رغم حرارة الجو المرتفعة، كان الزحام يتزايد أمام محل الفسيخ القريب من مسجد السيدة زينب الشهير بوسط القاهرة، فى أعياد "شم النسيم" كما يسميها المصريون، وما يشتهر به من مظاهر الاحتفال وأشهرها تناول الأسماك المملحة مثل الفسيخ والسردين، والمدخنة مثل الرنجة والأنشوجة.
ارتفاع الأسعار لم ينعكس على إقبال المصريين على شراء الفسيخ والسردين والرنجة، بعد أن أصبحت من لوازم شم النسيم التى لا يمكن الاستغناء عنها، ولكن لجأ الناس إلى تقليل الكميات، حسب تأكيد الحاج أدهم شطا صاحب محل فسيخ شهير، حيث وصل سعر كيلو الفسيخ إلى 45 جنيهاً، وهناك من يلجأ إلى الأصناف الأقل سعراً مثل السردين، والرنجة اللذين يشهدان رواجاً أكثر هذا العام.
"الحاج أدهم" نفى وجود تسمم من الفسيخ والسردين، مرجعاً سبب تلك "الإشاعات" إلى حادثة شهيرة فى بدايات التسعينات بمنطقة شبرا، والتى نتجت عن إهمال أحد "الفسخانية"، الذى خزن الفسيخ والسردين فى براميل غير نظيفة وملوثة بمواد كيميائية، وهو ما تسبب فى تسمم ووفاة العديد من المواطنين، لتلتصق التهمة بالفسيخ البرئ من كل هذا، بدليل أنه لم تحدث حالات تسمم بعد ذلك وإن طالب أدهم بعدم الإفراط فى تناول الفسيخ، خاصة لمرضى الضغط والسكر.
الحاج فؤاد شاهين، صاحب أحد محلات الفسيخ، تعجب من حالة الركود التى أصابت سوق الفسيخ والسردين، قبل أن يؤكد ما يحدث بأنه "شغل أيام عادية ، مش شغل مواسم"، لافتاً إلى أن الوضع لم يختلف كثيراً عن الأيام العادية التى لا تشهد رواجاً يذكر، وعبر عن أمله فى أن يتحسن حال السوق فى اليومين القادمين.
فى الشارع المقابل لمسجد السيدة زينب، كان هناك إقبال من نوع آخر على "فسخانية" الشارع الذين يفترشون نواصى سوق السمك بعيداً عن أى رقابة، وبأسعار تقل عن أسعار المحلات الشهيرة بنسبة كبيرة، لأسباب تتعلق بالجودة وبطريقة التخزين العشوائية التى يصفها أحمد مجدى "فسخانى" بـ"تخزين بير السلم"، الذى يشكل خطراً كبيراً على صحة المواطنين، فى الوقت الذى تركز فيه الجهات الرقابية على أصحاب المحلات "الفسخانية" المشهورين بجودة منتجاتهم، دون أن تحكم رقابتها على الباعة العشوائيين.
استعدادات شم النسيم لم تقتصر على محلات الفسيخ الشهيرة فقط، بل امتدت إلى بائعى لوازم الفسيخ من خس وبصل وليمون، الذين أعلنوا حالة الطوارئ بفرش بضائعهم على نواصى الشوارع، وأمام محلات "الفسخانية"، العجيب فى الأمر أن نسبة كبيرة من هؤلاء الباعة موسميون ويعملون بمهن أخرى، ويستغلون فترة الموسم فى تحقيق بعض المكاسب "أنا أساساً فكهانى" هكذا قال حسن محمد حسين، لكن أيام رواج الفسيخ والرنجة فى "عيد الفطر" و "شم النسيم" يبيع فيها البصل، وأكد أن هذا هو العام الخامس له كبائع بصل موسمى، مضيفاً أنه فى الأيام العادية يبيع فاكهة الموسم الرائجة "فى أيام الخوخ ببيع خوخ ، وفى أيام العنب ببيع عنب".
عبد الحى رشاد، بائع الليمون صعيدى الملامح واللهجة، أكد أنه قادم من الصعيد فى زيارة لشقيقه الذى يعمل "بائع خضار" بسوق المغربلين، واقترح عليه استغلال موسم "شم النسيم" فى بيع الليمون الذى يشهد رواجاً فى هذه الفترة، وهو ما لم يتحقق بحسب تأكيده، بعد أن أثر ارتفاع سعر الليمون على إقبال الناس عليه.
"إحنا عارفين ناكل فول وطعمية لما هناكل فسيخ" كانت رد عبد الحى على سؤالى له، وقال إنه لا يأكل الفسيخ أو الرنجة، ويكتفى بالملوحة القادمة من أسوان بالقرب من بلده لرخص ثمنها، ولوفرتها، أما الفسيخ فـ "له ناسه اللى يقدروا على ثمنه".
أما "إسماعيل سلامة"، الذى يبيع الخس على عربة يد، أكد أنه لا فارق فى الإقبال على الخس بين موسم شم النسيم والأيام العادية، لأن الناس لم تعد تهتم بمثل هذه الاحتفالات فى "الغلا اللى إحنا فيه". وأضاف: "يجيبوا عيش ياكلوه الأول"، وعندما سألته عما يأكل فى شم النسيم أجابنى ضاحكاً "باكل خس"، لكنه أكد أنه يأكل الفسيخ والرنجة بعد شم النسيم بعد أن ينخفض الإقبال عليهما، وبالتالى تنخفض أسعارهما.
شعار المصريين فى شم النسيم "يحيا البصل مع الفسيخ"
الإثنين، 28 أبريل 2008 03:19 م
تصوير أحمد إسماعيل
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة