"الأسعار زادت كتير والأولاد ما بيشتغلوا.. والحكومة نسيانا.. مالنا غير الله".. بهذه الكلمات عبر الحاج إبراهيم عودة عن حال السيناوية، وبخاصة فى مدينة "رفح" التى ينتمى إليها على حدود مصر الشرقية.
الحاج إبراهيم، يبلغ من العمر سبعين عاماً شهد خلالها سنوات الاحتلال، واحتفل مع أبناء قبيلته بأنباء العبور، قبل أن يواجه الضباط الإسرائيليين بقوله "الله فرجها من عنده"، فيحاول أحدهم قتله، ليهرب بعدها إلى محافظة البحيرة، ويستقر لفترة عند بعض أقاربه، حتى تستقر الأمور، لتدخل بعدها سيناء فى مرحلة جديدة بعد أن عادت للسيادة المصرية.
الطحين
"الشال السيناوى" الشهير أحد المظاهر التى يتمسك بها "الحاج إبراهيم"، يحكى عن الأوضاع التى تزداد سوءا فى سيناء ، فـأبنائه التسعة "الأولاد" كما ينطقها، لا يعملون وهو لم يعد قادرا على العمل ، بعد أن تقدم به العمر، بينما الأسعار فى ارتفاع دائم خاصة "السكر والشاى" اللذين يعتبران من أهم مظاهر الضيافة عند البدو، بينما المياه "الحلوة" لا تصل إليهم ، فيعانى مع أغلب أهالى رفح من تلوث المياه التى يمدهم بها المجلس المحلى. أسأله عن أزمة الخبز.. هل وصلت إليهم؟ يجيبنى بلهجته البدوية "إحنا يا البدو ما بنشترى من الفرن، بناخد الطحين -الدقيق- ونخبزه فى البيت"، ويكمل كلامه "يعنى لازم الطحين يكون موفر لأننا ما بناكل عيش الفرن"، قبل أن يشرح لى طبيعة البدو وعاداتهم الخاصة، التى تستدعى أن يكون الدقيق متوفراً لديهم لأنهم يقومون بالخبز لكل وجبة على حدة.
الجمعية، أو مكتب التموين هى مصدر الدقيق، وبطاقات التموين هى وسيلة الحصول عليه، وبعد احتداد أزمة رغيف الخبز أصبحت طوابير مكتب التموين فى "رفح" مرادفاً لطوابير المخابز فى المدينة، وهى المشكلة التى يرى الحاج "إبراهيم" أن حلها فى زيادة كميات الدقيق "لازم يرجع الطحين زى الأول علشان يكفينا".
أيام الحرب
"الحاج إبراهيم" لا يخفى أسفه على أحوال سيناء المتردية، التى يصفها بقوله "عيشتنا بقت صعبة.. زمان كان الوضع متريح ومفيش مشاكل حتى أيام الحرب كنا عايشين"، يحكى عن ذكرياته مع الحرب، عندما رفض التعامل مع الإسرائيليين، فسأله ضباط المخابرات الحربية عن السبب وخاصة أنهم يوزعون عليهم الدقيق والسكر، ليرد عليهم "انتوا محتلين، واحنا ما ناخد مساعدة من محتل"، فيسأله الضابط الإسرائيلى كيف يعيش، ومن أين ينفق ، فيجيبه "الله بيفرجها"، ليرد عليه الضابط بمنتهى الصلف والغرور "يا حبيبى عمر الله ما بيفرجها".
الوطنى
يسكت قليلاً، ثم يخرج حافظة جلدية من جيب جلبابه ، ليرينى "كارنيه" الحزب الوطنى القديم جدا الذى يحمله، وهو يشير إلى تاريخ إصداره فى عام 82 قائلاً "كلنا فى الحزب الوطنى"، ويشير أيضا إلى أنهم جميعا- يقصد أهالى سيناء- مع الحكومة التى تتجاهلهم، وتتعامل معهم على أنهم مجموعة من الخونة، رغم أنهم ساعدوا القوات المسلحة المصرية أيام الحرب، وقدموا لها خدمات كبيرة .
أسأله عن نواب مجلسى الشعب والشورى، المنتمين للحزب الوطنى، كيف لا يستطيعون تحسين الأحوال، فيؤكد لى أن الحكومة هى التى قامت بـ "تعيينهم"، وهو ما يمنعهم من انتقادها "اللى بيتكلم منهم الحزب بيقوله ما هتنجح المرة الجايه"، فيخاف وينشغل فقط بتعيين أقاربه فى الوظائف المتاحه، وبالحصول على بعض المصالح الشخصية، دون أدنى اهتمام بمشاكل الناس، ويعلق الحاج"إبراهيم" على ذلك بقوله "يعيش الشعب، يموت الشعب.. مالهم دعوة".
من جديد يحكى عن محاولاته لتعيين أى من أبنائه التسعة فى الوظائف الحكومية قائلا "كل ما تيجى مسابقة نقدم الورق، ونحط الدبلوم - يقصد الشهادة - وفى الآخر يضحكوا علينا ويتعين قرايب النواب"، فأسأله "لماذا إذن تتمسك بالحزب الوطنى مادام يتجاهلكم ، ليجيبنى بحسرة "إحنا من غير حاجة بيقولوا علينا خونة، لما نسيب حزب الحكومة ونروح للمعارضة هيقولوا إيه؟!".
موضوعات متعلقة
◄ التنمية غائبة ونواب سيناء يتهمون الحكومة
◄ منير شاش: سيناء تعانى الإهمال والحكومة غير مهتمة
◄ صــدمتنا العريش بغياب الحياة البدوية وثراء النواب
◄ شباب سيناء بين "ظلم الوطن" و"إغراء العدو"
◄ مستشفى نخل العام.. لا أطباء ولا علاج ولا مرضى
◄والأهالى فى انتظار "العقد الأخضر"
الحاج إبراهيم: كلنا فى حزب الحكومة وبيقولوا علينا "خونة"!
الجمعة، 25 أبريل 2008 02:59 م