على طريق السويس ـ نويبع الدولى، تقف مستشفى "نخل" العام، لتتولى مهمة علاج وإسعاف عابرى الطريق، إلى جانب نحو 7 آلاف مواطن من أهالى المدينة، أهالى "نخل" قالوا إن المستشفى دخلتها مؤخراً أجهزة طبية وصلت قيمتها إلى 5 ملايين جنيهاً، لكن لا أحداً يجد لها أثراً داخل المستشفى، لا تجد من يستخدمها، لا مرضى، ولا أطباء لعدم وجود الفنى المختص بتشغيلها فى أغلب الأوقات.
أهالى "نخل" يرفضون اللجوء إلى المستشفى بأى حال، مفضلين الانتقال إلى السويس أو الإسماعيلية، التى تبعد عنهم بمئات الكيلومترات، على التوجه إلى المستشفى القريب فلا رعاية طبية، فى ظل تجاهل أطباء وممرضى المستشفى لآلام مرضاهم، وإذا تذمر أحدهم من سوء الخدمة، أو تجاهل الاستقبال، فلا يجد سوى عبارة واحدة "روحوا اشتكونا علشان نتنقل من هنا!".
شكوى أهالى "نخل" ربما تظن أنها تحوى مبالغات، سببها الإحساس بتجاهل الجهات الرسمية، لذا كان لابد من دخول المستشفى، ومعاينة حقيقة الأوضاع به.
المبنى متواضع، لم نلتق أحداً عند عبورنا البوابة، ولا بعد ذلك، ولا طوال جولتنا داخل المستشفى، والتى استغرقت ما يقرب من الساعة الكاملة، وكان المبنى خالياً تماماً من المرضى، والأطباء، والممرضين، وهو عبارة عن بنايتين إحداهما من طابق واحد وأغلب الغرف مفتوحة، والأسرة خالية، والحمامات موجودة، لكنها بلا مياه، وأغلبها معطل، وفى أحدها تتكدس مخلفات طبية ملقاة بإهمال رغم تلوثها بالدماء.
غرفة الممارس العام كانت مفتوحة، فدخلناها لنجد دفتر الحالات على مكتب الطبيب، والغريب أنه كان يفيد بتوافد المرضى طوال اليوم، بأسماء مختلفة، وتشخيصات متنوعة، بين صداع، ومغص، وقئ، ومغص معوى، بينما لا يخرج العلاج عن 3 أصناف من المضادات الحيوية، والتى كانت ملقاة أمام باب المستشفى الخارجى.
لم تكن هناك أى سيارة إسعاف بالمستشفى، فى حين احتلت سيارة ضخمة لتنظيم الأسرة الفناء الداخلى، وبالقرب من المكان قابلنا يحيى حميدة حسين، الذى يسكن بالقرب منه، فأكد لنا أن الجميع غير موجودين، وأن هذا هو المعتاد طوال الوقت، وفى المرات التى يضطر فيها أحد الأهالى اللجوء إلى المستشفى، فإنهم يعاملونه بكل إهمال، ولا يخرج العلاج الذى يصفونه له عن نوع أو نوعين من "البرشام"، الذى لا يستخدمه المريض فى النهاية.
يحيى قال إن المستشفى ليست بها صيدلية لصرف الأدوية، والتى يجب ألا تتعدى قيمتها 10 جنيهات للممارس العام، ترتفع إلى 30 جنيهاً للاستشارى، قبل أن يشير إلى أن المستشفى لا يتواجد به أكثر من طبيب واحد "ممارس عام"، يلازم استراحته أغلب الأوقات. وبغض النظر عن قيمة الأدوية التى يقررها الطبيب، فإن المريض لا يستطيع التحصل عليها، لأن أقرب صيدلية للتأمين الصحى بمدينة العريش، وتتكلف المواصلات إليها 50 جنيهاً على الأقل، وبالتالى يصبح التأمين الصحى بلا قيمة أو فائدة.
حال مستشفى "نخل"، يبدو أفضل كثيراً من مستوصف قرية "الخفقة"، إحدى توابع "نخل" الـ 49، والذى أنشئ على بعد 15 كيلو متراً من "نخل" فى منطقة صحراوية، لا يوجد بها منزل واحد، ولم يبق منه غير جدران بلا أبواب، أو نوافذ، وبالطبع بلا أثاث أو أجهزة، وعلى بعد خطوات قليلة من المستوصف المهجور، كان هناك مبنى آخر لا يختلف حاله كثيراً، وعندما دخلناه اكتشفنا أنه إحدى مدارس الفصل الواحد، لم يجد المسئولون مكاناً أنسب من تلك المنطقة الصحراوية البعيدة عن كل شىء لإقامته فيها.
موضوعات متعلقة
◄منير شاش: سيناء تعانى الإهمال والحكومة غير مهتمة
◄ شباب سيناء بين "ظلم الوطن" و"إغراء العدو"
◄ صدمتنا العريش بغياب الحياة البدوية وثراء نواب سيناء
◄ التنمـية غائبة ونواب سـيناء يتهمون الحكومة
◄ الحكومة طردت البدو من سيناء لتقيم القرى السياحية
أجهزة طبية بـ 5 ملايين جنيه على الورق فقط
25 أبريـل ..الدمــوع فى عيــون سـينـاء.. مستشفى نخل العام.. لا أطباء ولا علاج ولا مرضى
الخميس، 24 أبريل 2008 10:58 م
مستشفى النخل العام - تصوير عصام الشامى
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة