اعترفت عائشة عبد الهادى، وزيرة القوى العاملة، بوجود عدد محدود من مشكلات المصريين العاملين بالدول العربية، والتى حددتها إحدى نشرات وزارتها فى: تأخر صرف الرواتب، وعدم صرف مكافأة نهاية الخدمة، أو صرف مقابل تذكرة طيران. ونصحت المتضررين باللجوء إلى المكاتب العمالية بالسفارة، التى تعلم أنها لا تحرك ساكناً. فالعمالة المهاجرة بالنسبة لها هى الدجاجة التى تبيض ذهباً، والتى تدفع مصر مقابل الحفاظ عليها الكثير من ماء وجهها وماء وجه أبنائها.
عائشة عبد الهادى مقاول أنفار:
الوزيرة أعلنت فى الثامن والعشرين من فبراير الماضى، توقيعها ووزير العمل القطرى، اتفاقية تعاون تقضى بتوفير 18 ألف فرصة عمل للمصريين فى الدوحة خلال الفترة المقبلة، وذلك على هامش الدورة الخامسة والثلاثين لمؤتمر العمل العربى المنعقد فى شرم الشيخ بمشاركة 17 وزيراً للعمل من الدول العربية.
الاتفاقية تعد استكمالاً لمذكرة التفاهم، التى وقعها الطرفان أواخر العام الماضى، ووصفتها الوزيرة بأنها تحفظ حقوق العمالة المصرية فى قطر، (فى إشارة لشرط يفرض على أصحاب الأعمال ومكاتب استقدام العمالة، تمرير تأشيرات العمال إلى الوزارة، لمواجهة ما وصفته بالظواهر السلبية والمتاجرة بالعمال).
هذا الشرط تم تضمينه بروتوكولاً سابقاً مع السعودية يخص استقدام عاملات مصريات، فيما يعد توجهاً جديداً للوزارة فى علاقتها بالعمالة المهاجرة. غير أن السؤال الذى يطرح نفسه: هل الوزارة حقاً صاحبة القرار فيما يتعلق بهذا الملف؟ أم الخارجية التى تغلب علاقاتها الدبلوماسية مع الدول على مصلحة مواطنيها بالخارج؟ حيث لم تعد الأوضاع السيئة التى يعانيها المصريون فى الدول العربية سراً، بداية من ضياع حقوقهم المالية، مروراً باستمرار العمل بنظام الكفيل الاستعبادى، وليس انتهاء بالتعذيب فى السجون، والاختفاء القسرى، والقتل على يد الشرطة، وعلى أيدى أفراد.
وليس سراً أيضاً أن الحكومة لا تتدخل، إلا فى حالات استثنائية، مخافة أن يثير أى موقف غير محسوب غضب الأشقاء، فيسارعون بقطع تحويلات العاملين بالخارج، والتى تزهو وزيرة القوى العاملة والهجرة بأنها فى تزايد مستمر، وتعد واحداً من أهم روافد الدخل القومى.
أبرز مثال على ذلك، ما حدث أوائل العام الماضى من تعرض عدد من المصريين للتعذيب فى قسم شرطة بالسودان، فحين بادرت الخارجية السودانية بتكذيب الحدث، وافق سفيرنا هناك على ذلك، وتبعه وزير الخارجية المصرى، دون أن يطالب بالتحقق من صحة الواقعة، وسرعان ما انكشفت الحقيقة، وثبتت وقائع التعذيب، واعتذرت الداخلية السودانية، لتبادر خارجيتنا بقبول الاعتذار، لأن ما بين الأشقاء أكبر بكثير.
وحين أعلنت ليبيا عزمها طرد 650 ألف مصرى، هرعت وزيرة القوى العاملة إلى هناك، لتطالب على استحياء بتقنين أوضاع العمال المصريين، وتوفير فرص إضافية، ومؤخراً تدخلت الخارجية لإنقاذ رقبة عدة مصريين محكوم عليهم بالإعدام هناك، بعد أن عرفت قضيتهم بالصدفة، وأثارتها الصحف ومنظمات حقوق الإنسان فى الداخل والخارج، فيما لم نسمع أنها طالبت بباقى سجنائها فى ليبيا، حتى تظل الأبواب مفتوحة للمزيد من التحويلات، تماماً كما هرع الوزير السابق أحمد العماوى إلى الكويت أواخر 1999، ليساعد فى قمع احتجاجات المصريين هناك.
قانون الهجرة رقم 111 لسنة 1983، ينص فى مادته الثالثة، على أن الوزير المختص بشئون الهجرة بالتعاون مع الوزارات والأجهزة المعنية، يتولى رعاية شئون المصريين المقيمين بالخارج، وإعداد مشروعات الاتفاقيات، لفتح مجالات جديدة للهجرة، وتيسير إقامة المصريين، وضمان حقوقهم، ورغم أن وزارة الخارجية أنشأت أواخر 2006، صندوقاً خاصاً برعاية المصرين بالخارج، لتقديم الرعاية القانونية والاجتماعية والثقافية لهم، فإن الدور الفعلى لهذا الصندوق لا يتعدى تقديم خدمات خيرية، لطالبيها من المهاجرين.
فيما لا يتجاوز دور وزارة القوى العاملة حدود الوساطة بين العمالة المصرية، وطالبى الأعمال، لتتحول إلى مقاول أنفار، لا يسعى فعلياً لحماية حقوقهم، ولم يعد غريباً أن تظهر الوزيرة فى الصحف ووسائل الإعلام لتدلل على فرص العمل التى وفرتها، وتمعن فى تفصيل هذه الفرص كإنجازات لوزارتها، فمن 8 آلاف فرصة فى السعودية، إلى 18 ألفاً فى قطر، و40 ألفاً فى الأردن و7 آلاف فى ليبيا، فضلاً عن زيادة عدد التأشيرات إلى إيطاليا إلى 8 آلاف، كل هذا خلال عامين فقط، بينما تبشر الوزيرة بأنها لن تتوقف عن فتح المزيد من أسواق العمل بما فى ذلك كندا.
الوزيرة لم تترك فرصة، إلا وأشارت فيها إلى الإنجاز الأهم لوزارتها، بعمل قاعدة بيانات، بأسماء الراغبين فى فرصة عمل، حتى يسهل على وزارتها القيام بدورها كمقاول أنفار، على أكمل وجه.
قالوا لـ "اليوم السابع":
الغالبية العظمى من العمالة المصرية بالخارج ترتبط بالوطن، فقد طلب منى أحد المصريين فى قطر فتح حساب فى أحد البنوك الوطنية ليستقبل هذا الحساب تبرعات المصريين فى الخارج لسداد ديون مصر، وتحويلات المصريين فى الخارج فى زيادة مستمرة.
عائشة عبد الهادى.. وزيرة القوى العاملة والهجرة
حين تعرض عمال مصريون فى الكويت لانتهاكات فى العام الماضى، لم يحل الأزمة سوى مكالمة تليفونية للرئيس مبارك مع أمير الكويت، فهل هذا أداء دولة تحترم مواطنيها؟! الحكومة المصرية تضع العراقيل أمامنا وتمنعنا من العمل بحرية فى هذا الملف بحجة العلاقات الطيبة بين الأشقاء.
حافظ أبو سعدة رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان
العامل المصرى بالخارج يشعر أنه بلا سند، و يجب على الحكومة أن تكون أكثر جرأة فى الدفاع عن مواطنيها حتى لو تطلب الأمر قطع العلاقات الدبلوماسية، الحسم هو الطريق الوحيد نحو حماية حقوق العمال.
نجاد البرعى مدير جماعة تنمية الديمقراطية
كلمة واحدة من وزير الخارجية المصرى ضد الانتهاكات التى يتعرض لها العمال المصريون يمكن أن توقفها، لكن المشكلة أن موقف الخارجية ممثلة فى سفرائنا ودبلوماسيينا ليس على القدر الواجب من الجدية.
محمد منيب، ناشط حقوقى
أرقام:
6 مليارات و321 مليون دولار
تحويلات العمال المصريين بالخارج فى 2006-2007
938.1 مليون دولار
قيمة تحويلات المصريين فى ثلاثة أشهر فقط فى العام 2006-2007 فى كل من السعودية والإمارات وقطر والكويت.
274 مليون دولار
قيمة تحويلات العمالة المصرية فى السعودية وحدها فى الثلاثة أشهر الأخيرة من العام 2006-2007.
140.116
عدد تصاريح العمل الممنوحة لعمال مصريين فى الأردن فى الفترة من يناير وحتى نوفمبر 2007.
ضياع حقوق.. تعذيب فى السجون.. واختفاء قسرى
الحكومة ترحب بإهانة المصريين فى الخارج .. والمهم تحويلاتهم
الأربعاء، 05 مارس 2008 06:31 م