يطلقون عليه "عاشق سيناء" .. قضى فيها 14 عاماً استطاع خلالها معرفة أسرارها الدفينة بين رمالها وجبالها، التحم مع نسيج بين القبائل وعاش أفراحهم وهمومهم، اللواء منير شاش محافظ سيناء الأسبق يروى ذكرياته مع سيناء لـ "اليوم السابع" ويقدم رؤية نقدية تستند على معرفة واقعية لعلاقة الحكومة بسيناء بعد مضى 26 عاماً على تحرير سيناء .
ماذا قدمت الحكومة المصرية لها؟
علينا أن نتفق أن سيناء أهملت على مر التاريخ وكانت مقبرة للغزاة وذلك بسبب موقعها الاستراتيجى فى العالم لذا تفهمت الحكومة بعد استردادها أن أمن مصر لن يتحقق إلا بتنمية سيناء عن طريق أهلها وبالتالى بدأ العمل على تنميتها منذ عام 1982 مع بداية رئاستى لمحافظة شمال سيناء وبدأت الحكومة فى إنشاء البنية الأساسية والخدمية حيث تم إنشاء 6 آلاف كيلو طرق، كما لم يكن يوجد إلا سنترال واحد فى العريش وكان به 1100 خط فأصبح يضم 30 ألف خط" وأصبح بكل مدينة وقرية سنترال خاص.
ولم يكن بباقى المحافظة كهرباء حتى أنهم كانوا يوفرون لنا وحدات متنقلة لتساعدنا على الإضاءة فوصلت الكهرباء لسيناء و وصل إجمالى الطاقة فيها إلى 143 ميجاوات عام 1996 ، كما تم إقامة مشروعات عملاقة مثل مشروع ترعة السلام لزراعة 400 ألف فدان وترعة الإفرزوار لزراعة 77 ألف فدان واستطاع أهالى سيناء زراعة 307 آلاف فدان بعد أن حصلوا على قرار من يوسف والى بتمليك الفدان لهم ب50 جنيهاً وبلغ عدد الأراضى التى يتم زرعها حوالى مليون فدان أما بالنسبة للمشروع القومى لتنمية سيناء فتم التصديق عليه فى مجلس الوزراء فى سبتمبر 1994 لاستثمار 75 مليار جنيه ولكن هذا المشروع لم يتحقق نتيجة لغياب التنسيق بين جميع الجهات والوزارات المعنية به، وكانت لى وجهة نظر لحل هذه المشكلة وهى إنشاء جهاز لتخطيط ولإدارة ولمتابعة المشروع من خلال تكليف الوزارات المختلفة بالعمل الذى يجب أن تقوم به، والجدير بالذكر أننى تقدمت بـ 28مذكرة بهذا الشأن إلا أن عاطف عبيد رئيس الوزراء آنذاك لم ينظر فيها .
وما دلالة ذلك من وجهة نظرك ؟
يدل على عدم الجدية فى مباشرة الأمور من جانب الجهات المسئولة خاصة وإن مصر بها الآن حوالى 6 مشروعات قومية بما فيها مشروع سيناء وتوشكى، وكل هذه المشروعات تنفذ فى نفس الوقت وهو مايعكس عدم التنسيق فقد كان من الأفضل ألا يتم البدء فى أى مشروع إلا بعد الانتهاء من المشروع الذى يسبقه.
البعض يرى أن مشروع توشكى سحب بساط اهتمام الحكومة من مشروعات سيناء، ماردك على ذلك؟
وبصوت هادئ أجاب هذا الاعتقاد خاطئ 100 % لأن مشروع توشكى هو الآخر لم يتم إنجازه رغم أنه مشروع قومى.
أيهما أهم التأمين العسكرى أم التأمين الاقتصادى لسيناء؟
الاثنان فالبعد الأمنى لن يتحقق إلا بتنميتها والنهوض بها اقتصادياً.
عشت بين أبناء سيناء حوالى 14 عاماً، هل تستطيع أن تحدثنا عن أهم مايميز المواطن السيناوى؟
السيناوية أكثر المواطنين انتماء وارتباطاً ببلدهم فقد عاونوا القوات المسلحة كثيراً قبل الحرب كما أنهم لايميلون للعنف عكس مايتصوره البعض بدليل أن الصعيد المصرى على سبيل المثال يأخذ بالثأر أما القبائل السيناوية فتأخذ الدية حقناً للدماء، وخلال تواجدى هناك كانت علاقتى بهم بها من الود والارتباط الكثير وهو ماجعلنى لا أستطيع أن أنساهم أبداً أو أنسى جلوسى معهم فى خيامهم نتسامر عن أحوال سيناء وأحوال قبائلهم فقد وصلت علاقتى بهم أن أحضر أفراحهم وأحزانهم ولا تفوتنى أى مناسبة إلا وأن أكون معهم فيها.
لهذا أطلقوا عليك "عاشق سيناء "؟
وبصوت ملئ بالسعادة قال نعم لأننى لم أعشق مكاناً مثلما عشقت سيناء.
وماذا عن علاقة الأمن بالقبائل السيناوية؟
هناك مشكلة تواجهه الأمن أثناء تعامله مع بدو سيناء فهو غير قادر على أن يتفهم طبيعة هؤلاء الأفراد أو طبيعة المنطقة، فالأمن يتعامل معها مثلما يتعامل مع أى منطقة عشوائية داخل مصر فحتى الآن لم يستطيعوا أن يكتسبوا ثقة شيوخ هذه القبائل لذا فالعلاقة بينهم متوترة بعض الشىء، وهو عكس علاقتى بهم تماماً فأذكر أنه فى إحدى المرات عرفت أن بعض القبائل تزرع بانجو فقمت بإحضار شيوخ هذه القبائل وعبرت لهم عن ضيقى مما قاموا به وهو ماجعلهم لايقومون بزراعة البانجو مرة آخرى خوفاً من أن يؤثر ذلك على علاقتى بهم.
إذا عدنا إلى الوراء مارأيك فيمن يقول " إننا حررنا سيناء بكرامة الاستشهاد ثم استكملنا عودتها بمذلة التفاوض"؟
باستغراب قال لاتوجد أى مذلة، فالحرب مرحلة كان لابد وأن تنتهى، لذا فالحل السلمى استكمال لما تم فى هذه الحرب بدليل أن أرضنا رجعت كاملة.
هل نحن بحاجة لتعديل اتفاقية كامب ديفيد بعد كل هذه السنوات؟
وبتعجب أجاب لا أعتقد أن شيئاً جديداً قد حدث يستدعى القيام بهذا التعديل، فالتواجد الأمنى على الحدود مع إسرائيل أفضل من ذى قبل بالإضافة إلى أن علاقتنا بإسرائيل الآن لايوجد بها أى توتر ومن هنا إذا كانت هناك أى احتمالات للحرب، فمن الطبيعى ستزيد القوات على الحدود بصرف النظر عن الاتفاقية أو غيرها.
وما تقيمك لما حدث مؤخراً فى معبر رفح؟
على ما أعتقد أن هذه الأحداث قد تم المبالغة فيها بشكل أكثر من اللازم لأن الناس كلها ليست مثل بعضها ومن هنا حينما يوجد 100 أو حتى 200 شخص غير سوى من مجمل مئات الآلاف من الفلسطينيين الذين دخلوا لمصر عبر رفح لشراء مايحتاجون إليه من سلع أساسية فهذا يعنى أننا ضخمنا الأمور بشكل كبير خاصة أن علاقتنا بغزة كانت ولا تزال جيدة .
ما الخطأ الذى ارتكبه المصريون فى حق سيناء؟
عدم القدرة على إدارة المشروع القومى لتنميتها حيث تم انتقال المشروع بين وزارة الرى والشركة القابضة ووزارة الزراعة وغيرها.
هل تستطيع أن تصف لنا سيناء فى 25 أبريل 1982 وسيناء 25 أبريل 2008 ؟
فى 25 أبريل 1982 كانت سيناء تعانى من الفراغ الاستراتيجى أما فى 25 أبريل 2008 فهى الأمل فى أن تكون الإضافة الاقتصادية والأمنية لمصر .
موضوعات متعلقة
◄ شباب سيناء بين "ظلم الوطن" و"إغراء العدو"
◄ صدمتنا العريش بغياب الحياة البدوية وثراء نواب سيناء
◄ التنمـية غائبة ونواب سـيناء يتهمون الحكومة
◄ الحكومة طردت البدو من سيناء لتقيم القرى السياحية
◄مستشفى نخل العام.. لا أطباء ولا علاج ولا مرضى
عاشق سيناء
منير شاش: سيناء تعانى الإهمال والحكومة غير مهتمة
الأربعاء، 23 أبريل 2008 06:55 م
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة