الموسم الصيفى على الأبواب، ومحاصيله تحتاج إلى سماد، والسماد عند بنك التنمية والائتمان الزراعى، والبنك دخل حالة طوارئ، والطوارئ سببها أخطاء وزارة الزراعة، والوزارة تمنح البنك الثقة فى عملية التوزيع مع بداية كل أزمة، ثم تسحبها منه عندما تحل الأزمة، ثم تمنحها له مرة أخرى عندما تتفاقم.
محمود معتوق، نائب رئيس بنك التنمية والائتمان الزراعى، يؤكد أن أزمة الأسمدة بدأت منذ عام 1996، بعد تطبيق قانون المالك والمستأجر، حيث أصبح الملاك يستفيدون من الأرض مرتين، الأولى فى تأجيرها للمزارعين، والثانية فى المتاجرة بالأسمدة بعد صرفها من البنك أو الجمعيات، عن طريق عقود "الحيازة الزراعية" التى لا تصرف الأسمدة إلا بها، ولهذا لا يكتبون عقود إيجار للمستأجرين، فيقع الفلاح بين مطرقة المالك وسندان جهات التوزيع.
السماد رايح جاى!
توزيع الأسمدة على الفلاحين فى جميع أنحاء مصر كان مهمة البنك منذ إنشائه من خلال فروعه الموجودة بالمحافظات، كما يؤكد معتوق، الذى يوضح أن الوضع ظل مستقراً حتى عام 1992، بعدها اتبعت الدولة سياسة الاقتصاد الحر فى بيع الأسمدة وتحرير أسعارها، وقصر التوزيع على الجمعيات الزراعية فقط دون البنك، مما أدى إلى حدوث أزمة فى التوزيع، ما دفع الحكومة إلى إسناد التوزيع للبنك مرة أخرى فى عام 1994، فأصبح الوضع مستقرا إلى حد ما، ثم عاد وزير الزراعة وأعفى البنك من دوره فى التوزيع، فبدأت المشكلة فى الظهور من جديد، فعاد وأسنده له مرة أخرى فى عام 2004 ومنحه أيضاً حق الاستيراد من الخارج، وبالفعل استورد البنك فى هذه الفترة ما يقرب من مليونى طن من الأسمدة، ساعدت فى سد العجز حتى عام 2006.
إلا أن البنك خسر ملياراً و600 مليون جنيه، نتيجة الفرق بين سعر الاستيراد وسعر البيع للفلاحين، حيث كان السعر العالمى للسماد يبلغ ما يعادل 2400 جنيه للطن بينما يباع فى مصر بـ 700 جنيه فقط، وبعدها تم سحب الثقة من البنك مرة أخرى، إلى أن عادت إليه بقرار وزير الزراعة أمين أباظة فى ديسمبر الماضى، الذى أكد على ضرورة تولى البنك عملية توزيع الأسمدة.
الفساد له رأى!
معتوق يقول إن المشكلة حالياً تكمن فى أن البنك يقوم بالتوزيع من جهة، والجمعيات الزراعية تقوم بالتوزيع من جهة أخرى، مما تسبب فى تهريب كميات كبيرة من الأسمدة للسوق السوداء، ولا ننكر وجود مجموعة من الموظفين ضعاف النفوس الذين يتلاعبون فى توزيع الأسمدة فى البنك، ولكن نحن لدينا ما يقرب من 30 ألف موظف بالبنك على مستوى الجمهورية، يمكن القول إن 300 منهم فاسدون، لأنه لا يوجد شىء كامل فى أى مؤسسة حكومية.
كلام نائب رئيس البنك لا يختلف كثيراً مع ما قاله وزير الزراعة منذ أيام عن وجود فساد فى قطاعات الوزارة، وأنها لم تتمكن حتى الآن من القضاء عليه.
معتوق ينفى عن البنك تسببه فى أزمة الأسمدة لأنه موزع فقط وليس منتجا. ويؤكد وجود ما يقرب من 5 آلاف مخزن للأسمدة على مستوى الجمهورية، لتوفير الأسمدة للمحاصيل الصيفية كالأرز والقصب، مشيراً إلى وضع البنك خطة جديدة للموسم الصيفى، حيث سيبلغ معدل الاستهلاك وفقاً لدراسات أعدت بالوزارة حوالى 5.6 مليون طن فى هذا الموسم، ولهذا فإن البنك سيوفر 5.8 مليون طن بزيادة 200 ألف طن احتياطى.
الاكتفاء بالقمح
سياسة البنك فى تسويق الحاصلات الزراعية خاصة القمح كما يوضحها معتوق كالتالى: البنك لديه 800 شونة ومخزن لاستلام القمح من الفلاحين هذا العام، وهو يجمع 60% من محصول القمح سنويا، وتقوم المطاحن والشركات الخاصة باستلام باقى الكميات من الفلاحين، وهذا العام سيتم استلام المحصول بالسعر العالمى 380 جنيهاً للأردب، مشيراً إلى أن إنتاج مصر من القمح هذا العام سيصل إلى 7 ملايين طن طبقاً لإحصائيات الوزارة، معبراً عن أسفه من أن عملية استهلاك الفرد فى مصر من القمح سنوياً تتجاوز 130 كيلو جراما، بينما لا تتجاوز فى تركيا مثلاً 120 كيلو جراماً وهو أعلى معدل استهلاك فى العالم. وإذا وصل معدل الاستهلاك فى مصر إلى هذا الرقم (120 كيلو جراماً) فإن محصول القمح سيمثل نسبة 80% من الاستهلاك، مما يعنى أن مصر لن تستورد سوى 3 ملايين طن فقط، فى حين أنها تستورد حالياً 8 ملايين طن على الأقل.
جدير بالذكر أن هناك 1200 فرع لبنك التنمية والائتمان الزراعى على مستوى الجمهورية، وكان بنك التسليف هو الاسم الأول لبنك التنمية والائتمان الزراعى، وأنشئ عام 1911، بهدف تحرير الفلاح من المرابين، وفى عام 1931 تم الفصل بين التسليف داخل البنك والنظام التعاونى، واستمر الوضع هكذا حتى عام 1978، حيث تم دمج التسليف مع التعاونيات، وأصبح بنك التنمية والائتمان الزراعى على صورته الحالية.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة