الموجه ووعد الطالبة ووالدها بأشياء وأشياء لم تتحقق حتى الآن.. فكان درساً جديداً فى الانتهازية وعدم المصداقية .. وأساء مرة أخرى للنظام وكان حريصاً أن يكسب الرجل بعض أبناء الدقهلية (صمم أن يقيم أحد أثرياء الدقهلية تمثالاً للأستاذ أنيس منصور فى شارع الثانوية الشهير الذى كان يدرس فى مدرسته العريقة عندما كان الأستاذ أنيس صبياً.. وعندما قذف الصبية والتلاميذ التمثال بالطوب ولوثوا وجهه نقله المحافظ السابق على شاطئ النيل فى مكان متميز.. فأسر بذلك الكاتب الكبير، الذى كان يذكره بالإشادة وبذلك أعمى عينيه ـ عن عمد ـ لكى لا يرى ما ألم بمدينة المنصورة من خراب فى الطرق والذمم معاً) وأشهد أننى كتبت هذه السطور كوعد منى لأبناء الدقهلية الذين منعتهم الفرصة من اليوم لأيام متتالية فغياب السيد صوان عن سماء الدقهلية كانت أمنية يتمناها الجميع.. وها أنا قد وفيت ، لكن أيضاً هناك رسالة إلى المحافظ الجديد اللواء سمير سلام أقول له أبناء الدقهلية يقولون إنهم يريدونه المحافظ المخالفة بعد سعد الشربينى وفخر الدين خالد .. أملين أن يعوضهم الله خيراً.
بعد ما عانوه من عسف وجبروت ولامبالاة المحافظ السابق .. فهناك تهمة أتوجه بها إلى أهالى الدقهلية.. إذا كانت لديهم مظالم وأوراق تدين فلماذا لا تكشفوا عنها. فمصر مبارك هى مصر التى تأبى الظلم .. والقصاص يمكن أن يكون حقيقة، ولئن كان الخوف ـ وهو أمر طبيعى ـ يمكنكم من محاكمة المسئول أثناء شغله لمقعده كى لا تفيض منكم.. فليس أقل من المطالبة بالمحاكمة اليوم قبل غد.. وتبقى كلمة وهى أن مصر اليوم فى ظل حراكها السياسى (إصلاحها الاقتصادى) ومستقبلها الواعد لن تخذل أبناءها، وسيف القصاص يمكن أن يهبط على رقاب المقصرين.. ثقوا فى ذلك، وأسرعوا فيه فوراً.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة