بابور الجاز يكتبونه ( وابور ) مع أن الغالبية تنطقه كما كتبته ( بابور ) وكانوا يكتبونه قديما ( باجور )، ونفس الشئ يحدث مع كلمة (غفير ) ينطقونها هكذا بالغين ويصرون على كتابتها بالخاء ( خفير ) وهذا نوع من السفه اللغوى يشيع فى مصر المحروسة . !! ما علينا !!
بابور الجاز هذا ظهر مع المأسوف على نباهته عاطف عبيد ليلة حرق أربعة آلاف صعيدى فى قطار متهالك منتهى الصلاحية ليلة عيد الأضحى الموافق للرابع من فبراير من عام 2003، احترق القطار لأسباب لا تزال مجهولة لنا نحن أهالى الضحايا، وإن كانت معروفة لغيرنا فالله أعلم، احترق القطار وتفحمت الجثث، واختلطت الجلود بالعظام والرؤوس بالأرجل، وكانت الكتلة من الفحم الآدمى تزن أطنانا ويصعب فصلها، وحتى هذه اللحظة لا تزال أسر كثيرة فى بلادنا الفقيرة فى الصعيد غير قادرة على استخراج شهادات وفاة ، و لا تزال أسر كثيرة لا تستطيع لهذا السبب صرف معاشاتها المستحقة.
ليلتها – لا أعاد الله أمثالها إلا على من تسببوا فيها أو تستروا عليها – بات الصعيد كله باكيا، لا للموت فنحن متعودون عليه فى الحروب، ولا للذل فنحن متعودون عليه فى الطوابير، ولا للقهر فنحن متعودون عليه فى كمائن المرور، ولا لفقد الشباب فنحن تعودنا عليه من أيام قتل شبابنا فى العراق ثم فى الخليج ثم على الطرق السريعة التى تربطنا بالعاصمة.
احترق القطار، وبات الصعيد كله باكيا مكسور النفس مهموما جريح الكبرياء، لأن رئيس وزرائنا الهمام ظهر مبتسما، أنيقا، مبسوووووووووطا، فاشخا فاه المبارك له فيه،
وحوله صبيانه من الصحفيين، يحدثهم عمن أسماهم ( القتلى !! ) بدل أن يقول الشهداء أو الضحايا، وظهر بجانبه – على الشاشات – بابور جاز جديد يلمع ويبرق، ودولته يشرح لنا أننا – كبهايم – تعودنا أن نطبخ ونخبز ونصنع (شايا) وقهوة فى القطارات، ودولته لم ير قطاراتنا ولن يراها، إن المرور فيها على القدمين يحتاج إلى من يتمتع بلياقة الحضرى نفسه ( حوالينا ولا علينا ).
وأتحدى – حتى اليوم – أن يوجد فى قطار من تلك القطارات مكان لبابور جاز فضلا عن ( قعدة سلطنة ) تخيلها ( الرايق !! ) حول البابور !! الذى يكتبونه وابور، وقديما كانوا يكتبونه (باجور) !!!!!!!
وأما ( عتريس ) فهو تاجر من صغار تجار الحديد، مارست عليه حكومة مصر العفية الفتية القوية " الذكية " أقصى درجات الفروسية، وجيشت له جيوشا عسكرية، وميليشيات إعلامية لاظوغلية، ففتكت به وطرحته أرضا بعد أن أمسكت به ( يتلاعب ) فى سعر طن الحديد، وضبطت بحوزته بضع مئات من أطنان الحديد، ووقف الوزير ( الرشيد ) يفرك شواربه، ويتحسسها، وينوع نغمات صوته خفوتا وارتفاعا، من مقام إلى مقام، وهو يقول لشعبه الصابر ما مفاده أن الحمد لله وحده، صدق وعده، ونصر جنده من رجال وزارة التجارة والصناعة، وألقى فى قلوب المتلاعب بالحديد الرعب فأمكن الوزارة من رقبته، واسمه – فيما قالت الصحف – " عتريس " !!! أرأيت عزيزى القارئ كيف صدق العرب حين قالوا إن لكل مسمى من اسمه نصيبا ؟ عتريس ..؟!! نعم : عتريس !! عتريس .. ؟ أجل هو بنفسه وعينه : عتريس . !!! وهل يجرؤ على احتكار الحديد والتلاعب به إلا عتريس ؟ باسم الله ما شاء الله !! لقد كمنت فظفرت يا ابن الرشيد !!
وأما ( البليلة ) فقد وردت فى صحف أول من أمس على لسان وزير الزراعة أمين باشا أباظة، حين كان يفسر ظاهرة غريبة لم تشهدها مصر منذ خلق الله مصر، وهى ظاهرة سرقة سنابل القمح نيئة قبل تمام نضجها، فقد نشرت الصحف أن أشخاصا لا يعرف أحد هويتهم يشترون من الفلاحين السنابل النيئة بألف جنيه للقيراط، وهو ثمن غال جدا، وبخاصة أن ثمنه بعد تمام نضجه وصيرورته قمحا لن يصل إلى نصف هذا المبلغ، وفسر المتشككون الأمر بأنه مؤامرة صهيو/ أمريكية لتأجيج نيران الجوع فى العام القادم لنقصان القمح المحلى، ولم يستطع أحد أن يفسر عجز الحكومة ( التى تسمع دبة النملة كما جاء يوما على لسان رئيسها الراحل عاطف صدقى !! ) عن معرفة هوية أولئك المشترين، لكن أمين باشا أباظة وزير الزراعة الحالى زف إلى الحائرين الأغبياء من أمثالنا هذا الأمر فبلغ الذروة فى الإبداع بتفسيره ذاك، فقد قال - لا فض فوه وهلك شانئوه – إن المشترين فعلوا هذا الفعل إما ليتخذوا من السنبل النيئ أدوية، أو ليصنعوا منه " بليلة " !! كما ذكرت الصحف على لسان معاليه، وفيما أظن لم يرد لفظ ( البليلة ) على لسان حكومة منذ خلق الله الحكومات . وشر ( البليلة) ما يضحك !!
بذمتكم مش دى برضه حكومة ناوية تموّتنا من الضحك؟
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة