د.سعيد اللاوندي

"الذئب" الأمريكى "والحملان" العربية

ألم ينته الدرس يا غبى؟!

الخميس، 17 أبريل 2008 10:08 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى كل مرة أقرأ فيها تصريحاً (عربياً) تصعيدياً ضد إيران أجدنى أتمتم فى سرى قائلاً: "إلى متى سيظل العرب سذجاً يبتلعون الطعم، فإيران ليست عدوة لنا فلماذا كل هذا التجييش والعدوانية ضدها؟".
وأعترف أن هذا السؤال الذى يلح على خاطرى- ليل نهارـ هو محصلة قناعة مؤداها أننا فى المنطقة العربية نأخذ مواقف لحساب غيرنا، فإيران منذ عدة عقود تعيش حالة استعداء كاملة ضد أمريكا، وربما لديها مبرراتها الخاصة، فإيران الثورة ليست هى إيران الشاه.. وكلنا يذكر أزمة الرهائن فى السفارة الأمريكية فى طهران والتى شغلت العالم لفترة طويلة، ثم قائمة الاتهامات المطولة التى توجهها واشنطن ـ طوال الوقت ـ لطهران وكلها تدور حول أن إيران هى حاضنة الإرهاب وممولته فى آن واحد.
أريد أن أقول أن أسباب العداء متوفرة بين الجانبين، وليس هذا الحال بالنسبة للعرب والإيرانيين، أما إذا أضفنا إسرائيل إلى المعادلة لاكتشفنا أن النيران مشتعلة بشكل مستمر بين تل أبيب وطهران، فالأولى ترى إيران رأس الشر فى منطقة الشرق الأوسط، بينما تذهب الثانية إلى أن إنقاذ المنطقة من القلاقل والاضطرابات لا تأتى إلا بسحق إسرائيل أو إلقائها فى البحر !!.
إذا كان ذلك كذلك، فالعرب لا ناقة لهم ولا جمل فى القضية برمتها سيما إذا استحضرنا إلى الأذهان علاقة الجوار شبه الهادئة مع إيران، الدولة الإسلامية الكبرى والقوى الإقليمية المهمة.
صحيح هناك مشكلات مثل مشكلة الجزر الثلاث الإماراتية: طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، لكنها من ذلك النوع الذى يقبل الأخذ والرأى والتحكيم، وهو أمر لا ترفضه ـ فى كل الأحوال ـ إيران.
المهم إذن هو السؤال التالى:
• لماذا تنزلق بعض التيارات السياسية العربية وتتصرف من منطلق أن إيران عدوة لنا مع أنها ليست كذلك؟، الغريب أن هذه الأكذوبة تنطلى على بعض التيارات مع أن استقراء جملة الوقائع القريب والبعيدة يؤكد أن المستفيد من التوتر بين إيران والعرب هى أمريكا وإسرائيل، ولعل ما ذكره زعيم المعارضة الإسرائيلية بنيامين نيتانياهو فى محاضرته الأخيرة بجامعة بار إيلان يؤكد ذلك بشكل مباشر، فقوله إن إسرائيل استفادت كثيراً من واقعة الهجوم على البرجين التوأم والبنتاجون فى 11 سبتمبر 2001 يعنى أن تقسيم العالم إلى أرهابيين، ومن بينهم إيران والعرب من جانب وضحايا وفد بينهم أمريكا والغرب وإسرائيل من جانب آخر، قد صب فى النهاية فى صالح إسرائيل، ومعلوم أن واشنطن قد وجهت اتهاماً إلى صدر طهران بزعم أنها تدعم تنظيم القاعدة وزعيمه أسامة بن لادن. كما سبقت أن وجهت الاتهام نفسه إلى صدر صدام حسين، ولئن كانت خاضت بنفسها حربها (الاحتلالية) ضد العراق وتكبدت فيها الخسائر الضخمة (عدداً وعتاداً) فهى لا تريد أن تكرر خسائرها أو تضاعفها فى حرب تريدها بالفعل مع إيران، لذلك تسعى جاهدة إلى تهيئة أجواء الحرب فى منطقة الشرق الأوسط وتوفير جميع العناصر لإشعالها، لكن بشرط أن يحترق بنيرانها العرب وليس الأمريكيون.
أعنى أن نية ضرب إيران قائمة لكن أداة التنفيذ هنا لن تكون المارينز الأمريكى كما حدث فى العراق، وإنما المارينز العربى ـ إن صح التعبير. وكلنا يفهم أن أمنية إسرائيل هى أن تخترق إيران وكل الشيعة فى المنطقة، لذلك تكثف كل جهودها الدبلوماسية والسياسية والعسكرية لدفع الدول العربية باتجاه التصادم مع إيران، فزيارة السيدة ليفنى، وزيرة الخارجية الإسرائيلية، لقطر مؤخراً ومشاركتها فى مؤتمر الديمقراطية والتنمية الذى انعقد فى الدوحة وحديثها- فى لقاءات مهمة وخاصة ـ عن إيران باعتبارها الشيطان الذى يقضى مضاجع الحكومات والشعوب فى المنطقة هى امتداد للزيارة التى كان قام بها إلى منطقة الرئيس الأمريكى قبل أكثر من شهر وتحدث فيها عن أبلسة طهران وتحملها مسئولية عدم الاستقرار بدعمها للإرهاب والإرهابيين، وسوف تكون أيضاً (مقدمة) للزيارة المرتقبة التى سيقوم بها الرئيس الأمريكى ثانية فى محاولة (إصرارية) على استعداء المنطقة العربية والدول الخليجية ضد إيران، إذن الأطراف المتصارعة تتناور تحت الشمس وهى: (أمريكا وإسرائيل وإيران)، ومن ثم لا فكاك من طرح السؤال: لما نتورط فى هذه الأزمة مع أننا لسنا طرفاً فيها؟ ولماذا لم نستفد من الحرب العراقية ـ الإيرانية التى غرر فيها الأمريكان بصدام حسين وأقنعوه بأن عليه أن "يتغذى بإيران قبل أن تتعشى هى به" فكانت النتيجة حرباً بلا هوادة استمرت نحو ثمانى سنوات خسر فيها الطرفان (العراقى والإيرانى) الكثير.
وكأنى أرى بأم رأسى أن هذه الوقائع تتكرر بتخطيط أمريكى إسرائيلى. فإشعال الحرب ضد إيران فى المنطقة لن يربح منه غير الأمريكان والصهاينة كما ربحا من مؤامرة ضرب البرجين فى 11 سبتمبر.
وعلى طريقة الأسئلة العنقودية أجدنى أقاوم سيلاً من الاستفسارات: لماذا لم نفطن بعد إلى مؤامرات أمريكا وإسرائيل، ولماذا نبتلع الطعم المر ونظنه عسلاً مصفى، ولماذا ننجرف إلى حرب لا ناقة لنا فيها ولا جمل؟.
صحيح أن هناك توتراً فى المنطقة، لابد أن نعترف بذلك لكنه التوتر الناجم عن المجازر الإسرائيلية وقتل واغتيال وتجويع الفلسطينيين، والناجم أيضاً عن زرع الفتنه بين الأشقاء فى لبنان وسوريا، أما احتلال أمريكا الغاشم للعراق فهو السبب الأكبر والمصيبة الأعظم فى آن واحد.
ما قاله نيتانياهو عن أرباح إسرائيل الطائلة من وقوع أحداث 11 سبتمبر يذكرنا بما سبق أن قاله الكاتب الفرنسى تيرى ميسان فى كتابه الشهير (الخديعة الكبرى) وهو أن هذه المادة صناعة أمريكية لخلق ذريعة لغزو العراق والسيطرة على نفطه وماله ومقدراته كدولة قوية فى المنطقة، وخلق المبرر لدخول إسرائيل فى ثوب (البيزنس) والتعمير والتصويب والإنقاذ إلى بغداد وباقى المدن العراقية.. والأهم هو أن الإرهاب أصبح "أكليشيهاً" تختم به أمريكا وإسرائيل كل الصغرات والإضرابات، فأسامة بن لادن هو الفزاعة التى يجب استخدامها لإلقاء الرعب فى قلب هذه الدولة أو تلك.
أريد أن أقول ـ خلاصةـ إن إيران دولة إسلامية وجارة لنا، ويمكن أن تتكفل آليات الحوار بفض أى منازعات حدودية أو غير حدودية معها، وليس هناك مبرر لاستمرار مقاطعتها أو إعطائها ظهورنا وأجزم بأن المصلحة القومية للدول (فرادى ومجتمعين) تفرض مد الأيدى نحوها.
وكفانا سذاجة عندما نستعدى الأصدقاء ونؤلب علينا المحايدين، ولئن كان نفس منطق المصلحة يدفع بعض الدول فى المنطقة لفتح طرق دبلوماسية مع دولة محتلة لأراضينا العربية فى فلسطين (أقصد إسرائيل) .. فكيف نعطل نفس المنطق مع دولة إقليمية بارزة بحجم إيران؟، باختصار: أتمنى أن يبرأ العقل السياسى العربى من انغلاقه وسذاجته فما هو عدو لأمريكا وإسرائيل لا يجب أن يكون عدونا، وليتنا نتعلم درس العراق فى زمن صدام حسين الذى كان أكثر من حليف للغرب ثم التهمه الذئب عندما دعت الحاجة إلى ذلك.
إخوة العروبة.. ألم ينته الدرس بعد ؟!.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة