"فاقد الشئ لا يعطيه"..... ينطبق هذا المثل بدقة على نائبات الشعب المصريات ومعظمهن من الحزب الوطنى ، فبينما نظم المجلس القومى للمراة وعدد من المنظمات العاملة فى المجال الحقوقى الاحتفالات بيوم المرأة المصرية الأيام الماضية فى ثوب مهرجانى مصحوب بهتافات الانتصار للمرأة البسيطة والمهمشة داخل المجتمع المصرى، غابت نائبات المجلس عن طرح قضايا المرأة تحت قبته العريقه .
كشفت مضابط البرلمان عن احتلال النائبات ( وعددهن 8 بعد استقالة شاهيناز النجار وتفرغها للزواج من أحمد عز) لموقع أبو الهول الصامت داخل قاعة المجلس.
لم تشهد هذه الدورة البرلمانية والتى لم يتبق من عمرها سوى القليل حراك إيجابى للنائبات البرلمانيات ..بل العكس تراجعت مؤشرات أدائهن بشكل مخيف . ربما يرى البعض أن سطوة الصفة الذكورية داخل المقاعد البرلمانية وراء تهميش دور البرلمانيات ..لكن الحقيقة تنفى هذه النظرية ,ففى مقارنة بسيطة بين ممارسة نائب ونائبة البرلمان لدورهم البرلمانى بموجب ما كفله الدستور المصرى نجد تبايناً واضحاً ,دفع بعض النواب إلى التقدم باقتراحات بمشروعات قوانين وطلبات إحاطة خاصة بهموم المراة المصرية .
يأتى على رأس هؤلاء نائب الوطنى محمد خليل قويطة والذى سارع فى التقدم باقتراح بمشروع قانون لتغليظ عقوبة مغتصب الأنثى، وهى القضية التى باتت تشغل بال المنظمات الحقوقية التى تتولى الدفاع عن حقوق المراة ,حتى أن بعضهن طالبن نائبات البرلمان بالتقدم بهذا الاقتراح لمجلس الشعب ..لكن لم ينتبه أحد إلى ذلك.
الغريب أن نواب كتلة الإخوان بالبرلمان(88 عضواً) كانوا من أكثر المدافعين عن حقوق المراة المهمشة وذلك من خلال تقدمهم بطلبات إحاطة و اقتراحات برغبة لصرف إعانات شهرية للمرأة المعيلة والمهمشة.فى حين خلت طلبات الإحاطة الخاصة بنائبات مجلس الشعب من القيام بهذا الدور ..تجدر الملاحظة بأن هذا الغياب لم يأت من منطلق المساواة المجتمعية بين الرجل والمراة,وهى إحدى شعارات المجلس القومى للمراة.
الحقيقة أن نائبات البرلمان واللاتى يمثلن الحزب الوطنى فضلن الالتزام وعدم الخروج عن الدور الحزبى تجنباً للمشكلات ،هذا ما تثبته المتابعة النظرية أثناء التصويت على مشروعات القوانين الحكومية,حيث يحرصن النائبات على التواجد داخل القاعة لاستكمال أصوات الأغلبية التى تقف دائماً أمام المعارضة.
الحقيقة الغائبة فى هذا السياق أنه رغم تعالى الأصوات الداعمة لمشاركة المراة فى الحياة السياسية وتشجيعها للخوض فى هذا الاتجاه باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من الحراك المجتمعى ..لم يأت الإفراز الأخير بتمثيل مشرف للمراة داخل البرلمان ,ورغم أن دورة برلمان عام 2000لم تزد فيها نسبة تمثيل المراة فى البرلمان عن 3%..فإن هذه النسبة تصل إلى أقل من 1% خلال الدورة الحالية لبرلمان 2005..الأمر الذى يؤكد تراجع مؤشر مشاركة السياسية للمراة.
تشير بعض الدراسات الحقوقية إلى أن تشكيل لوبى نسائى داخل البرلمان للتعبير عن قضايا المراة المصرية قد يكون الحل الأمثل لتفعيل دور الممارسة البرلمانية لعضوات محلس الشعب..إلا أن الحقيقة لا تعكس ذلك فهناك حرب خفية تفرزها نظرات البرلمانيات بعضهن لبعض يتجلى ذلك بوضوح داخل اللجنة التشريعية بمجلس الشعب والتى تشهد أكبر تواجد نسائى من نائبات البرلمان تمثله رئيس اللجنة الدكتورة أمال عثمان –اللجنة الوحيدة التى تمثلها امرأة من بين 19 لجنة برلمانية- ,ومن العضوات كل من الدكتورة جورجيت قلينى وهى من النائبات المفوهات ويغلب على أدائها الجدية.. فيما تسعى النائبة ابتسام حبيب ميخائيل والتى جاءت بالتعيين إلى منافستها بكل الطرق,حتى لو تطلب هذا استخدامها حق الكلمة داخل اللجنة لتأكيد تواجدها داخل المناقشات .ورغم هدوء أجواء العلاقة بين رئيس اللجنة والدكتورة جورجيت قلينى ..إلا أن هذا الصفو جاء بعد سحابة الصيف التى شهدتها العلاقة من قبل لدرجة جعلت جورجيت تخرج عن وعيها احتجاجاً على أسلوب إدارة الدكتورة أمال عثمان لجلسات الاستماع حول قانون تعديل السلطة القضائة قبل إقراره الدورة قبل الماضية..ووصل هذا الاشتباك إلى انسحاب النائبة جورجيت من اللجنة مهددة بتقديم مذكرة احتجاج إلى رئيس المجلس.
هذا الاشتباك النسائى كان سابقة برلمانية من نوعها ,فلم يشهد البرلمان المصرى هذا النوع من الاختلافات بين النائبات البرلمانيات.
ظل دور الدكتورة أمال عثمان هامشياً تجاه قضايا المراة ,رغم إلمامها بمشكلات المرأة المصرية حيث ترأست وزارة الشئون الاجتماعية لسنوات ..إلا أن الدكتورة زينب رضوان وكيلة مجلس الشعب تفوقت عليها كثيراً ,ورغم فشلها فى إدارة الجلسات البرلمانية أثناء غياب رئيس المجلس الدكتور فتحى سرور .إلا أنها نجحت فى التعبير عن حقوق المراة بأشكال مختلفة ورغم حالة الجدل التى أثارتها فى الفترة الأخيرة حول الاعتداد بشهادة المراة وحق الزوج المسلم فى الإرث من الزوجة المسيحية ..إلا أن هذه القضايا الخلافية أكسبت البرلمان مذاقاً مختلفاً فى ظل حالة التراخى التى شهدها منذ بداية دور الانعقاد الثالث.
اذا كانت استقالة النائبة شاهيناز النجار فى بداية الدورة الحالية قد أحدثت ارتباكاً داخل صفوف المجلس القومى للمرأة وداخل المجتمع الحقوقى .. إلا أن هذا الارتباك لم يحدث صداه بين نفوس نائبات البرلمان واللاتى تحولن إلى ديكور مكمل لصفوف الحزب الوطنى ..
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة