شتاء القاهرة البارد جداًً لم يمنع موظفى الضرائب العقارية المعتصمين فى شارع ¨حسين حجازى من افتراش الأرض لأكثر من عشرة أيام، مطالبين بحقوقهم وأكثر من ثلاث صيفيات قاهرية ساخنة جداً لم تثن رواد شارع ¨عبد الخالق ثروت وأصحاب الأصوات العالية على سلم نقابة الصحفيين عن عزمهم على التظاهر مطالبين بإصلاح الدستور وانتخابات نزيهة رافضين لملف التوريث.
لا برد الشتاء ولا لهيب الصيف أو عصى جنود الأمن المركزى التى كان يؤذن لها بالعمل أحياناً منعت الشارع أن يعلن عن نفسه.
أنياب الديمقراطية أصبحت وكأنها وحدها القادرة على أن تسكت الجميع، وتستعيد استبدادها القديم صبر الديكتاتورية ليس جميلا مهما حاول أن يبدو كذلك وصدر النظام لا يتسع للمتمردين، مهما تظاهر بالوداعة والشارع ملك للأمن والهراوات وليس للهاتفين والميكرفونات.
انتهت وداعة النظام وعادت الأنياب والعصى قانونان ووثيقة فضائية وقبلهما عشرات من القرارات المانعة يبدو وكأنها تعلن بلا مواربة أن عصر الوداعة قد انتهى.
انسياب تشريعى لم يستمع لأصوات القلة المعارضة، خرجت للنور المسودة شبه الأخيرة لقانون مكافحة الإرهاب، الذى بدأ الحديث عنها منذ أكثر من عام وجاءت المسودة وبالتحديد "15" مادة منها لتؤكد أن العصا الغليظة للنظام عادت، بعد أن كادت تتوارى لسنوات لم تتعد الثلاث قبل تسريب مواد قانون مكافحة الإرهاب بينما قبلها بيومين فقط قانون "الحفاظ على حرمة أماكن العبادة" أربع مواد فقط أغلقت أبواب مساجد وكنائس مصر أمام الباحثين عن نسمة حرية، وأخرجت الأزهر ربما للمرة الأولى فى تاريخه الممتد لأكثر من ألف عام من سياقه السياسى، وقبل هذا بأسبوع واحد وفى اجتماع ـ استثنائى لوزراء الإعلام العرب رأسته مصر وافق وزراء الإعلام العرب جميعا باستثناء قطرى ولبنانى على ما أسموه "وثيقة المبادئ والأطر لتنظيم البث والاستقبال الإذاعى والتليفزيونى عبر الفضاء".
النظام يبدو وكأنه فى حالة دفاع عن النفس لم يعد أمامه، بعد سنوات التسامح الشكلى مع الحركات السياسية، سوى العودة للأساليب القمعية القديمة، ربما بشكل أكثر قسوة وإلا بماذا نفسر تلك النصوص المطاطة لتفسير الإرهاب وتلك العقوبات شديدة الوطأة حتى على ضمائر اًلناس بينما الخارج يبدو غير مكترث بالديمقراطية لدينا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة