مصر تتسلق الهرم النووى

الثلاثاء، 25 مارس 2008 03:51 م
مصر تتسلق الهرم النووى
بقلم : زئيفى مازال(* )

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كتبت ـ ريم عبد الحميد عن جيروزالم بوست
لم يكن إعلان مصر عزمها التعاون مع روسيا لتطوير برنامجها النووى أمراً مفاجئاً. فالاتحاد السوفييتى كان أول دولة بدأت التعاون مع مصر فى هذا المجال عام 1961 عندما تولى عملية إنشاء أول مفاعل نووى مصرى فى أنشاص. حيث بدأت مصر تطلب المعلومات والخبرات فى مجال التكنولوجيا النووية لتدريب المتخصصين.
وبصفة مستمرة، أجرت مصر العديد من المحاولات لتطوير برنامج نووى متقدم، لكن فى ظل النجاح الضعيف الذى لاقته هذه المحاولات قامت مصر بتعليق جهودها بعد حادثة مفاعل تشرنوبل عام 1986. عند هذه النقطة، كان هناك سعى مصرى لمواكبة الاتجاه العالمى لإنشاء مفاعل نووى لتوليد الطاقة الكهربائية، ولكن فى ظل الضغوط من جانب الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتى بسبب القلق من مشكلات الأمان فى أعقاب كارثة تشرنوبل، ألغت مصر هذا المشروع.
إيران والمشروع النووى المصرى
وتم إحياء المشروع مرة أخرى بشكل رسمى قبل عام ونصف العام. ففى سبتمبر 2006 أعلن جمال مبارك ابن الرئيس مبارك باعتباره أمين لجنة السياسات فى الحزب الوطنى الحاكم أن مصر تنوى البدء مرة أخرى فى برنامجها النووى للأغراض السلمية وستقوم ببناء مفاعل لتوليد الطاقة الكهربائية، وهو الإعلان الذى أكده الرئيس مبارك بعدها بيومين.
وكان السبب الرئيسى وراء هذا القرار هو الأزمة الراهنة المتعلقة بالبرنامج النووى الإيرانى. فمصر التى تفخر بكونها أكبر وأقوى دولة عربية لا يمكنها تجاهل التكنولوجيا النووية التى تعد الآن جزءاً أساسياً من قوة الدولة وسلطتها.
ودخلت مصر "الدولة السنية" المجال النووى لإحداث توازن فى مواجهة التهديد المتنامى الذى تمثله إيران "الشيعية" للمجتمع الدولى وللشرق الأوسط.
ولا ينبغى أن ننسى أنه وفقا لما ورد فى تقرير صادر عن الأمم المتحدة، فإن احتياطى البترول والغاز فى مصر سيبدأ فى التضاؤل عام 2016، فى الوقت الذى سيتجاوز فيه عدد سكان مصر 100 مليون نسمة، ومن ثم ستحتاج إلى كمية كبيرة من الطاقة لتوليد الكهرباء.
وهكذا يتضح أنه أياً كانت الزاوية، لا يوجد خيار أمام مصر سوى الطاقة النووية. ربما تكون نواياها الأصلية تتجه نحو استخدام الطاقة النووية لأغراض سلمية لكن الاعتبارات العسكرية ستأتى بلا شك فى مرحلة لاحقة.
ولم تضيع مصر وقتاً فى إرساء القواعد لبرنامجها النووى. فالحكومة أعلنت أن تنفيذ هذا البرنامج سيكون تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية ووفق رقابة كاملة.
وقد زار وفد الوكالة مصر قبل ثلاثة أشهر للبحث عن مواقع بديلة للمفاعل، ولتقديم النصح لمصر حول بعض القضايا التقنية والتكنولوجية. وسافر وفد مصرى إلى فيينا لتقديم ومناقشة مشروع القانون الذى تم إعداده بشأن المفاعل النووى والذى يتوقع أن يتم عرضه على مجلس الشعب خلال الأسابيع القادمة.
مشكلات المشروع
كان هناك مشكلتان أساسيتان حول هذا المشروع، اختيار الموقع المحدد لإقامة المفاعلات، واختيار الدولة التى سيتم التعاون معها فى بنائها. وكان من المعتقد أن يكون الموقع فى الضبعة التى تقع عند الساحل الشمالى للبحر المتوسط على بعد 160 كيلومتراً غرب الإسكندرية. ولا يستطيع هذا الموقع استيعاب أربعة مفاعلات سعة الواحد تتراوح ما بين 800 إلى 1000 ميجاوات والتى تحتاجها مصر فى المرحلة الأولى.
وكانت الدراسات التى أجريت فى بداية التسعينيات قد وجدت أن هذا الموقع مناسب من حيث وفرة المياه وندرة الزلازل. ويبدو أن هذا الموقع هو الأفضل فى مصر فى الوقت الحالى من أجل إقامة المنشآت النووية.
وكانت القضية الثانية التى ينبغى التعامل معها هى اختيار الدولة التى ستكون مناسبة أكثر للتعاون النووى معها. ويفضل عدد من المسئولين روسيا والصين وهى من الدول الصديقة لمصر، فى حين يخشى البعض الآخر من أن هذه الدول لا تمتلك أفضل تكنولوجيا متاحة خاصة فى مجال الأمان.
وقد أبدت كل من الولايات المتحدة وفرنسا استعدادهما للمساعدة، ومن المعروف أنهما يمتلكان التكنولوجيا الأفضل فى المجال النووى. لكن كثيراً من المصريين يعتقدون أن هاتين الدولتين ستصران على كثير من القيود التى ستكون مصر متحفظة فى الموافقة عليها.
وقد تم التأكيد على ذلك فى ديسمبر الماضى، عندما قال وزير الخارجية أحمد أبو الغيط إن مصر لن توقع على البرتوكول الإضافى لمعاهدة منع الانتشار النووى. وكانت مصر وقعت هذه المعاهدة عام 1963، وصدقت عليها عام 1981. وتم إضافة البرتوكول الإضافى لاحقاً بعد محاولة العراق التملص من قيود الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهو البروتوكول الذى يعطى الوكالة الحق فى التفتيش المفاجئ. وفى ظل رفض مصر الموافقة على هذا البروتوكول، ستواجه الدول الغربية صعوبات فى التعاون مع مصر.
الاتفاق مع روسيا رسالة لواشنطن
وتعد زيارة الرئيس مبارك لروسيا هذا الأسبوع مهمة للغاية.. حيث ارتفع حجم التجارة بين البلدين من 300 مليون دولار خلال عام 2003 إلى 2.1 مليار دولار خلال عام 2007، وهو ما يبدو أساساً جيداً للشراكة بين القاهرة وموسكو. وتم إعداد مشروع الاتفاقية فى ديسمبر على أن يوقعها اليوم وزير الكهرباء والطاقة حسن يونس فى حضور الرئيس مبارك. وسيكون هذا أول اتفاق يوقع مع دولة أجنبية منذ إعلان مبارك إحياء المشروع النووى.
وبالتأكيد، سيعطى هذا الاتفاق روسيا ميزة، لكنه لا يعنى أن مصر ستتعاقد معها وحدها لبناء المفاعلات.
وقد يؤدى موقف مصر، التى تدير ظهرها للولايات المتحدة، وهى الدولة التى ترسل لها مليارات الدولارات كمساعدات سنوياً وتتعاون معها فى عدد من المشروعات إلى أزمة فى العلاقات بين البلدين. فالخطوات الحالية ربما يُنظر إليها كوسيلة لإبلاغ الولايات المتحدة بضرورة ألا تضغط على مصر كثيراً.
(* ) زئيفى مازال السفير الإسرائيلى السابق فى مصر





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة