ليس بالخبز وحده: الأصداء المدوية للإضرابات التى تشهدها أكبر الدول العربية سكاناً

الأحد، 13 أبريل 2008 01:59 م
ليس بالخبز وحده: الأصداء المدوية للإضرابات التى تشهدها أكبر الدول العربية سكاناً
إعداد كاميليا رزق الله عن الإيكونوميست

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
احتشد العمال صوب بوابات مصنع غزل المحلة، أحد أكبر قلاع النسيج فى مصر، بعد أن نعموا بشكر رئيس الوزراء أحمد نظيف لعدم قيامهم بإضراب ومنحهم مكافأة شهر، إلا أن هذا لم يمنع ظهور التذمر بين العمال الذى قال أحدهم، وهو مسعود حافظ، كهربائى يعمل فى المصنع منذ 28 سنة ويحصل على راتب شهرى 249 جنيها مصريا (46 دولارا): "لا أريد سيارة، ولا الذهاب إلى السينما أو شراء طعام من كنتاكى، كل ما أريده هو خبز لأطفالى".
ففى هذه البلدة الكالحة القابعة فى الدلتا شمال القاهرة، يعد عمال مصنع غزل المحلة المملوك للدولة والبالغ عددهم 25 ألفاً هم المحظوظين، ذلك أن هذا المصنع الذى أنشئ فى عهد الاشتراكية فى حقبة الستينيات استعراضاً لقدرات النظام على توفير فرص عمل، أوقف كل التعيينات الجديدة منذ خمس سنوات، وذلك فى بلدة لا تتوافر فيها فرص عمل سوى القليل، وقد أسفرت تهديدات الشرطة، فضلاً عن دعوة الحكومة، عن عدم انضمام عمال مصنع غزل المحلة إلى دعوة الإضراب العام فى البلاد يوم السادس من أبريل.

ازدهار اقتصادى لا يشعر به الفقراء
إلا أن هذا لم يقف دون خروج الشباب العاطلين عن العمل إلى شوارع المحلة فى حالة من الهياج، أسفرت عن مقتل شخصين وأحالت وسط المدينة الذي حاصره آلاف من جنود قوات مكافحة الشغب إلى ركام من الحجارة.
ولم تعرف البلدة قبل ذلك مثل هذه الاضطرابات، كما أن الشعب المصرى الذى أصبح أكثر من 77 مليوناً من البشر والمشهور بسلبيته، لديه كل الأسباب النظرية على الأقل ليكون وديعاً، فالاقتصاد المصرى حقق نمواً بمعدل 7% سنوياً، وتتدفق عليه الاستثمارات الأجنبية بمستويات قياسية، خاصة من دول الخليج الغنية. كما تزدهر السياحة، وتشهد البلاد زيادة في مبيعات السيارات الجديدة تصل إلى أربعة أضعاف، فى السنوات الخمس الأخيرة، وتمتلئ ضواحى القاهرة بالفيلات الفاخرة وملاعب الجولف ومراكز التسوق. غير أن كل هذه المكاسب لم تصل إلى شواطئ الفقراء وهم أغلبية سكان مصر. فعلى الرغم من مبالغ الدعم التى أبقت على أسعار الخبز والوقود فى مستوى يقل كثيراً عن الأسعار العالمية، إلا أن أسعار السلع الأساسية مثل زيت الطعام والسلع الغذائية ومواد البناء شهدت ارتفاعات تعوق كثيراً المرتبات الهزيلة، حتى أن معدل التضخم بلغ 12% فى شهر فبراير الماضى وحده.

سبب الوفاة: الوقوف في طابور الخبز
وهذا القحط وزيادة اعتماد المصريين فى غذائهم على الخبز، يحدث فى الوقت نفسه الذى تشهد فيه الأسعار العالمية للقمح ارتفعات شديدة. وقد رفعت الحكومة مخصصات الدعم من 2 مليار جنيه فى العام الماضى لتبلغ 2.5 مليار جنيه العام الحالى إلا أن تفشى الفساد وانهيار الكفاءة الإدارية أصبحا يتآمران معاً ليصبح رغيف الخبز الردئ، والذى يبلغ ثمنه خمسة قروش، عملة نادرة. وقد لقى 11 مصريا حتفهم فى غضون الشهرين الماضيين فى حوادث طوابير الخبز، إلا أنه بعد مرور 26 عاماً ونصف على حكم الرئيس مبارك، وكلها كانت فى ظل حالة الطوارئ، فإن قلة من المصريين فقط هى التى تؤمن بجدوى استخدام قوات الأمن، رغم أنها قد تكون جزء من المشكلة. هذا ما دفع بالرئيس مبارك لتوجيه أوامره للقوات المسلحة لإنتاج وتوزيع الخبز. فقبل انتخابات المجالس المحلية فى 8 أبريل على سبيل المثال، ألقت الشرطة القبض على حوالى 800 من أعضاء الإخوان المسلمين والذين يعدون أقوى الحركات المعارضة فى مصر، على الرغم من الحظر المفروض عليها. وبالإضافة إلى هذه الاعتقالات، تم تجاهل أحكام القضاء بقانونية بعض مرشحى الإخوان ليتقلص عددهم على 20 من بين 50 ألف مرشح، الأمر الذى دفع بحركة الإخوان إلى مقاطعة الانتخابات.

إضراب آخر في الطريق
وشهدت الانتخابات إقبالاً جماهيرياً ضعيفاً، سواء بسبب مقاطعة الإخوان أو لأسباب أخرى، لينفرد بها مرشحو الحزب الوطنى، هذا غير الصفقات السرية التى عقدت لتمرير بعض مرشحى أحزاب المعارضة الأخرى الضعيفة، ولكن التى تحظى بالاعتراف الرسمي. وترجع أهمية انتخابات المحليات إلى التعديلات الدستورية التى تشترط حصول المرشح لرئاسة الجمهورية فى الانتخابات القادمة على 140 صوتاً على الأقل فى المجالس المحلية. وقد أشعل هذا التدليس الوقح المزاج العام، فى وقت يزداد فيه الغضب الشعبى من الجيوب الخاوية، إلا أن الاستجابة لدعوة الإضراب العام، الذى افتقر للحظة الجيدة كانت ضعيفة. فقد صدرت دعوة الإضراب العام على مواقع عدة فى شبكة الإنترنت وعبر الرسائل القصيرة فى الهواتف المحمولة تزامناً مع إضراب عمال غزل المحلة الذى لم يتم. والواقع أن قلة هى التى امتنعت عن الذهاب إلى العمل، إلا أن الكثيرين فضلوا المكوث فى منازلهم ومنعوا أولادهم من الذهاب للمدارس خوفاً من اندلاع الإضراب فى الشوارع التى كانت، على غير المعتاد، خاوية. ومن الصعب التنبؤ بما يمكن أن يحدث لو وقع إضراب آخر منظم. وعلى الرغم من أن الشرطة ألقت القبض على عشرات من منظمى الإضراب الفاشل فى الأسبوع الماضى، إلا أن هناك دعاوى متحمسة للقيام بإضراب جديد يوم 4 مايو الذى يوافق عيد الميلاد الثمانين للرئيس مبارك.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة