الشوارع المؤدية للسفارتين الأمريكية والبريطانية بحى جاردن سيتى، تبدو طوال الوقت خالية من الناس، أو من أى مظاهر للحياة الإنسانية، باستثناء عساكر الأمن، ورجال المباحث، وبعض العاملين بالسفارة الأمريكية، وعمال الحفر، بخوذاتهم الصفراء، ووجوههم الشاحبة، وأكداس الرمل والزلط.
إغلاق 15 شارعاً، باستخدام 24 حاجز، حديدياً، وتوزيع 90 جندى أمن مركزى بقياداتهم، على كافة مداخل المنطقة، وتحويلها إلى مايشبه ثكنة عسكرية، يبدو أنه لم يعد كافياً لتأمين السفارتين، أو لحماية العاملين بهما .
إجراءات تأمين منطقة السفارتين بدأت تأخذ اتجاهاً جديداً، يتجاوز إجراءات تأمين البيت الأبيض فى واشنطن!!، رغم حالة التشدد الأمنى التى يعانى منها كل من يسوقه حظه للمرور بالمنطقة، والتى وصلت لإصابة سكانها، وأصحاب المحلات بها بخسائر فادحة، بإغلاق أكثر من 7 محلات، وعرض 4 للبيع.
تحصينات.
مراحل تنفيذ الإجراءات التأمينية الجديدة، تهدف لزرع مجسات خرسانية فى الشوارع المؤدية للمبنيين، لكشف المعادن والمتفجرات، وزرع قواعد الصورة والحرارة، لرصد أى معادن يحملها المارة، وتصويرها حرارياً، وبدأت أولى مراحل التنفيذ بعمل المجسات بشارع الشمس، الذى يبدأ من الكورنيش وينتهى أمام السفارة الأمريكية، وفى ميدان سيمون بوليفار المؤدى لشارع أمريكا اللاتينية، وملف السفارة البريطانية بتقاطع شارعى أحمد راغب وتوفيق دياب، حيث تم حفر الأرض بعمق متر ونصف، ورمى التربة الخرسانية، ولم يبق سوى زرع مجسات الصورة والحرارة.
السفارة بريئة !
المتضررون من هذه الإجراءات لم يجدوا أمامهم سوى اللجوء للقضاء، مطالبين برفع الحواجز، وإعادة فتح الشوارع، وإلزام كل من وزراء الداخلية، والحكم المحلى، والخارجية، ومحافظ القاهرة بصفاتهم، ضامنين متضامنين، بأداء مبلغ أربعة ملايين جنيه مصرى، تعويضاً عن الأضرار التى لحقت بهم، بعد أن اجتمع بهم السفير الأمريكى ريتشارد دونى، وأكد لهم أنه ليس طرفاً فى النزاع، ولم يطلب من الحكومة المصرية أى نوع من إجراءات الأمن الموجودة، لكنه فى نفس الوقت، سخر كافة إمكانيات السفارة لتنفيذها، باستقدام مهندسين أمريكين متخصصين فى هذا النوع من المهام، وأسند تنفيذ المهمة إلى شركة مصرية أمريكية متخصصة فى حلول بناء المنشآت الحديدية، تحمل سياراتها الأرقام الخاصة بالسفارة.
سمير صبرى محامى المتضررين فى القضيتين 40589 لسنة 59 قضائية، و40302 لسنة 59 قضائية دائرة أولى أفراد بمحكمة القضاء الإدارى، قال إن القضيتين تم تأجيلهما أكثر من مرة، وحجزت إحداهما للنطق بالحكم فى جلسة 18مارس، لكنه حتى الآن لم يستلم الحكم او يتمكن من الاطلاع عليه.
ممنوع من الحياة !
حكايات المنطقة تكشف الكثير من معناة أصحابها مع هذا الوضع، ففى بداية شارع أمريكا اللاتينية وبالتحديد أسفل عمارة أوزريس، يحمد الحاج مرسى الجابرى صاحب بازار منتجات خان الخليلى ربه لأن المحل تمليك، ولا يدفع له إيجار، وقال، إنه بعد أن استدان للتأمينات، وتحمل نفقات الكهرباء والمياه، لم يستطع دفع رواتب العمال، فلم يبق إلا على "عم رفعت" وابنه الصغير، لكنه لا يعرف ماذا يفعل مع مكتب رجال الأمن، المستقر أمام البازار، ويحتك ضباطه يومياً بأبنائه، ويصل الأمر إلى أقسام الشرطة التى ترفض تحرير محاضر بالإهانات، ناهيك عن الأمر بعدم الخروج لمسافة 35 متراً أمام السفارة، ويكتفى القسم بالحفظ الإدارى، حتى الشكوى لوزارة الداخلية أخذت حفظاً إدارياً واعتذر الضابط.
هانى مرسى عبد الباقى صاحب محل منتجات خان الخليلى يقول إن السفارة موجودة منذ عام 1956، ومحصنة بشكل يحميها من أى اختراق، فجدرانها مبنية على طراز يصمد فى مواجهة أى شىء، بالإضافة إلى المصدات الحديدية التى تلتف حول سورها.
عم رفعت سيد اختصر كل شىء فى عبارة: "إحنا زى ما بنفتح بنقفل ولا زبون داخل ولا غيره وبندفع نور وميه وخلاص والواحد خايف لايموت بالحسرة زى صاحب محل الورد".
الدكتور محمد عبد الفتاح صاحب الصيدلية الوحيدة العاملة بالمنطقة، يقول "الصيدلية شغالة فقط على طلبات سكان العمارة و"الدليفرى"، وبعض التعاقدات مع جهات أعرفها بشكل شخصى، وأقوم بتوصيل التعاقدات بنفسى، وحتى هذه يتم تفتيشها، ولولا الإكراميات كان زمانها كمان قفلت".
خراب بيوت
فى شركة "كونتنينتال تورز" السياحية المجاورة، لم يكن الوضع مختلفاً، حيث يجلس فرج خضرى محمد سيد صاحب الشركة، متأملاً تاريخ شركته، وعلى يسار مكتبه يتأمل صورة ابنه مع نجل رئيس الجمهورية، مردداً :"إحنا خلاص اتعودنا الخسارة وقلة الحركة" مؤكداً "نحن جميعاً لسنا ضد إجراءات الأمن، ولكننا ضد استخدامها بطريقة غير كريمة مع المواطن المصرى"، ويحمد الله أن شركته مازالت مفتوحة فهناك ثلاث شركات سياحة أغلقت ورحلت، وهى "أمريكن أكسبريس"، و"سالكون، و"أمين" للسياحة".
للبيع
ستأخذ عيناك لافتة محل" دروب" أتيليه الرسم، وبداخله بعض حوامل اللوحات ولافتة مكتوب عليها "للبيع"، ولن تتعجب حين تعرف أن هناك حوالى 5 محلات تحمل نفس اللافتة، "الملكة" للملابس الجاهزة، "بقالة المحاج سلطان" والمركز المصرى للجلود لصاحبه حسن محمد حسن الذى أغلق المحل، وبعدها بيوم واحد مات حسرة، وتشاءم أبناؤه فعرضوه للبيع، والجمعية الاستهلاكية "الأهرام 2000"، كافتريا "الصفوة"، ومحل صغير يحمل اسم صاحبه "رشدى للكهرباء".
هنا سؤال يطرح نفسه، هل يجد أصحاب هذه المحلات من يفرج كربهم ويشترى محلاتهم؟ الإجابة معروفة مسبقاً، لا يوجد من يشترى محل يعرف أنه بمنطقة محظورة وسيخسر أضعاف مضاعفة للثمن المدفوع فيه؟ فالوضع الآن موت وخراب ديار على أصحاب المحلات.
لمعلوماتك•10 محلات قام أصحابها برفع قضية.
◄7 محلات تم إغلاقها بعد خسارة أصحابها ووفاة اثنين حسرة، وجميعها معروض للبيع ولا مشترى.
◄9 عمارات يعانى سكنها من محامين وأطباء ومواطنين عاديين من مضايقات الأمن.
أشهر سكان المنطقة
◄سناء منصور.
◄كمال الشاذلى.
◄أولاد صوفى أبو طالب.
◄محمود أمين العالم.
◄طارق الدفراوى.
◄محمد حسن رمزى.
◄أولاد رفعت المحجوب.
◄الدكتور محمد فياض.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة