دخول شركتين جديدتين إلى سوق الإنتاج السينمائية، إحداهما بميزانية 250 مليون جنيه، والثانية بميزانية 500 مليون جنيه، يفتح الباب للتساؤل حول شكل السوق، والمنافسة خلال الفترة المقبلة، خاصة أن الشركتين مصريتان، تعملان برأس مال مصرى، ويمكن اعتبارهما دعامة قوية للعدد الضئيل من المنتجين المصريين، الذين مازالوا يعملون فى الإنتاج السينمائى، ولكن كمنتجين منفذين يعملون بأموال "روتانا" و "A.R.T"، وسط بحيرة من رؤوس الأموال العربية التى تحتكر السوق منذ سنوات.
أحمد عبد العاطى مدير عام شركة "ميلودى بيكتشر للإنتاج السينمائى"، التى أعلن جمال مروان عن تأسيسها مؤخراً، يقول: "منذ فترة ونحن نقوم بدراسة للسوق السينمائية واحتياجاته، وكانت أولى تجاربنا المشاركة فى فيلم "كلاشينكوف" بنسبة 50%، وبعده اتفقنا على المشاركة فى فيلمى "نمس بوند"، و"شبه منحرف" بنفس النسبة، وذلك حتى نختار من السيناريوهات المقدمة لنا ما نبدأ بإنتاجه فعلياً، وقد تم رصد 250 مليون جنيه لثلاث سنوات، لتقديم أفلام ذات إنتاج كبير، ومستوى متميز، ولبناء 50 دار عرض نبدأها بمجمع فى التجمع الخامس، لأن من يمتلك دار عرض لا يضحى بها، ولهذا فليس أمامنا سوى أن نبنى بأنفسنا، وفى المدن الجديدة، ومازلنا ندرس إمكانية بناء استوديوهات خاصة بنا، كما قمنا بتوقيع بروتوكول تعاون مع شركة "المجموعة الفنية" لتوزيع كل أفلامنا.
معنى ذلك أنكم لن تتعاملوا مع "الشركة العربية"؟
ننوى التعاون مع الجميع، ولاعلاقة لنا بلعبة التوازنات، أو مراكز القوى، فنحن نشترى من "الشركة العربية" أفلامها، لعرضها فضائياً، وأيضاً سنعرض أفلامها داخل دور العرض الخاصة بنا، واختيارنا للمجموعة الفنية قام على التعاون المسبق بيننا.
هل الهدف من دخولكم الإنتاج السينمائى هو توفير أفلام لعرضها على قناة ميلودى؟
بالعكس، فمن السهل جداً ملء ساعات البث، لأن الأفلام متاحة للجميع، ونحن نمتلك أفلاماً تغطى ساعات متواصلة، حتى عام 2016، وإذا وفر لنا الإنتاج شيئاً، فهى فقط فرصة العرض الحصرى، وهذا ليس هدفنا أبداً، لأن هدفنا فى المقام الأول، إيجاد شركة إنتاج مصرية برأس مال ضخم، لإعادة الفيلم المصرى إلى مكانته، وأن يحمل جنسية صانعه، وحتى لا يأتى اليوم الذى نجد فيه كل أفلامنا ليست ملكنا، خصوصاً أنه لا يوجد منتج حالياً ينتج من أمواله، بل من أموال الـ "ART"، و"روتانا" الأمر الذى جعلنا لا نملك تاريخنا، ولاحاضرنا، لذلك حملنا على عاتقنا أن نكون الكيان المصرى الذى يقوم بهذه المهمة.
وماموقفكم من الشركتين؟
بيننا وبين الـ "ART" تعاون كبير، ونشترى أفلامهم لنعرضها، وإحدى قنواتنا السينمائية التى سيتم تشفيرها ستدخل ضمن مجموعة قنواتها، ونتمنى أن يكون بيننا وبين "روتانا" تعاون إذاً رغبوا فى ذلك، لأننا لا ننوى محاربة أحد، فأنا مندهش من ما يقال عن الكيانات والتحالفات الجديدة والصراعات، وما إلى ذلك.
ما خطتكم للإنتاج وسط احتكار النجوم القائم حالياً؟
لا أرى حالياً أى احتكار لأى فنان فى السوق، والنجم يستطيع أن يقوم ببطولة أى فيلم يختاره، ويرضى طموحه الفنى مع أى منتج، بشرط أن يقوم موزعه بتوزيع هذا الفيلم.
لو أردتم العمل مع كريم عبد العزيز فهذا يعنى أن الشركة العربية توزع الفيلم، ألا يفسد هذا البرتوكول بينكم وبين المجموعة الفنية؟
لن يفسد علاقتنا مع أحد، لأننا لا ننوى أن ندخل فى أى صراع من أى نوع بين الكيانات التوزيعية.
هل ستقومون بشراء أفلام من التراث المصرى ؟
هذا مانفعله الآن، فعندما قمنا بالإعلان عن شراء تراث السينما، ورغبتنا فى ترميمه، فوجئنا بأعداد كبيرة جداً من المنتجين، يأتون للتعاقد معنا، حتى ولو كانت أسعارنا أقل من المعروض، لأنهم اقتنعوا أننا سنعرض هذه الأفلام، ولن تظل حبيسة الأدراج مثلما فعلت جهات أخرى.
نحن المقصرون
المنتج كامل أبوعلى صاحب شركة "الباتروس" للإنتاج السينمائى، والتى تم دمجها فى شراكة جديدة مع رجل الأعمال نجيب ساويرس يتحدث عن الشركة الجديدة قائلاً:" التقيت بساويرس وقررنا تأسيس شركة سينمائية كبرى، رأس مالها 500 مليون جنيه مصرى، وهى شركة متكاملة، تشمل الإنتاج والتوزيع وبناء دور العرض، والاستديوهات، ومعامل خدمة صناعة السينما، والحفاظ على تراثها، إضافة إلى الإنتاج التلفزيونى، وليس لملء ساعات البث الفضائية كما يقال.
هل هذه محاولة للتخلص من شروط رأس المال العربى؟
عملت مع روتانا فى أفلام" خيانة مشروعة"، و"أبو العربى"، ولم يكن لهم أية شروط كما يقال، وليست مشكلتهم أنهم دخلوا مجال الإنتاج السينمائى، وأصبحت أغلب الأفلام ملكاً لهم، لأننا المقصرون، ولم نستطع إنتاج أفلامنا.
ما أول المشاريع الإنتاجية المتوقع خروجها لشراكتكم ومن يوزعه؟
أول إنتاج لنا فيلم "الخدعة"، والذى كان يحمل عنوان "الريس عمر الحرب" ويلعب بطولته هانى سلامة وسمية الخشاب وخالد صالح وإخراج خالد يوسف، وحتى الآن لم نتفق على من سيقوم بتوزيع الفيلم.
هل تتعاونون مع كيانات أو شركات إنتاجية أخرى؟
نحن مستعدون للتعاون مع أى أحد، سواء كمنتجين أو موزعين، ولكننا إلى الآن مازلنا فى مرحلة دراسة لكل العروض.
كيف تعملون وأغلب النجوم وقعوا عقود احتكار؟
لا أعترف بالاحتكار، وكل من يعمل معى يعمل مع غيرى، كما أننا كشركة إنتاج، نطمح فى إفراز جيل جديد من الممثلين والمخرجين والمؤلفين، وإن كنا نفضل العمل مع النجوم اللذين نرتبط معهم بعلاقات صداقة، مثل هانى سلامة وعمرو سعد وسمية الخشاب وآخرين.
لغة المصالح
المنتج محمد العدل يتمنى انكسار احتكار النجوم الموجود حالياً، وأن تقدم هذه الشركات تنوعاً فى الأفلام، أو فى نوعياتها، ويقول" إلا أننى أعلم جيداً أن رؤوس الأموال تتحد، وتعلم جيداً لغة المصالح، لذا لا آمل إلا فى انتظار التغيير، وهو القادم الذى ربما يأتى مع هذه الشركات، أو مع غيرها، وربما نعرف خلال الأيام المقبلة، ماهية الوضع داخل السوق السينمائية، خاصة مع ارتفاع أسعار النجوم، ليصبح الحل الأوحد، هو تخريج جيل جديد، مثلما تفعل شركتنا".
التضحية بالصغار
المنتج حسين القلا يعتقد أن السينما ستدخل الأيام المقبلة فى مرحلة جديدة من الإنتاج له شروطه الخاصة بالجودة، وتقديم وجوه جديدة، وزيادة عدد قاعات العرض، أى نهضة سينمائية، لكن هذه النهضة سيكون لها ثمنها، وهو التضحية بالعديد من المنتجين الصغار، الذين لن يتحملوا التكاليف الإنتاجية، وإن كنت أراهن أن شركتى جمال مروان وساويرس ستهتمان بملء شاشتهما بالأفلام ذات الإنتاج المحدود، بجانب الإنتاج الكبير.
الجودة
ممدوح الليثى رئيس جهاز السينما يؤكد أن دخول شركات جديدة يعنى المنافسة، وهذه المنافسة تفرض مبدأ الجودة، بمعنى أننا سنشهد إنتاجاً ضخماً، لنوعيات من الأفلام الجديدة، وظهور جيل جديد من الشباب، سواء من الكتاب أو المخرجين أو الفنانين، وإيجاد مواسم مختلفة.
عشوائية السوق
المخرجون تباينت أراؤهم ما بين مؤيد ومعارض، ويقول المخرج محمد خان: "نتمنى أن تقدم هذه الشركات نوعية مختلفة عن السينما التى شاهدناها خلال الفترة الماضية، ولأنها شركات مصرية، أحلم بأن تكون هناك مساحة من الفكر والبحث داخل القضايا المصرية؛ وإن كنت لا أتوقع ذلك، خاصة أن كامل أبوعلى منتج متواجد منذ فترة، وأفلامه كلها تجارية، أيضاً هذه الشركات لديها رؤوس أموال ضخمة، إلا أنها فى الأصل تبحث عن تنمية وزيادة أموالها، والاستثمار، لذلك لن تنتج أفلاماً مميزة، وأتوقع أن يظل السوق بهذه العشوائية، لأن رأس المال يعى جيداً أهمية اتحاده والعمل ككيان واحد".
محتكرون إضافيون
المخرج محمد راضى يرى أن أهمية وجود رأس المال المصرى بديهية، لأنه الحل الوحيد للنهوض بالصناعة، كما أن الإنتاج الكبير يساعد على ظهور الأفلام الكبيرة، التى تحتاج للإنفاق عليها، مثل الأفلام الحربية أو القومية أو حتى الاجتماعية الكبيرة.
المخرج على عبد الخالق يرى أن زيادة الاستثمار فى السينما معناه زيادة عدد الأفلام، فنحن ما زلنا إلى الآن لم نصل إلى الرقم الذى كنا ننتجه فى الخمسينيات من القرن الماضى، ودون أن تفرض علينا أفلام بعينها، وسياستها، أما عن الاستثمارات العربية الموجودة الناقد ماهر زهدى يعتقد أن التكتل السينمائى الجديد باتحاد رجل الأعمال نجيب ساويرس مع رجال الأعمال كامل أبو على وشركته "الباتروس" وشركة جمال مروان الجديدة خطوة مهمة جداً على طريق فك حصار الاحتكار السينمائى، ويقول:"نتمنى بالطبع أن تتبعها خطوات أخرى على نفس الطريق الصحيح، وليس العكس، بمعنى أن يتم إنهاء حالة الاحتكار، المسيطرة على سوق الإنتاج والتوزيع، حتى لا نفاجأ بعد قليل بتفاقم المشكلة، وأن الجهات الاحتكارية بعد أن كانت جهتين، أصبحت ثلاثة، فمن المهم أن يتم كسر هذا الحصار، ولكن ليس بفرض حصار جديد، من نوع أخر، أى يكون مجرد اقتسام "الكعة"، والاكتفاء بمن هم موجودين فقط، وغلق الدائرة عليهم، وأعتقد أن الأمل الوحيد للخروج من هذه الدائرة المفرغة، هو زيادة عدد هذه الكيانات الإنتاجية الكبرى، إلى جانب تشجيع كيانات أخرى صغيرة.
السوق لا جنسية لها
الناقد الصحفى عصام زكريا يرى أنه من المهم جداً وجود شركات جديدة لأن ذلك يخلق منافسة مابين الشركات، بدلاً من وجود شركتين فقط تحتكران السوق، وتعتقدان أنه حق مشروع لهما، كما أنه لن يكون هناك أى صراع، خاصة أن رأس المال يجمعه الربح والمصلحة، إلا أنه من المتوقع أن يتم كسر دائرة الاحتكار والتوزيع، وإعطاء فرصة أكبر للفنان أن يختار أدواره بعناية، وترتفع تكلفة الإنتاج، مما يجعل هناك أفلام مصرية متميزة، وليس مهما جنسية رأس المال أو الإنتاج، ثم إننا رأينا تجربة شركة "جود نيوز"، وهى رأس مال عربى، وقدمت لنا أفلاماً بميزانيات ضخمة، مهما اتفقنا أو اختلفنا عليها، فنحن نتفق أنه لولا هذا الإنتاج لما قدم فيلم بمستوى "يعقوبيان" أو"حليم".
سينما الوهابية
الناقدة ماجدة موريس تتفق فى أن رأس المال المصرى مهم لحماية الفن المصرى، وعدم إدخال أفكار غريبة ومتطرفة علينا، مثلما حدث مع دخول رأس المال العربى ، ليفرضوا على السينما الفكر الوهابى، وحماية الفنان المصرى من المنتجين العرب الذين يدخلون أولاد بلدهم ويعطونهم فرصة أكبر من الفنان المصرى، أيضاً ستعطى الفرصة للعديد من المخرجين والكتاب والممثلين للعمل، وخلق جيل جديد فى السينما، خاصة أن كل ما يحتاجه المبدع فرصة، مثلما قدم خان نفسة فى فيلم "ضربة شمس" ولكن بشرط أن تقدم ميزانيات كبيرة، وإلا يتحول هذا الإنتاج إلى إنتاج فضائى أقرب إلى أفلام المقاولات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة