المحللون العسكريون والاستراتيجيون انقسموا حول مغزى المناورات العسكرية التى أجرتها إسرائيل، ورغم ترجيحهم أنها لا تعنى الحرب بالضرورة ولا تخرج عن كونها رسالة طمأنة للداخل الإسرائيلى بعد تقرير فينوجراد، إلا أنهم تساءلوا فى الوقت ذاته: أين المناورات العربية والاستعدادات المماثلة؟ طبيعة المناورات الإسرائيلية تكشف بوضوح أن الحرب قادمة، أيا كان توقيتها، وستكون ضد المدنيين بالأساس، وهذا ما أكد عليه الخبراء أيضا.
ضربة محتملة
إسرائيل تتحسب لاحتمال أن تقوم الولايات المتحدة بتوجيه ضربة عسكرية ضد إيران، وتخشى أن ترد طهران بفتح جبهات للحرب على إسرائيل، من جنوب لبنان ومن سوريا وبالتالى فهى تتخذ من الآن تدابير احترازية. هذه وجهة نظر لواء أ.ح نبيل فؤاد المتخصص فى استراتيجيات تخطيط الحروب.
هناك هدف ثان للمناورات يضيفه اللواء نبيل فؤاد هو أن الحكومة الأمنية الإسرائيلية بهذه العروض الضخمة والمتواصلة تخاطب الداخل الإسرائيلى نفسه وتبعث برسالة طمأنينة مفادها أن مؤسستها العسكرية استردت عافيتها بعد حرب لبنان واستوعبت الموعظة من تقرير فينوجراد وتؤهل نفسها لأى آت فى المستقبل يهدد أمنها الداخلى.
المناورات، وهى الأكبر من نوعها على الإطلاق، بدأت يوم الأحد قبل الماضى لمدة خمسة أيام. واشتملت على: استنفار المدنيين، وتوفير الملاجئ، والمستشفيات، وارتداء الأقنعة الواقية، وتنفيذ خطط لإبعاد الأطفال عن خط الجبهة، وتوفير سبل الصمود والتعبئة النفسية.
حشد متزامن
لكن ماذا عن الحشد العسكرى الأمريكى المتزامن؟ الولايات المتحدة الأمريكية أرسلت ثلاث حاملات طائرت إلى المنطقة فى وقت واحد، وهو ما أعطى انطباعا بأن الولايات المتحدة بصدد حشد هجومى فعلى وبصدد عمل عسكرى موجه لإيران بالأساس. ولكن هذا الأمر له تصور آخر بالنسبة لتخطيط الحروب يقول إن واشنطن بصدد الاستخدام السياسى للقوة بهدف إرهاب الطرف المقابل فقط. حسابياً، الولايات المتحدة هى الأقوى عسكريا ولكنها لا تستطيع أن تفتح على نفسها حرباً فى ثلاث جبهات، وبالتالى فلن تقدم على حرب برية بالمعنى المفهوم، بل مجرد توجيه ضربات صاروخية، وستقتصر العمليات البرية على احتلال مضيق هرمز لتأمينه فقط.
ضجة زائفة
اللواء عبد المنعم كاطو، الخبير العسكرى يؤيد الطرح السابق: المناورة الإسرائيلية أقل بكثير من الضجة المثارة حولها، والتى لا تزيد عن كونها مناورة دفاع مدنى، وخطاب للداخل بعد فينوجراد، وهذا جزء أمن وطنى، ومن الناحية الخارجية، تعد رسائل فى اتجاهات محددة، إسرائيل قبل شهرين قامت بمناورتين إحداهما فى النقب مع الولايات المتحدة – وهى مناورة جوية – والثانية بحرية شاركت فيها الولايات المتحدة وتركيا. هذه المناورات تقوم على نقاط رئيسية هى: شخصية باراك: الذى يريد أن يقول إننى موجود على قمة المؤسسة العسكرية وسأرفع من قدرة إسرائيل العسكرية التى تدنت خلال حربها على لبنان. الثانى أن غالبية القيادات العسكرية الإسرائيلية اكتشفت أن هناك ضعفاً طال المؤسسة العسكرية بناء على حالة السلام الموجودة مع الطرف العربى الأكبر إقليمياً فى المنطقة وهو مصر، وأن هذه المؤسسة بحاجة إلى اختبار لرفع هذه القدرات من جديد حتى لا تفاجأ بفتح جبهات لا تقدر على صد هجومها.
لا حرب قادمة
هل إسرائيل جادة فى عملية الحرب الآن ؟ لا.. لأن إسرائيل لم تتخذ استعداداتها الكافية ولم تحصل على ضوء أخضر من الولايات المتحدة، كما أنها تدرك جيدا أن موقف الولايات المتحدة الآن ضعيف فى المنطقة بعد تورطها فى العراق. وتدرك حسابات فتح جبهة جديدة للحرب وهناك انتخابات رئاسة أمريكية جارية. شواهد الحرب كما يقول كاطو تجرى بناء على تأمين الحدود الإسرائيلية مع الدول العربية وهو ما لم يحدث مع مصر والأردن، كما أن المواقف السياسية فى الداخل والخارج لم تصعد إلى درجة الحرب، خاصة أن هناك حالة من الغزل الإسرائيلى السورى، ولبنان خارج نطاق الخدمة وظروفه معروفة الآن، أما على مستوى الجبهة الفلسطينية فإسرائيل تدك الضفة والقطاع سواء كانت فى حالة استعداد لحرب من عدمه. ما يحدث فقط لا يزيد عن كونه نوعاً من الحرب النفسية التى تلعب عليها إسرائيل وهى تستخدم ضعف قلوب النظم العربية وشعوبها، ونجحت فى توصيل رسائل كافية عن استعدادها لخوض حروب ومعارك مع العرب، بينما هذا ليس حقيقة. أما عماد جاد، الخبير فى الشئون الإسرائيلية، فيؤكد أن هدف المناورات الاستعداد للحرب على ثلاث جبهات فعلا، وحماية الداخل الإسرائيلى فى حال اندلاع مثل هذه الحرب. ويعيب جاد على الدول العربية أنها لا تستعد هى الأخرى بنفس الطريقة.
تل أبيب تدق طبول الحرب لطمأنة الداخل وإرهاب الخارج
الإثنين، 14 أبريل 2008 11:18 م
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة