المحليات.. استمرار الشد والجذب بين الوطنى والإخوان

الخميس، 06 مارس 2008 08:05 ص
المحليات.. استمرار الشد والجذب بين الوطنى والإخوان
كتب ـ محمود المملوك

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى ظل مناخ محتقن ومتأزم على جميع المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، يأتى ملف انتخابات المجالس الشعبية المحلية، والمقرر عقدها فى أبريل المقبل، ليثير العديد من التساؤلات حول موقف القوى السياسية من هذه الانتخابات، ودرجة استعدادها لخوض هذه الانتخابات..
فتشير الصورة الراهنة إلى أن هناك قوتين أساسيتين بدأتا فى الإعداد لخوض هذه الانتخابات، وهما: الحزب الوطنى والإخوان.. وذلك فى الوقت الذى انشغلت فيه الأحزاب الأخرى بمشاكلها الداخلية (مثل حزب الجبهة)، أو بانتخابات قياداتها العليا كحزب التجمع، أو أحزاب أعلنت مشاركتها ولم تستعد فعلياً مثل الوفد والعربى الناصرى.
الإخوان يخوضون المعركة
أعلنت جماعة الإخوان المسلمين رسمياً فى مؤتمر صحفى لها عقد فى مقر الجماعة فى 21- 2- 2008 عن خوضها الانتخابات، وذلك بعد أن أعلن مرشد الجماعة محمد مهدى عاكف عن تخلى الجماعة عن شعار "الإسلام هو الحل"، كما أكد أن مكتب الإرشاد لن يفصح عن أسماء المرشحين فى الانتخابات حرصاً حفاظاً عليهم من بطش الأمن، ويتوقع أن تكون انتخابات المحليات إحدى حلقات مسلسل الشد والجذب بين حزب السلطة التنفيذية الحاكم وجماعة الإخوان المسلمين المحظورة قانوناًً. والتى اشتدت بين الطرفين بعد الانتخابات التشريعية الأخيرة التى حازت فيها الجماعة على 88 مقعداًً.
ويذكر أن الأجهزة الأمنية قد شنت حملة اعتقالات واسعة على قيادات الجماعة فى الأسابيع الأخيرة، حيث وصل عدد معتقليها إلى 400 فرد، وتدعى مصادر قريبة من الجماعة أن سبب الاعتقال هو شل حركة الجماعة لإجبارها على التنازل عن المشاركة فى انتخابات المحليات، التى يرى البعض أنها اكتسبت أهمية بعد تعديل المادة 76، حيث اشترطت على المرشح المستقل الراغب فى الترشح لمنصب رئيس الجمهورية الحصول على تزكية 14 عضو مجلس محلى شعبى على مستوى المحافظات. الأمر الذى يتخذه البعض كسبب لتلك الهجمة من قبل الأجهزة الأمنية على كوادر جماعة الإخوان المسلمين.
وتخوض جماعة الإخوان المسلمين انتخابات المحليات بعد إعلان برنامجها السياسى، والذى أثار انتقادات شديدة بين النخب السياسية والحقوقية ونشطاء المجتمع المدنى، حيث أكدت شكوك تلك النخب فى طبيعة جماعة الإخوان الدينية وعدم تقبلها لاندماجها فى الحياة السياسية المدنية، فقد حظر البرنامج ترشح المرأة والأقباط لمنصب رئيس الجمهورية، كما تحدث عن تشكيل هيئة من العلماء لاستشارتها فى القوانين والتشريعات لتطابق الشريعة الإسلامية.
سيدات الإخوان يخضن الانتخابات
أعلنت قيادات الإخوان فى مؤتمر صحفى بمقر كتلتهم البرلمانية فى الإسكندرية أن نسبة مشاركة الجماعة تنحصر بين 20: 25% من إجمالى المقاعد على مستوى الحى أو المحافظة، ليصل عدد المرشحين إلى 80 مرشحاً تقريباً، من بينهم 8 إلى 10 سيدات يخضن الانتخابات فى 9 أقسام من مجموع 16 قسم شرطة.
كما أشارت تلك القيادات إلى إمكانية التحالف والتنسيق مع كل الداعين للإصلاح ومحاربة الفساد، قائلين: "أيدينا ممدودة للجميع من أبناء الوطن، أقباطاً ومسلمين، ونرفض الاستحواذ على أى قائمة داخل أى قسم شرطة، وتركنا أقساماً أخرى لم نشارك فيها ".
برنامج مستمد من رؤية الإخوان للإصلاح
جاء البرنامج الانتخابى لمرشحى الجماعة مستمداً من رؤية الإخوان للإصلاح، وكانت إحدى القيادات الإخوانية قد صرحت قائلة: "لن يثنينا أحد عن ممارسة حقنا الدستورى فى الترشيح، فنحن نبحث عن العمل الذى يُرضى اللهَ "عزَّ وجلَّ"، أياً كانت الفاتورة التى ندفعها، فضريبة العمل العام يدفعها الشرفاء ويدفعها الإخوان راضين لرفعة الدين والوطن، وسنظل ندافع عن الحق، ونقدم الإصلاح بديلاًً للفساد الذى استشرى، ومقاومين للمنع والتزوير وتزييف الإرادة التى تعانى منها هذه الأمة العظيمة".
وحول الأجواء التى ستجرى فيها انتخابات المحليات وتوقع مزيد من الاعتقالات أضاف: اعتمادنا على الله أولاًً ثم على إيجابية هذا الشعب، الذى عانى كثيراً، والذى يجب أن يفيق ويأخذ حقه، مشيراً إلى أنها حلقة من الصراع المستمر بين الحق والباطل ولجوء الباطل للعصا حتى يسكت الحق.
الحزب الوطنى وآلية المؤتمرات الانتخابية
جاءت أخبار الانتخابات الداخلية باختيار مرشحى المحليات فى الحزب الوطنى بمزيد من الاحتجاجات من جانب أعضائه، إلى جانب تبادل الاتهامات بالفساد والصراع بين الأعضاء من نواب المجالس التشريعية وأمناء الأحزاب فى المحافظات بسب رغبة كل منهم فرض مرشحين يدينون لهم بالولاء على قوائم الحزب فى انتخابات المجالس الشعبية المحلية، وذلك مكافأة لهم على مساندتهم لتلك القيادات فى الانتخابات التشريعية أو الانتخابات الداخلية فى الحزب، وقد وصل الأمر إلى تبادل الاعتداء بين أنصار المرشحين وتم استخدام السنج والمطاوى والشوم والعصى، وهو ما أدى إلى تدخل الأجهزة الأمنية وأجل الانتخابات فى محافظة المنيا مثلا كما نشب صراع قبلى وعائلى فى محافظة سوهاج، وأعلنت كوادر الحزب فى المحافظات عن اعتراضها على خطة أمين التنظيم أحمد عز التى أطلق عليها "شجرة الاستهداف" لاختيار مرشحين يخوضون انتخابات المحليات على قوائم الحزب من بين الضباط السابقين ورجال الأعمال وأساتذة الجامعات وكوادر المعارضة، وهو ما يعنى تجاهل القيادات الطبيعية للحزب فى المحافظات التى ساهمت بجهودها فى الانتخابات الرئاسية والتشريعية والشورى، و رغم ذلك أعلن السيد صفوت الشريف الأمين العام للحزب عن عقد مؤتمرات انتخابية لاختيار مرشحى الحزب لانتخابات المجالس الشعبية المحلية فى 2900 وحدة حزبية، وأشار إلى أن نسبة من أدلوا بأصواتهم 400000 عضو، أى أن نسبة المشاركة بلغت 86% من عدد أعضاء الحزب وأكد على ارتفاع نسبة المشاركة بين الشباب والمرأة وأكد على شفافية ونزاهة الانتخابات الداخلية للحزب الوطنى ودعا أحزاب المعارضة إلى الاقتداء بالحزب الوطنى وهو ما أثار استياء قيادات المعارضة التى ردت على تلك التصريحات بأن انتخابات الحزب الوطنى الداخلى انتخابات شكلية.
كل ما سبق ساهم فى جعل إعلان فوز المرشح بترشيح الحزب فى الانتخابات الداخلية بمثابة إعلان مبكر بالحصول على مقعد فى المجالس التشريعية أو المحلية.
تيارات الليبرالية واليسارية والقومية تتحد فى الانتخابات
أعلنت الأحزاب الرئيسية (الوفد – التجمع – الناصرى- الجبهة) عن خوضها انتخابات المحليات والتنسيق فيما بينها لخوض معركة المحليات فى خطوة سياسية جيدة حيث إن هذه الأحزاب تمثل ثلاثة تيارات رئيسية فى الحياة السياسية المصرية الليبرالية واليسارية والقومية، كما أن مقاطعتها للانتخابات المختلفة يمكن الحزب الحاكم من حسم الانتخابات لصالح مرشحيه، وقد يؤدى ذلك إلى غياب تلك الأحزاب وتركها الساحة للحزب الوطنى وجماعة الإخوان للانفراد بالحياة السياسية أما مشاركتها فى الانتخابات تؤدى إلى تواصلها مع المواطنين وكسر حالة السلبية والجمود وتدنى ثقافة المشاركة فى المجتمع، وعلى صعيد آخر هاجمت حركة كفاية فى بيان لها كل الأحزاب والقوى المشاركة فى هذه الانتخابات ودعت لمقاطعتها مبررة ذلك بأن العصيان المدنى هو الحل.
وسائل عدة لتزوير الانتخابات
مع بدءِ العملية الانتخابية وفتح باب الترشيح ظهرت الوسائل الجديدة للحزب الوطنى فى محاولة تزوير الانتخابات حيث إن هذه الوسائل تمكنه من السيطرة على العملية الانتخابية برمتها والقضاء على منافسيه قبل وأثناء فتح باب الترشيح، فقد عزم الحزب الوطنى على التزوير عن طريق كشف انتماءات المرشحين قبل فتح باب الترشيح حتى يتمكن من اعتقال المرشحين والتضييق عليهم قبل تقديم أوراق ترشيحهم، وذلك عن طريق "شيخ الحارة "، حيث يقوم شيخ الحارة بتعطيل المرشح عند تقديم أوراقه للترشح والتى يشترط فيها أن يوقع عليها "شيخ الحارة"و يشهد فيها أن المرشح من ساكنى المنطقة التى يريد أن يتقدم فيها، ثم يُبلغ أسماء الأشخاص الذين يريدون الترشح إلى مباحث أمن الدولة لاتخاذ اللازم معهم.
يذكر أن الحزب سيقوم بدعوة جميع العائلات التى غالباً ما تتقدم إلى الانتخابات بإرسال أسماء مرشحيها للنزول على قوائمها الانتخابية، ولم تتم دعوة العائلات الكبيرة والصغيرة فحسب، ولكنهم قاموا بدعوة المرشحين محترفى الانتخابات الذين يخوضون الانتخابات للشهرة لخوض الانتخابات على قوائم الحزب، والراسخ عند المرشحين أن الذين ينزلون على قوائم "الوطنى" هم الفائزون دائماً، وبناءً عليه يقوم الحزب بحصر الأسماء التى تقدمت لخوض الانتخابات على قوائمه، أما الأسماء التى لم تتقدم إليه فهى بالتأكيد ضد الحزب ويتخذ معها موقفاً مضاداً.
كما أن إحدى وسائل التزوير التى استخدمها الحزب هى وسيلة " موظف الفيش والتشبيه "، فالنظام المتبع عند الترشح للانتخابات المحلية يستوجب عمل فيش وتشبيه، وذلك لتقديمه ضمن الأوراق المقدمة للترشح، ولعمل هذا الإجراء لابد من ذكر الغرض من عمله وبهذا يقوم موظف الفيش والتشبيه بإبلاغ أمن الدولة بأسماء المرشحين على أن يتم التعامل معهم أمنياً قبل إنهاء أوراق الترشح، ودون أن تشعر الحكومة بحرج أمام الرأى العام.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة