"لن يستطيع أحد حرمانى من باب رزقى، على رقبتى إن نفذوا هذا القانون، فسوف أسرق أو أقتل، وإن لم يكن سأبيع مخدرات أو أتجه للعمل فى السياسة، أو أتاجر فى السلاح، أو هناك حل آخرأن أسرق السائحين".
هكذا بدأ كريم سعد عباس - 28 سنة- حديثه، بمجرد علمه بمشروع القانون الذى تقدم به الدكتور زاهى حواس، رئيس المجلس الأعلى للآثار، بفرض غرامة مالية على الجهات التى تقوم بنسخ الآثار المصرية القديمة، وقصر إنتاج النماذج طبق الأصل، على المجلس الأعلى للآثار، بالإضافة إلى ضرورة الحصول على تصريح من السلطات المصرية المتخصصة قبل أى تقليد، سواء بالحجم الطبيعى أو أى حجم.
وكريم شاب لا يعرف سوى صنع وبيع الآثار المقلدة، وهى المهنة التى نشـأ وتربى عليها فى "خان الخليلى"، وهو فى طريقه الآن للزواج وتحاصره الديون، وهو واحد من آلاف الذين يعملون فى مجال صناعة وبيع الآثار المقلدة، والتى تتركز فى مناطق محدودة فى مصر، ومنها خان الخليلى والأقصر وأسوان.
"اليوم السابع" اتجهت إلى "خان الخليلى" لرصد حال من يعملون فى هذا المجال، وكانت المفاجأة أن كثيراً منهم لم يسمع عن القانون، فالتفوا حولنا للاستفسار عنه وعن بنوده، وكادت أن تحدث مظاهرة إلا <أننا أكدنا="" لهم="" أن="" القانون="" مازال="" مطروحاً="" للمناقشة="" فى="" مجلس="" الشعب،="" فحدث="" نوع="" من="">أننا>
ضربة لسوق السياحة فى مصروقال المهندس محمد طنطاوى – أحد البائعين – إنهم لن يستطيعوا التحكم فى آلاف العاملين بهذه المهنة، ولن تستطيع الحكومة تعويضهم، وتساءل "ماذا إذا أراد السائح الحصول على قطع الآثار المقلدة كتذكار؟، نمنعه ونقول له يكفيك التقاط صور بجانب القطع الأصلية الموجودة فى المتاحف؟، كما أن المنتج الصينى يأتى على مرأى ومسمع من الجميع بواسطة الحكومة، ولابد أن تتخذ موقفاً بعدم استيراده". مضيفاً أن مصر عندما تستورد المنتج الصينى فهى بذلك تشجعه فى السوق الأوربية، وبدلاً من أن يأتى السائح خصيصاً لمصر للحصول على هذه الهدايا التذكارية سيتجه للأسواق الأوربية".
إلغاء السياحة أفضل!!
سعيد فتحى الأبيض - أحد البائعين - عندما علم بشأن القانون صرخ قائلاً "حسبى الله ونعم الوكيل، أنا لا أفهم سوى فى هذه المهنة، وما باليد حيلة، هذا القانون سيقطع عيش الآلاف من العاملين بالورش والبائعين والموردين، حسبى الله ونعم الوكيل، كيف سيعوضوننا عن عملنا الذى لا نعرف سواه؟، هل نحن سائقى ميكروباص سيأخذون سياراتنا ويعوضونا بغيرها؟، واقتراحى للحكومة بدلاً من أن تلغى بيع القطع المقلدة، تلغى السياحة فى مصر أفضل".
بعض النواب يتاجرون فى الآثار المقلدة
محمد حسنين ـ أحد البائعين ـ قال "لن يوافق مجلس الشعب على هذا القانون، لأن بعض أعضائه يعملون فى هذا المجال، وهم المستفيدون الأوائل من هذه التجارة، وإذا كانت حجة القانون وقف عمليات تهريب الآثار، فأقول لهم إنكم مخطئون، لأن من يقوم بالتهريب ليس العامل البسيط الذى إذا امتلك قطعة أصلية، لن يستطيع بيعها أو إخراجها من البلد إلا بمساعدة أحد الكبار المسنودين الذين يعملون أساساً فى التهريب". وورد عليه عادل البحيرى، فهل تعلم الحكومة عدد الأسر التى تعيش من وراء القطعة الواحدة، بداية من العاملين فى المحاجر لاستخراج المادة الخام، ومروراً بمن ينحت الأحجار ويصنعها ويشطبها، نهاية ببائعيها، كل هؤلاء سينضمون لقائمة العاطلين، وبالتالى ستزيد السرقات وحوادث القتل والجرائم فى مصر، وإذا طبقوا هذا القانون سنحرق البلد، وإلا فكل عامل يأتى بأسرته لمجلس الشعب ويقول لهم "أكلوهم ".
فهم خاطئ للقانون
الدكتور محمد الكحلاوى الأستاذ بكلية الآثار بجامعة القاهرة يطمئن هؤلاء الباعة قائلاً "لا يمكن منع التقليد، ولا منع المستنسخين من ممارسة عملهم، وأعتقد أن القانون تم تفسيره بشكل خاطئ، فمن غير المعقول إغلاق الباب أمام صناعة تعد من أهم الصناعات فى مصر، وإلا فلنغلق الأقصر وخان الخليلى".
وقال الدكتور زاهى حواس إن هذه المادة مازالت تحت الدراسة، خاصة أن هناك آلاف العائلات فى مصر مستفيدة من تقليد الآثار وأرجو من أعضاء مجلس الشعب مناقشة هذا البند المهم".
القانون سيثير مشكلات عدة
الدكتور محمد عبد المقصود مدير أثار الوجه البحرى أوضح أنه" المفترض أن يطبق هذا القانون خارج مصر وليس داخلها، فتطبيقه فى مصر صعب، لأن هناك الكثيرين يعملون فى هذا المجال، وهذه المادة فى قانون الآثار سيحدث عليها إشكال كبير، وستثير مشكلات عديدة، وعلى أى حال، القانون لم يناقش حتى الآن فى مجلس الشعب".
الدكتور عبد الحليم نور الدين الأمين السابق للمجلس الأعلى للآثار يقول "نحن نحاول تعديل قانون الآثار منذ 16 عاماً ولا فائدة، ولن ينجح الدكتور زاهى حواس فيما فشل فيه من سبقوه، وعن مصير هؤلاء العمال فأنا قدمت حلاً هو أن تستمر هذه التجارة ونقوم بعمل أشعة مقطعية لكل قطعة تخرج من البلد فى المطارات أو قرية البضائع لتوضيح إن كانت أصلية أم لا، ولابد للقانون أن يراعى البعد الاجتماعى وأنا أقول إنه يستحيل صدور قانون بهذا الشكل، لأن هذا خراب بيوت."
الدكتور عبد الله كمال رئيس قطاع الآثار الإسلامية يتساءل: "كيف تمنع صناعة تمثل تاريخ وتراث مصر، فالنماذج والنسخ المقلدة لا مشكلة فيها لأن الصناعات المقلدة غزت العالم ، والقانون بمثابة أحلام وردية يعيشها الدكتور زاهى حواس وليس لديه القدرة على تطبيقها، فإذا استطاع تفعيل قانون الآثار الجديد، حينها يتحدث كما يشاء عن المستنسخات، لأنه لابد وأن توضع لها أسس وضوابط قانونية وفنية فى صناعتها، ولكن لا حق له فى منعها، والدكتور حواس رجل إعلامى يهوى الدعاية، وتصريحاته هدفها إحداث ضجة إعلامية، ومشكلته أنه اختزل العالم فى شخصه ولغى مهمة علماء مصر، لأن قانون الملكية الفكرية حتى الآن لم يطبق فى مصر، وأريد أن أوجه له سؤالاً هاماً ، لماذا لم يناقش قانون الآثار فى مجلس الشعب حتى الآن؟ .
الدكتور مختار الكسبانى مستشار الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، يقول دفاعاً عن القانون وأهدافه "لابد لنا كدولة أن يكون لنا عائد من هذه المنتجات ولابد من تقنين بيع هذه النماذج المقلدة فالقانون يعمل على تنمية هذه الصناعة ليس كما يشيع البعض مستهدفاً إشعال الأمور كالصحف الصفراء، لأن هذه الصناعة لابد أن تعمل تحت مظلة الدولة لتعود على مصر والحرفيين أيضاً بالنفع، لأن صناعتهم عندما تكون بضمان من الدولة سيتم ترويجها بشكل أكبر، والقانون يستهدف تنمية وحماية الحرفيين الأصليين وإعداد مراكز لتأهيلهم".
وفى ختام جولتنا فى خان الخليلى، استوقفنا أحدهم رافضاً ذكر اسمه قائلاً: "أستحلفكم بالله أن توصلوا هذه الرسالة للدكتور زاهى حواس، وتقولوا له إن مصير الآلاف فى رقبته، وعليه توضيح الأمر لنا إن كان سيحرمنا من لقمة عيشنا، أم أنه كلام والسلام مما نسمعه يومياً، وأقول له، فلتنزلنا من على رأسك، لأننا لم نفعل لك شيئاً، ورحمة بنا".
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة