تناولت صحيفة الحياة اللندنية فى عدد الاثنين، ملف المدونات فى العالم العربى باعتبارها طريقاً لحرية التعبير خاصة فى البلاد التى تخضع فيها وسائل الإعلام للرقابة. وقارنت الصحيفة بين المدونات فى الغرب كوسيلة يلجأ إليها الشباب للتعبير عن همومهم الشخصية وآرائهم الفردية، ونظيرتها فى العالم العربى التى انصب اهتمام أصحابها على القضايا العامة خاصة السياسية، حتى بدت هذه المدونات أو "البلوجز" وكأنها تشكل حركة معارضة غير رسمية فى بلادها التى تكمم أفواه المعارضين.
وتطرقت الصحيفة فى الملف الذى جاء على صفحتين إلى أوضاع المدونين (البلوجرز) فى بعض الدول العربية، ومن بينها: مصر والسعودية، وما تعرضوا له من ملاحقة وسجن أو أبسط الأمور وهو حجب مدوناتهم.
مصر: المدونون والشرطة.. لعبة القط والفأر
وائل عباس (33 عاماً) هو أشهر المدونين فى مصر، حيث كانت مدونته "الوعى المصرى" أول من فجر قضية كليبات التعذيب، بعرض كليب تعذيب "عماد الكبير" فى قسم الشرطة، والعديد من القضايا الأخرى التى أثارت اهتمام الرأى العام. ويقول عباس إنه يدون لأن المصريين فى حاجة إلى التوعية بحقوقهم وواجباتهم وبالوضع السياسى وبالحكومة. وقد سبب له هذا الأمر تلقيه رسائل تحمل مضمون الترغيب والترهيب من أشخاص لا يعرفهم، وتعرضه للمراقبة على حد قوله. ويرى عباس أن اعتقال عدد من المدونين فى أعقاب اعتصام القضاة قبل سنتين، كان علامة فاصلة فى مسار المدونين المصريين المعنيين بالشأن الداخلى.
ومن أبرز المدونين المصريين أيضاً مالك مصطفى (26 عاماً) صاحب مدونة " مالك إكس" التى فجرت فضيحة التحرشات الجنسية بوسط القاهرة قبل أكثر من عام ونصف العام، وأول من تطرق أيضاً إلى أحداث الفتنة الطائفية فى كنيسة مار جرجس بمحرم بك فى الإسكندرية، وكان أيضاً من بين المدونين الذين تم اعتقالهم خلال اعتصام القضاة.
ويتفق كل من عباس ومصطفى على أن الملاحقة الأمنية التى تعرضا لها ليس سببها عملية التدوين نفسها، ولكن بسبب نشاط سياسى فعلى أو مشاركة فى مظاهرة أو اعتصام. كما أنهما يتفقان على أن المدون الوحيد الذى تعرض للسجن هو كريم عامر لاتهامه بازدراء الدين الإسلامى وإهانة رئيس الجمهورية.
السعودية:
يصف المراقبون حركة التدوين السعودية بأنها تكسر الصورة النمطية المعتادة بسبب طبيعة الموضوعات التى ينصب أغلبها على الهموم الاجتماعية. ويطالب المدونون فى السعودية بالحرية وهدم الجدران. وهناك تنظيم أطلق على نفسه اسم "أوكساب"، ويهدف إلى نشر الثقافة فى المجتمع عن طريق الرقابة الذاتية التى يفرضها الشخص على نفسه، وتعتمد على تعريف المجتمع بالتدوين. ويعد هذا التجمع ـ الذى يسعى إلى أن تكوين مظلة رسمية ليكون أكثر فاعلية ـ أول جهة عربية فى هذا المجال.
ويعتبر عالم المدونات فى السعودية حديثاً نسبياً مقارنة بالمنتديات الحوارية والمواقع الإلكترونية، ولم تصل المدونة بعد إلى الدرجة التى تفرض معها نفسها كنوع من الصحافة البديلة. وظلت المدونات السعودية نخبوية إلى حد كبير، حتى لفتت الأنظار إليها بعد تناولها موضوعات مهماً مثل تراجع الوضع الاقتصادى وغلاء الأسعار والبطالة المتزايدة.
المغرب:شهد المغرب خلال الأسابيع الماضية حادثة أثارت جدلاً فى العمال، عندما اعتقل المهندس فؤاد مرتضى بسبب انتحاله صفة الأمير مولاى رشيد شقيق العاهل المغربى، على موقع "فيس بوك" للتعارف العالمى وفتح حساباً باسمه، وصدر حكم قضائى ضده بالسجن 3 سنوات وغرامة 10 آلاف درهم. وقبل صدور الحكم تصدرت هذه القضية موضوع اليوم العالمى الأول لحرية التعبير على شبكة الإنترنت الذى نظمته منظمة "صحفيون بلا حدود". وتم إنشاء موقع خاص لمساعدته، ووقع 8500 شخص على عريضة تطالب بإطلاق سراحه، وانتهت هذه القضية بإصدار عفو ملكى عنه قبل أيام.
تونس:تعامل المدونات فى تونس وكأنها مواقع إباحية، حيث إنها مهددة دائماً بالحجب. وتتناول المدونات التونسية موضوعات ثقافية واجتماعية وبعض القضايا السياسية الداخلية مثل: الديمقراطية وارتفاع الأسعار وقلة الرواتب، وهى قضايا تهم المواطنين. وتتعرض أغلب المدونات للحجب وكان آخرها مدونة "مواطن تونسى" التى طرحت قضايا جريئة وخارجة عن المألوف وكان سبب حجبها "قصيدة" نشرها المدون.
ودفعت عملية الحجب المدونين إلى اختيار يوم أطلق عليه "التدوينة البيضاء" فى 25 ديسمبر الماضى، حيث احتجب المدونون إرادياً احتجاجاً على الملاحقة المتواصلة.
اليمن:
لا يختلف الوضع كثيراً عن تونس، حيث إن الحجب كان مصير الكثير من المدونات اليمنية، على الرغم من ضعف الاهتمام العام بالمدونات بسب تدنى نسبة استخدام الإنترنت وحداثة دخول هذه الخدمة إلى اليمن. وكان عدد المدونات المسجلة فى اليمن حتى نهاية العام الماضى 2056 مدونة، وتتعلق أبرز موضوعاتها بالآراء والأفكار الشخصية، إلى جانب الموضوعات السياسية والتسلية.
سوريا:
يعتبر التدوين غير محبذ فى سوريا عندما يقترب من الموضوعات "الحساسة"، رغم أن أكثر المدونين يهتمون بكتابة مذكراتهم ويومياتهم أو خواطرهم. ويعتبر موقع"ساى بلانت" الأكثر شهرة لأنه يستضيف عدداً كبيراً من المدونات، أغلبها تتناول تجارب شخصية أو آراء عامة. وهناك بعض المدونين الذين عرفوا بآرائهم الجريئة التى لا تقف عند حدد التجربة الشخصية وتتطرق إلى الأمور السياسية.
فلسطين:تعكس المدونات الفلسطينية هموم الفلسطينيين ومعاناتهم، سواء من الاحتلال الإسرائيلى أو الاقتتال الداخلى والصراع بين فتح وحماس، ويتطرق بعضها إلى الحريات المختلفة مثل حرية التعبير. ورغم التأثير غير الكبير للمدونات فى الأراضى الفلسطينية وتراجعها أمام مواقع عالمية مثل "فيس بوك" و"يوتيوب"، إلا أنها تثير البلبلة فى أحيان كثيرة حتى أن الصحافة المحلية وصفتها بأنها باتت تقض مضاجع المسئولين فى السلطة وحماس فى آن واحد. ويلجأ العديد من الصحفيين إلى المدونات لكتابة لا يسمح بنشره فى الصحف اليومية الخاضعة لأشكال متعددة من الرقابة.
العرب فى بريطانيا:
يعد التدوين على شبكة الإنترنت أحد الروابط بين العرب فى بريطانيا، ويكتب الكثير من العرب على مدوناتهم ما لا يستطيعون قوله فى بلدانهم، حيث إن حرية التعبير من المقدسات فى لندن. فكانت المدونات الوسيلة التى عرف بها العرب حادثة التحرش الجنسى فى وسط القاهرة فى عيد الفطر قبل عامين، عندما أرسلت امرأة مصرية بصور وشهادات هذه الواقعة إلى صديق لها فى لندن. كما كانت المدونات وسيلة لتسجيل يوميات الحرب الإسرائيلية على لبنان يوليو 2006.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة