أحمد سميح

"الاختراع السورى"

الخميس، 06 مارس 2008 04:26 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
اشتهر العرب فى العصور القديمة بإسهاماتهم فى مختلف المجالات العلمية من طب وكيمياء وفلك وفلسفة وعلم اجتماع، ومنذ بداية العصر الحديث خفتت الإسهامات العربية فى العلوم بشكل عام وفى العلوم الاجتماعية والسياسية بشكل خاص بل إنه من المعروف تاريخياً أن الاستعمار الغربى هو من أسس بشكل غير مباشر الوعى السياسى للنخب السياسية المختلفة فى المنطقة العربية فالموقف السياسى من الاستعمار ظل ولعقود طويلة هو الفكرة المركزية فى هذه المنطقة بل إن حتى الدول العربية على شكلها الحالى بدأ بعضها عندما قسم الاستعمار الأرض إلى مناطق نفوذ له وحولها إلى أقاليم تتمتع بالحكم الذاتى، ومن ثم حصلت هذه الأقاليم على استقلالها الواحدة تلو الأخرى تاركة خلفها "الملكية" التى استخدمها الاستعمار فى حكم المنطقة العربية وجاءت "الجمهورية" لتكون هى النموذج السياسى فالكثير من هذه الجمهوريات جاءت بشرعية ثورية – انقلابية أسست على فكرة أن الحكم للشعب ورغم ذلك استخدمت الاستفتاءات بدلاً من الانتخابات لتمرير قيادات مجالس الثورات العربية لسدة الحكم ثم اختصرت مسيرات الاستقلال الوطنية فى شخص الزعيم، استهلكت هذه الشرعية الثورية خمسين عاماً أو أكثر من عمر المنطقة العربية وأهدرت من طاقات شعوبها كل فرصها فى التطور والتنمية واستكانت لكونها من الدول النامية واكتفت باستقرار هش تحميه البندقية والدبابات ، ولكن ظل يؤرق النخب الحاكمة أمر واحد وهو: كيف نضمن التغلب على الحقيقة الوحيدة المؤكدة فى هذا العالم ؟ كيف نتغلب على الموت ؟ كيف نحكم من قبورنا ؟.
وبما أن "الحاجة هى أم الاختراع" فقد أتى النظام السورى الأكثر حاجة فى ذلك التوقيت بفتح "علمى جديد" يضاف إلى الإسهامات العربية فى علم السياسة وهى "الجمهورية الملكية " والتى تقوم على فكرة توريث الحكم للشخص الأكثر قرابة من الزعيم وفى الحالة السورية كان "الابن"، نفذت التجربة وعدل الدستور وجاءت بنجاحات غير مسبوقة لها ظواهر فى الساحة السورية وظواهر أكثر فى الساحة اللبنانية ومن فرط نجاح التجربة السورية فكر الكثير من النخب السياسية داخل الجمهوريات العربية فى الشروع فى خطوات تطبيق" الاختراع السورى" وهو أمر مازال قيد البحث فى ليبيا ومصر واليمن.
وفى عصر السماوات المفتوحة والتجارة الحرة بين الدول امتدت التجربة "الاختراع" خارج المنطقة العربية، فالرفاق فى كوبا وبقيادة المناضل التاريخى فيديل كاسترو استخدموا "الاختراع السورى" نفسه ولكن نظراً لعوامل المناخ الاستوائى فى كوبا وأخذاً فى الاعتبار بأن ابنة الرئيس انضمت للمعارضة فى ميامى فلم يكن هناك حل سوى تعديل التجربة ليتسلم الحكم أخوه "راؤول"، فى الأسبوع الحالى اتضح أن روسيا استفادت أيضاً من "الاختراع السورى" ولكن بشكل فيه إضافات تحيى مرة أخرى معنى الصداقة فى هذا العالم الاستهلاكى الموحش فصديق الرئيس بوتين، "ميدفيديف" أصبح رئيس الجمهورية الجديد ولأن العرف يقول إن الصديق له عند صديقه عدة خدمات فقد أكد "ميدفيديف" فى أول تصريح له أنه سيعين صديقه الرئيس السابق فى منصب رئيس الوزراء، ترى من سيكون المشترى الجديد لهذا "الاختراع السورى"؟.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة