دعا سينمائيون وسياسيون وأقباط ومسلمون لمواجهة تداعيات نشر الفيلم الهولندى "فتنة" على الإنترنت، بالعقل وبلا تعصب. واعتبروا التشنج فى مواجهة الرسوم الدانمركية أحد أسباب انتشار ظاهرة الإساءة للإسلام. لأنها تعاملت بنفس عقلية المسيئين.
فقد جدد نشر الفيلم الهولندى "فتنة" على شبكه الإنترنت من قبل النائب "جيرت فيلدرز" الجدل حول الإساءة للإسلام، خاصة أنه تضمن "الرسومات الدانمركية"، ولم يشفع منع الحكومة الهولندية عرض هذا الفيلم، حيث قرر جيرت فيلدرز وضعه على الإنترنت، الأمر الذى يتوقع أن يثير حملة غضب جديدة فى العالم الإسلامى. من هنا اعتبر السينمائيون ومعهم تيار من المثقفين المسلمين والأقباط أن الرد على الإساءات للأديان يتطلب البعد عن التعصب والانفعال الذى يضعف من حجة المسلمين، ودعوا إلى التعامل مع أسباب الإساءة وليس مع الظاهر فقط.
الأنبا مرقص عزيز أسقف شبرا الخيمة، لا يعتبر أن ما يحدث من إساءه للأديان السماوية حملة وإنما هى أعمال فردية يقوم بها أشخاص لا يقدرون مشاعر الآخرين، ولا يعرفون معنى الحرية التى ينادون بها ويبررون ما يفعلون، ولذلك فإن الذين أساءوا للإسلام ورسوله أهانوا المسيح. وعن مواجهة ذلك يرى الأنبا مرقص أننا يجب أن نعلمهم كيفية التعامل مع الآخرين بالتعصب، يعد من أسوأ الوسائل، لأنه يمنحهم مبرراً لأفعالهم، بينما الحوار والتسامح هو الطريقة المثلى التى أمرت بها الديانات السماوية.
أما جمال أسعد عبد الملاك الناشط السياسى فيرى أن هذه الممارسات هى منظمة بهدف تفعيل ما يسمى بـ "نظرية صراع الأديان"، والتى بدأت فعلاً وجزء من أدواتها هو الإساءة للأديان السماوية، مشيراً إلى أن أية إساءة توجه للأديان السماوية يجب أن يتم الرد عليها بنفس الوسيلة (الأداة وليس بمنطق الإساءة المضادة). فإذا ظهر كتاب مسىء نرد عليه بكتاب، وإن كان فيلماً نقوم بعمل فيلم يوضح لهم حقيقة الديانات السماوية التى لا يعرفون عنها شيئاً سوى أنهم يستخدمونها لمصالحهم، مؤكداً أن الرد بتعصب فى مثل هذه المواقف لن يكون من مصلحتنا.
الدكتور رفيق الصبان الكاتب والسينارست والناقد السينمائى، أكد أن هذا الفيلم هو جزء من حملة منظمة ومدبره ضد الإسلام، مشيراً إلى أنه بالرغم من أن هولندا منعت عرض الفيلم إلا أن صاحبه أطلقه على شبكة الإنترنت إصرارا منه على أن يشاهده العالم كله. وأشار الصبان إلى أن التصدى لهذه الحملة يجب أن يكون عن طريق الإعلام بكافة وسائله، مع ضرورة عمل أفلام وثائقية عن الإسلام الحقيقى توضح للعالم كله الفكر الصحيح لهذا الدين، لأن الرد يجب أن يكون بنفس السلاح المستخدم.
أما المخرج السينمائى محمد جمعة فقد اعترض على فكرة أن تكون مثل هذه الأعمال منظمة، معتبراً أنها نتيجة عمل عشوائى يخرج من أفراد لديهم مواقف شخصية عدائية ضد الإسلام، مؤكداً أن ما أدى لزيادتها هو رد الفعل المبالغ فيه "الغضب والثورة غير المبررة " التى لا تفيد المسلمين فى شىء. وعن حرية التعبير قال: إنها يجب أن تكون متاحة لكن دون إساءة لأى رمز دينى، ويجب ألا يستخدم الفن فى مثل هذه الأمور، فوجهات النظر قد تختلف. وعن مقاضاة الرسام الدانمركى"كورت ويسترجارد" للبرلمانى الهولندى"جيرت فيلدرز" صاحب الفيلم المسئ بدعوى انتهاكه حقوق الملكية الفكرية باستخدام رسومه فى الفيلم، قال جمعة إن هذا سفه من الطرفين لأن صاحب الصور رسمها بهدف الإساءة للإسلام، وصاحب الفيلم استخدمها لنفس الغرض فعلى أى شىء يتنازعان؟، فالصور لم تستخدم فى سياق أو لهدف مختلف، وهنا نجد مفارقة عجيبة للرسام الدانمركى المؤمن بالملكية الفكرية وحرية التعبير ولا يؤمن بحريه العقيدة الدينية، كما إنه لا يعلم كيف يتعامل مع الآخرين فهو من البداية انتهك حقوق الغير، فكيف يشكو انتهاك حقوقه؟!.
المخرج السينمائى محمد كامل القليوبى أشار إلى أن أصحاب مثل هذه الأعمال يسعون للشهرة ويجب عدم وضعهم فى الاهتمام لأن هذا هو ما يريدونه، فلو كان هذا الفيلم مثلاً تم عرضه أو قامت شركه بتوزيعه، هنا يجب أن يكون لنا رد فعل ولكن هذا لم يحدث، مؤكداً أن ما يسبب الأزمة هو رد الفعل غير الصحيح، الذى يحول من يقومون بها أبطالاً وهم بلا قيمة، سوى تلك التى منحنها إياهم رد الفعل المبالغ فيه. وأكد القليوبى أن التجاهل هو رد الفعل المناسب، والإسلام لن يضار بمثل هذه الممارسات والعالم لا يبالى بها ونحن فقط نجعل منها قصصاً وحواديت. وبهذا نهين الدين والعقيدة، مضيفاً: أننا نتعامل بتعصب شديد فى مثل هذه الأمور ولا نحسن التصرف فى مثل هذه المواقف، ولو تحدثنا من أول مرة عن الإهانة العنصرية بهدوء ودون تعصب لوقف العالم كله معنا، مشيراً إلى أن حرية التعبير لا تعنى إطلاقاً الإساءة للعقيدة، بل إن لها حدود يجب ألا تتخطاها وهذه الحدود هى احترام الآخرين الذى هو فى الأساس جزء من الحرية.
بينما يرى السفير سيد أبوزيد أن هذا الفيلم هو جزء من أجزاء الحملة المقصودة تماما والمتصاعدة ضد الإسلام، وما أدى لزيادتها هو رد الفعل الخاطئ فقد تعاملنا معها باهتمام أكثر مما يجب لأنها تصدر عن شخص جاهل يرغب فى إثارة العالم الإسلامى واستجلاب ردود أفعال، لذا كان يجب تجاهله وعدم الاهتمام بما يصنع، لأنه فى النهاية لن يسئ للإسلام فى شىء وإنما فقط يسئ لنفسه، مشيراً إلى أننا المسلمين أساءنا لديننا عن طريق التعصب ورد الفعل المبالغ فيه، وأيضاً عن طريق الجماعات والتيارات المتطرفة التى أظهرت الإسلام فى صورة سيئة ليست هى صورته الحقيقية، ولذا يجب التعامل مع هذه المواقف دون عصبية والرد بشكل موضوعى على التجاوزات من واقع الإسلام الذى أمرنا بالحوار وأن نقدم الإسلام فى صورة طيبة، فالرد الموضوعى الهادئ عن طريق الخطاب والحوار دون تعصب هو التصرف المناسب والسليم.
بالعقل وبلا تعصب
نصائح المثقفين والأقباط لمواجهة الفيلم الهولندى
السبت، 29 مارس 2008 08:03 ص
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة