فاجأنا خبر عملية القدس، رغم التضارب بشأن تحديد الجهة المسئولة عنها حتى كتابة هذه السطور، وقدم الخبر فرصة للبعض للفرح والشماتة، وتجددت دعاوى تأييد مثل هذه العمليات بدعوى أنها اللغة التى يفهمها الإسرائيليون، واعتبر البعض عملية القدس مفتاحاً لنصر استراتيجى آخر على شاكلة نصر سماحة السيد حسن نصر الله، والحقيقة أن هذه العملية تذكرنا دائما بالفشل العربى فى انتهاج استراتيجية واضحة لتحرير الأرض المحتلة.
فهاهى حماس تتخبط وتبدأ مشاورات مع مصر لرعاية هدنة مع إسرائيل لوقف إطلاق النار، وفى نفس الوقت تبارك عملية القدس، وتكتفى بالحفاظ على مظاهر الإسلام فى إمارة غزة، بعد فشلهم فى إقناع العالم بقدرتهم على التعايش، ليس مع دولة إسرائيل فقط، بل مع إخوانهم من حركات المقاومة الفلسطينية الأخرى.
الحديث عن عدالة القضية الفلسطينية لا يحتاج إراقة دماء المدنيين بهجوم على مدرسة، فالعالم يتابع المجازر الوحشية الإسرائيلية فى غزة، وبدت حالة كبرى من التعاطف العالمى مع أهالى القطاع المنكوب بالقصف وإدارة حماس، ولكن مثل هذه العمليات تزيل التعاطف الدولى، حيث تستخدمها الآلة الإعلامية الإسرائيلية فى خداع العالم ولفت أنظاره بعيداً عما يحدث فى غزة.
بالطبع يدين الجميع الهجوم المتكرر على غزة، ولكن فى نفس الوقت ينبغى عدم تجاهل التأثير السلبى لمثل هذه العمليات التى ينفذها شبان فقدوا الأمل فى حدوث تغيير جذرى فى حياتهم، ولا يمتلكون رؤية حقيقية شاملة لتحرير الأرض من الاحتلال، هذه العملية تمثل حالة من اليأس والإحباط من استمرار الممارسات العدوانية الإسرائيلية، ولكنها لن تعيق الآلة العسكرية الإسرائيلية عن حصد أرواح أهالى غزة.
ففى الوقت الذى تعانى فيه غزة من الجوع والحصار والقصف، يقف أشاوس حماس مرتبكين وغير قادرين على تحديد بوصلة مسار المقاومة أم الهدنة، ما تحتاجه القضية الفلسطينية هو أن يخلص أبناء نظرية نهج المقاومة للمقاومة، أو أن يعلنوا تخليهم مثل بقية حركات التحرير المسلحة عن عبثية الاستمرار فى حمل السلاح، فالقتل العشوائى للمدنيين من الجانبين لا يغذيه سوى مهووسين عنصريين يجرون المنطقة إلى عدم الاستقرار سواء بدعم إيرانى أو أمريكى.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة