فتحى الشوادفى

يا أمة ضحكت من أحلامها الأمم ُ

الجمعة، 25 أبريل 2008 03:17 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لو كان المتنبى حياً ويعيش بيننا لأجبره الواقع العربى على تغيير شطره الشعرى الشهير "يا أمة ضحكت من جهلها الأمم" إلى "يا أمة ضحكت من أحلامها الأمم "، فقد أثبتت الحوادث أننا أكثر الأمم عنترية فى أحلامنا ، وأسرعها تنازلاً عن الأحلام على طريقة "حنفى" أو عبد الفتاح القصرى فى الفيلم المصرى "ابن حميدو" عندما كان يبدأ الإعلان عن صلابة موقفه وقوة شكيمته ويقول بعنترية "أنا عمر كلمتى ما تنزل الأرض أبدا "ولكن بمجرد أن تزمجر الست حرمة قائلة "حنفى" ؟! تجده "يسحب ناعم" على قول العامية المصرية ويعدل موقفه قائلا " خلاص حا تنزل المرة دى" ولكن مع التأكيد على أنه" المرة الجاية كلمتى مش حا تنزل الأرض".

وتعالوا نرصد ما كانت عليه الأحلام العربية الكبيرة وما إلت أليه، فقد كنا كعرب نحلم بإعادة الخلافة الإسلامية وقضينا عقوداً نحلم إلى أن بدأنا حلماً جديداً أقل جغرافيًاً، وهو حلم الوحدة العربية وتعاملنا معه على طريقة "حنفى" أنه أمر واقع ومسألة وقت وبدأنا نرشح عاصمة الدولة العربية الموحدة والدولة - يقصدون النظام - الذى يقوم بالخطوات التنفيذية للحلم، وسقط الحلم ولم يصمد بضعة سنوات، ثم قلصناه إلى حلم التكامل العربى ثم مجرد تعاون عربى ثم أضفنا كلمة إقليمى للتعاون ولم نفلح فى أى خطوة منها، إلى أن وصلنا إلى أن نحلم بمجرد مصالحة عربية واختلفنا حول بأيهم نبدأ هل "المصالحة" أم "المصارحة"، وفى النهاية هللنا لمجرد "المصافحة"، وأصبح مجرد عقد قمة عربية إنجازاً وإعجازاً، وأصبحت وحدة كل شعب عربى فقط منتهى أحلامنا وندعو الله أن يوحد صفوف العراقيين واللبنانيين والفلسطينيين والصوماليين كل على حدة لحين إشعار آخر ... وربنا يستر .

وفى الصراع العربى الإسرائيلى طبقنا مذهب "حنفى" بحذافيره، وبعد النكبة أعلنا قائمة اللاءات وأقسمنا أننا لن نقبل بأقل من أن نلقى بإسرائيل للبحر ولن نقبل بأقل من فلسطين من النهر إلى البحر وأننا لن نتفاوض ولن نلجأ لغير القوة فما "أخذ بالقوة لا يسترد بغيرها"، ثم اكتشفنا أن هذه القائمة فوق طاقتنا فقررنا إن نخفضها وقبلنا أن نتفاوض تفاوضاً مشروطاً كان يفترض به أن ينتهى إلى سلام شامل وعادل، أى أن العرب يتفاوضون جماعيا ويحصلون على جميع حقوقهم المسلوبة، فلما فشلنا حولناها إلى مفاوضات متعددة الأطراف والمسارات وحلول فردية لم تسفر عن شىء وانتهينا إلى مجرد الحلم بأن تضغط أمريكا على إسرائيل للعودة للتفاوض مع الفلسطينيين ولا داعى لتقليب المواجع بالحديث عن المسارات اللبنانية أو السورية .

أما فلسطين التى كانت من النهر للبحر ورفضنا تقسيمها، عدلناها أكثر من مرة ووافقنا على فلسطين ما قبل 67، ثم نسبة مئوية و"رسيت" على الضفة الغربية وقطاع غزة، وحتى تلك لم تسلم من تخفيض من نوع آخر بسبب خلافات فتح وحماس، فصار لدينا دولة ضفوية يقودها الرئيس "الضفوى" محمود عباس فيما انقرضت الحياة فى غزة تحت الحصار وتخلى الجميع عنها بمن فيهم الحكومة الضفوية الشقيقة .
وباختصار أننا لو أردنا رصد الأحلام العربية المنكسرة لجعلنا هذه العبارة عنواناً لسلسلة من الموسوعات.. وربنا يستر.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة