صبرى سعيد

مسمار فى نعش العروبة

الإثنين، 28 أبريل 2008 02:42 م


"قرار نقيب الممثلين جريمة فى حق الوطن والفن"، "قرارات عنترية من نقابة الممثلين أعلنها النقيب المنتخب"، "أشرف زكى أهان نفسه ومن اختاروه نقيباً"، "مرحباً بالغزو العربى"، طلقات فى الهواء للدعاية فقط"..هذه بعض عناوين وغيرها كثر أطلقها العديد من الكتاب والصحفيين والنقاد على نقيب الممثلين "أشرف زكى" وذلك بسبب قراراته الأخيرة بشأن تنظيم عمل الممثلين والممثلات العرب فى السينما والمسرح فى مصر.

سن هؤلاء سيوفهم على هذا النقيب الغلبان - نعم غلبان- رغم عدم معرفتى به لأنه دخل عش الدبابير، عش الشعارات الجوفاء، فكاتب يعتبر ما فعله السيد زكى بأنه ضد الدستور لأن الدستور المصرى ينص على أن مصر دولة عربية واسمها جمهورية مصر العربية، ومصر عربية على أى حال من دون ذلك النص الدستورى .. وآخر انتابته الدهشة متسائلاً ماذا لو كان النقيب الحالى هو نفسه الذى عاصر فريد الأطرش وأسمهان والريحانى ومارى منيب وبشارة واكيم وصباح والنابلسى وجورج أبيض؟ وثالث يقول له إن مصر الكبيرة الشامخة تتسع للجميع يا دكتور وهى عاصمة العرب وبيتهم الرحيب دون النظر إلى الخلافات السياسية، ويضيف، ما أجمل مثل هذا الغزو العربى وما أجدرنا أن نرحب به ونطالب بالمزيد منه، ورابع يلقنه درساً فى فنون التمثيل، ويتساءل كيف أصبح ممثلاً ثم نقيباً، ويتهمه بأنه لم يشاهد فيلم "ملك وكتابة" أو ربما شاهده ولم يفهمه، وخامس يسخر من قراره ويتخوف من أن تأتى نقابة التشكيليين لمنع الفنانين التشكيليين الأجانب من بيع لوحاتهم فى البلد وهكذا، هذا بعض من كثير.

والملاحظ لكل من يتابع هذه القضية أنه تم خلط ما لا يخلط وتعميم القضية بحيث بعدت عن الهدف الرئيسى من تصريحات السيد زكى، وتم خلط الحابل بالنابل، فما علاقة الدستور المصرى الذى يقول فى مادته الأولى "دولة نظامها ديمقراطى يقوم على أساس المواطنة، والشعب المصرى جزء من الأمة العربية يعمل على تحقيق وحدتها الشاملة"، بما طرحه النقيب؟ وما أوجه المقارنة بعصر فريد الأطرش وأسمهان وجورج أبيض، بعصر الفيديو بورنو وكليبات المتخلفين عقلياً، وفضائيات السموات السبع الفارغة؟ وما علاقة ذلك بتبرعات الأمراء العرب لبعض الكيانات والمؤسسات الثقافية فى مصر؟ أليس فى هذا خلط تسبب فى إبعاد القضية عن محتواها؟

مناقشة الأمور بشكل أكثر موضوعية يتيح مساحات للاتفاق والاختلاف مع السيد زكى ونقابته، أليس من الأولى أن يتم التعرف على دوافع وحيثيات قرار النقيب ومناقشتها بهدوء والوصول إلى صيغ أكثر واقعية من خلال حوار موضوعى وفعال وصحى بدلاً من انتهاز الفرصة ليفصح كل طرف عن أيديولوجيته والدفاع عن العروبة والقومية العربية وانتماء مصر العربى الذى مات بالسكتة القلبية، فهل النقيب زكى هو الذى أفسد حلم تحقيق الوحدة العربية، هل سيمنع النقيب زكى مصر من عطيات السادة الأمراء على شعب مصر الغلبان الذى يعانى الأمَّرين من فقر وقهر.

وفى المقابل هل قرارات النقيب زكى ستنقذ سمعة الفن المصرى "مثل اللمبى وكتكوت وفول الصين وطعمية كوريا وخالتى فرنسا" من غزو العاريات العربيات .. هل حاول النقيب زكى - والذى نال من سهام تفوق كثيراً ما طرحه من اجتهاد خاص وفهم خاص من خلال موقعه كنقيب للممثلين المصريين - أن يفهم فهماً صحيحاً ما هو دور نقابته وكيف يمكن الارتقاء بالمهنة المنوط بها نقابته حمايتها وتطويرها والحفاظ على جودتها، هل فهم أوضاع الفن المصرى الحالى والسائد والذى يتميز الكثير منه بالابتذال والسطحية بأيادى مصرية 100% وليس بأجساد العاريات من المستوردين.

وهل هذه القرارات لها علاقة بتكتيكات الانتخابات التى اعتدنا أن تمارس فيها بعض الأساليب الملتوية ورفع الشعارات الجوفاء لاكتساب بعض الأصوات؟..هذه الأسئلة وغيرها كان من المفروض أن تتم مناقشتها بهدوء وعقلانية وأن يتم فتح الحوار الموضوعى مع النقيب الغلبان الذى حاول أن يجتهد وقد يصيب أو يخطأ ولكن أن يمزق جسده وتلقى أشلاؤه فوق تابوت الوحدة العربية، وكأنه هو المتآمر على وحدة الشعب العربى وهو الذى مزق العرب وشرذمهم وهو الذى أهان مصر وأخرجها من عروبتها وكل هذا الكلام الكبير، الذى لخصته الأقلام الثورية الكثيرة، فكان من الأولى على كل من تصدى لقرار نقيب الممثلين – سواء كان خطأً أو صواباً – أن يتحلوا بالموضوعية فى مواجهته بالحوار الحر والإقناع ولا يسنون سيوفهم لبث قناعاتهم بالعروبة الميتة، كذلك كان على النقيب الزكى - والذى وصفته من قبل بالغلبان – أن يتسم بالحصافة فى التعامل مع أشاوس العروبة التى وهبها عبد الناصر عمره فى يونيه 1967 وصدام حسين بقصوره فى 1990م وحافظ الأسد بتوريث ابنه فى 2000م، ومنى أنا للسيد النقيب كلمة أخيرة وواحدة "عامللى فيها عنتر"، لا تعمل عنتر مرة أخرى يا سيد زكى.



أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة