د. خميس الهلباوى

أهداف الاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة

الإثنين، 03 مارس 2008 10:39 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لقد ألمنى كثيراً ما حدث وما يحدث وما سيحدث من إبادة وآلام لإخواننا العرب الفلسطينيين منذ وعد بلفور، وحتى الآن، وعلى وجه الخصوص فى غزة الآن ومستقبلاً.
فإنه من الواضح وضوح الشمس الساطعة المحرقة، أن الإخوة العرب مازالوا يفكرون ويتعاملون مع أعدائهم بقدر كبير من الجهل أو التجاهل لأبسط الأمور السياسية التى يترتب عليها ـ غالباً ـ السير معصوبى الأعين فى الطرق التى يرسمها لهم أعداؤهم، وفى الوقت الذى يريدونه أعداؤهم، وبالسرعة التى يختارها أعداؤهم.
وأضرب مثلاً بسيطا واقعاً أمام أعيننا الآن بقسوته ومرارته: فقد خطط الاستعمار الإسرائيلى بقيادة أسياده فى الولايات المتحدة الأمريكية خططاً جيدة للقضاء على القضية الفلسطينية، بدون تحملهم أى خسائر تذكر، على أن يتحمل الشعب الفلسطينى جميع التكاليف.
فبعد اتفاق السلام الذى أبرمه الرئيس المؤمن رجل الحرب والسلام الرئيس الراحل أنور السادات ومعه الرئيس البطل محمد حسنى مبارك، كانت حقوق جميع الدول العربية التى اعتدت عليها إسرائيل قاب قوسين أو أدنى من تحقيقها بالقدر المشرف، مع حفظ ماء الوجه لجميع العرب.
ولكن، بعض عملاء الاستعمار من العرب، امتطوا جواد الوطنية الكسيح "بدون شفافية"، واستلوا سيوف العمالة للاستعمار، متظاهرين (بقصد أو بدون قصد) بأنها سيوف البطولة، واندفعوا فى تجميع غالبية زملائهم من الدول العربية، وشجبوا بالميكروفونات اتفاقية كامب ديفيد، ورفضوا الانضمام إليها والحصول على غالبية حقوق العرب، عن طريق المفاوضات، بطريقة المغاوير فى حرب العراق الأخيرة، ولن نتكلم فى الأسباب، وما إذا كان أولئك العملاء الذين قادوا ذلك الاتجاه قد تقاضوا مبالغ كبيرة أو صغيرة، النتيجة المهمة أن ذلك الموقف المعارض لاتفاقية كامب ديفيد، كان بإيحاء بجهل أو بغباء أو بعلم من أسيادهم المستعمرين، حتى يضيعوا حقوق شعوبهم، وفعلا لم يذهب أحد منهم للحصول على حقوق شعبه، وحدث ما حدث من مقاطعة واتهامات لمصر ولقائدها وشعبها، مع أن التحريض كان من دول غير دول المواجهة، وفى ذلك الوقت كان هذا هو الطريق الذى رسمه للأخوة العرب الاستعمار بكافة مشاربه، وفى هذا المجال أحيى الرئيس محمد حسنى مبارك رئيس مصر وحامى حماها من التهور ومن حروب الميكروفونات.
والآن, بعد أن قتلوا الرئيس الراحل عرفات وتخلصوا منه وتصورنا قرب حل المشكلة برمتها عن طريق الرجل المعقول الرئيس محمود عباس(أبو مازن)، لعب الاستعمار الصهيونى والغربى مرة أخرى (بطريق مباشر أو غير مباشر) فى عقول من بيدهم مقاليد الشعب الفلسطيني، والذين أخطأت غالبية الشعب الفلسطينى بتسليمهم قيادها، وكان ذلك الخطأ ناجماً عن الخطب العنترية التى تعود عليها الشعب العربى وأصبحت أحد عناصر غذائه الأساسية الروحية، مع أن من يطلقونها يجلسون فى مكاتب ومساكن وثيرة وغنية وأرصدتهم تزداد فى البنوك، ويتاجرون على الشعوب التى سلبت إرادتها بفضل الشعارات، يجهلون ويتجاهلون أساليب السياسة الدولية فى العصر الحديث.
فانتخبت غالبية الشعب الفلسطينى منظمة حماس لقيادة مسيرتها، وهى كانت تعنى بذلك التخلص من عدم الشفافية التى كانت سائدة قبل ذلك فى بعض القادة وزعماء الميكروفونات.
ولكن ومع الأسف الشديد كان فى اختيار حماس الطامة الكبرى، لماذا؟
من المعروف والمعلن أن أحد أهداف حماس هو إقامة الخلافة الإسلامية الواحدة وسيطرتها على العالم، وهو حلم "مجرد حلم" مبنى على العنف، ويحلم به معهم جماعة الإخوان المسلمين.
ومع أننى مسلم وأتمنى أن يتحقق الحلم، فإننى أرجو من الله ألا يكون تحقيقه أبداً على أنقاض جثث المسلمين أو أهل الذمة، "بأيدى ظالمة أو جاهلة أو منتقمة"، فالحلم الكبير لايقبل التحقيق، خاصة فى السياسة، إلا عن طريق أحلام أقل منه ضخامة، وقد تتحقق إرادة الله كما يحلمون ولكن، باعتبار أن إرادة الله هى الغالبة، فلا بد من وجود الاستراتيجيات المعقولة، و العقلاء والخبراء والقادة الحقيقيين وليس قادة الميكروفونات.
كما يجب الأخذ فى الاعتبار أنه لن يتحقق هدف واحد بالعنف ولا بالغباء السياسى.
فنحن نعيش هذا العصر مع قوى تعمل بعقلها وتنفذ فى صمت ولا تستخدم الميكروفونات إلا للتحريض علينا وعلى افتراءات أصحاب الميكروفونات من زعمائنا.
وهم أيضاً يفكرون ويتعاملون فى تحقيق أهدافهم بالنظرية الميكيافيللية السائدة فى العالم, والتى لا يمكن أن تنجح سياسة دولية إلا بها.
لذلك خطط الاستعمار الذكى لإنجاح منظمة حماس فى الانتخابات الفلسطينية لإظهار عناصرها على السطح، وإشباع غرورها فى تولى القيادة السياسية حتى يسهل ربها، وفعلا فرحت حماس وبلعت الطعم وتم تشكيل حكومة من حماس.
وكانت الخطوة الثانية من الاستعمار الذكى، هى الدفع بحماس للاستيلاء ووضع عناصرها داخل مقبرة تسمى غزة، فهاجمت قوات حماس قوات فتح الموجودة فى غزة واستولت حماس على غزة منفذة خطة الاستعمار، ووضع من أتبعوا حماس من الشعب الفلسطينى فى محرقة اليهود فى غزة.
هذه هى القصة من وجهة نظرى، وأرجو أن يخيب الله ظنى فى هذا الأمر، ولكن الظواهر حتى الآن تشير إلى هذه الاستنتاجات.
فهل مازال هناك من العقلاء من ينقذون الشعب العربى فى غزة من المحرقة القادمة ويفكون الاشتباك بين فتح وحماس وإعادة المتغطرسين إلى صوابهم، وإعادة تدريس قواعد اللعبة من جديد لمن لم يدرسوها أو يتجاهلون دراستها وفهمها؟
إنى قد بلغت.. اللهم فاشهد، وأنقذ من يعيشون فى غزة من الخطر القادم عليهم.
إن مصر تخلفت مئات السنين فى فترة الستينيات من القرن العشرين بسبب حروب الميكرفونات البارعة، فشكراً للرئيس مبارك على حكمته، وقوة صبره على الجميع.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة