غياب الأمن بسبب صراع القبائل الذى يصيب رذاذه حتماً الوافدين إلى المحافظة, ونقص الخدمات, وعدم استكمال المشروعات.. أهم أضلاع ثلاثية (الفراغ)، بالأحرى، إعاقة التوطين فى شمال سيناء.
من بئر العبد حتى رفح، لا يوجد مشروع جديد، ولا قديم يوفر فرص عمل لأبناء المحافظة المترامية الأطراف.. اللهم غير جامعة سيناء الدولية "الخاصة"، ومصنع المكرونة الذى أنشئ على أنقاض مستوطنة "ياميت" الإسرائيلية، كما تعانى المنطقة من ضعف استقبال البث (الإذاعى والتليفزيونى) المصرى بدون أجهزة استقبال "الدش" على الرغم من وجود محطة إرسال إذاعى وتقوية فى المساعيد.
الدكتور أحمد عمر هاشم كان قد زار العريش إبان توليه رئاسة جامعة الأزهر، وطالبه المواطنون بإنشاء فرع للجامعة فى شمال سيناء، فوافق شريطة توفير أرض البناء، على أن تتولى الجامعة باقى النفقات، والمفاجأة أن شخصاً واحداً تبرع بـ "250" متر مربع، وامتنع الآخرون، والحال هكذا، الكثير من الأسر التى توطنت من الوافدين منذ سنوات طويلة عادت إلى الوادى.
يقول " ناجى الشابورى " طالب فى جامعة الأزهر، عشت مع أسرتى منذ الطفولة فى حى الريسة بالعريش، وعندما انتهينا أنا وإخوتى من الدراسة الثانوية، عدنا جميعاً إلى المنصورة لاستكمال الدراسة الجامعية، وهذا ما حدث لكثير ممن أعرفهم خاصةً وأن باب الوظائف مغلق فى شمال سيناء فلم تكن هناك جدوى من بقائنا.
وطبقاً لتقرير التنمية البشرية الذى تصدره وزارة التخطيط بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة، يتزايد عدد العاطلين وتتركز النسبة الأكبر منهم فى العريش، حيث يعانى الكثير من أهالى سيناء الأصليين من عدم توافر درجات وظيفية لهم، والتى تذهب لأبناء المحاسيب، ببساطة لأن المناصب القيادية فى العديد من الوظائف تحت يد الوافدين من محافظات الوادى.
يقول "حسن عبد الله" حاصل على بكالوريوس تجارة ويعمل سائق أجرة لم أستطع الحصول على وظيفة لأن المديرين ووكلاء الوزارات من الوافدين؛ إن خلت درجة وظيفية يعطونها لأبنائهم أو للأقارب والمعارف، ويرى أنه منذ فترة من الزمن كانت الوظائف متاحة لكل مواطن والآن توقف كل شئ.
أغلب الذين انتقلوا للعمل فى سيناء كانوا يعتبرونها مرحلة انتقالية للحصول على فرصة عمل مناسبة، ثم العودة إلى محل إقامتهم مرة أخرى بعدما يحصلون على الوظيفة أو الترقية أو المنصب الإدارى الذى طمحوا إليه.
"فوزية الإتربى" إدارية بمدرسة العريش التجارية تقول: أنا منتدبة من مدرستى فى الريسة بالعريش إلى مدرسة أخرى فى الدقهلية، حيث محل إقامتى ولى شقة مغلقة فى الريسة. وعند اقتراب فصل الصيف يقوم زوجى بإلغاء انتدابى عبر أصدقائه وأقاربه من الموظفين الكبار فى الإدارة بالعريش (وهناك لا حضور ولا انصراف ولايحزنون .. فكلنا بنشيل بعضنا) كما أن زوجى الموظف فى ضرائب العريش يستطيع أخذ إجازة بالتليفون، ومدها دون أن يشطب عليه فى دفتر الحضور ويقوم زملاؤه بالتوقيع نيابةً عنه.
الهاجس الأمنى والاعتقالات العشوائية التى تحدث بكثافة عند وقوع أى أزمة على غرار أحداث (دهب ـ شرم الشيخ ـ طابا) بالإضافة إلى إجراءات الشرطة التعسفية تجاه الكثير من المواطنين خاصة أهالى المناطق البدوية والشيخ زويد والعريش وغيرها، يعد عاملاً مؤثراً فى الهجرة العكسية من سيناء، وتخوف القادمين إليها من افتقاد عنصر الأمن، رغم انتشار نقاط التفتيش فى كل مكان، أو من العنف الذى يحدث بين القبائل السيناوية، ويهدد أمن المواطنين الآخرين مثل الاقتتال الذى حدث منذ أشهر قليلة فى العريش بين قبيلتى (الفوخرية والترابيين) وإطلاق النار العشوائى على المواطنين فى مدينة الشيخ زويد أثناء الاقتتال بين قبيلتى (الترابيين والعرارجة)، وأيضاً افتقاد الأمن على المناطق الحدودية، حيث تعددت حوادث إطلاق النار المتعمد والعشوائى من قبل الجانب الإسرائيلى إلى داخل العمق المصرى.
الطرق غير معبدة ومتهالكة, ولا توجد بها خدمات، ويتدنى مستوى الوحدات الصحية بها ولا تتوافر المياة الصالحة للشرب بالكميات المناسبة، حتى إن تواجدت، تكون من مياة الآبار، التى لم يعتد عليها المغتربون، بجانب فقدان الأمن فى هذه المناطق والتى تسيطر عليها بعض القبائل التى لها أعرافها وتقاليدها المختلفة ولا تتمازج مع المغتربين، وتحت هذه الظروف وغيرها يحاول المغترب نقل محل وظيفته إلى المدينة أو العودة إلى الوادى.
موضعات متعلقة:
◄منير شاش: سيناء تعانى الإهمال والحكومة غير مهتمة
◄ شباب سيناء بين "ظلم الوطن" و"إغراء العدو"
◄ صدمتنا العريش بغياب الحياة البدوية وثراء نواب سيناء
◄ التنمـية غائبة ونواب سـيناء يتهمون الحكومة
◄ الحكومة طردت البدو من سيناء لتقيم القرى السياحية
◄مستشفى نخل العام.. لا أطباء ولا علاج ولا مرضى
◄الحاج إبراهيم: كلنا فى حزب الحكومة وبيقولوا علينا "خونة"!
25 أبريـل ..الدمــوع فى عيــون سـينـاء.. والأهالى فى انتظار "العقد الأخضر"
25 أبريل.. دموع فى عيون سيناء.. صراع القبائل وغياب الأمن ونقص الخدمات.. تعوق التوطين
الجمعة، 25 أبريل 2008 10:09 م
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة