يعود تاريخ معبد دندرة إلى الحقبة اليونانية ـ الرومانية من تاريخ مصر القديمة ويقع على مسافة 60 كيلومتراً شمال مدينة الأقصر. بدأ بناؤه بطليموس الثالث (284-222 قبل الميلاد)، ثم قام الحكام البطالمة فيما بعد بإدخال إضافات كثيرة عليه. ويحتوى هذا المعبد على لوحة فنية مشهورة للملكة كليوباترا وابنها من يوليوس قيصر. ويشتهر المعبد بشرحه للأبراج الفلكية ويحتفظ متحف اللوفر بباريس بأشهر لوحة حجرية ملونة للأبراج (حوالى 2.5 ×2.5 م) قدمها له محمد على باشا فى 1821.
بهدف الحفاظ عليه وتأمينه إلكترونياً، انتهت وزارة الثقافة من مشروع تطوير معبد دندرة الذى استغرق ثلاث سنوات وتكلف 20 مليون جنيه. المشروع يهدف إلى تنمية المنطقة المحيطة وتحويلها لمركز حضارى يليق بالمدينة التى تحتوى على ثلث آثار العالم، وإنشاء بانوراما عمرانية شاملة للمنطقة تتلاءم مع الأهمية الأثرية والتاريخية للمعبد. ويقع معبد دندرة شمال غربى المدينة ويرى الزائر معبد حتحور فى البداية وبعده يرى معبد دندرة من خلال البوابة الرومانية. ويتضمن المشروع تنسيق الموقع العام وإنشاء مبان للترميم وخدمة الزائرين وكافيتريات وبازارات ومركز للزوار ومبنى للشرطة وأماكن انتظار للسيارات. وفى حفل الافتتاح اليوم حضر مع د. نظيف وزير الثقافة فاروق حسنى، واللواء مجدى أيوب محافظ قنا وعدد من الوزراء والقيادات التنفيذية والشعبية بمحافظة قنا.
تطوير وإضافة مساحات جديدة
الدكتور جمال محجوب رئيس الإدارة المركزية للترميم بالمجلس الأعلى للآثار قال إنه تم التنسيق بين المجلس والمحافظة لتنفيذ المشروع وإنشاء مركز للزوار وتنسيق الموقع على مسطح مساحته10 آلاف متر مربع وعرض المحافظ ضم أرض الحديقة الموجودة أمام المعبد إلى المشروع وتعويض الأهالى ليصبح مسطح المشروع نحو40 ألف متر مربع وهو ما تطلب عمل التغييرات اللازمة وإعادة التنسيق وإدخال أنشطة وعناصر معمارية جديدة للاستفادة من المسطحات الإضافية للموقع. وأضاف أن التصميم راعى إيجاد محور رئيسى واضح للمشاة عند المدخل الرئيسى توزع عليه الخدمات، ويتيح مركز الزوار معرفة تاريخ المعبد قبل الدخول وإتمام الزيارة وتم استغلال المنطقة الموجودة فى الطريق الموصل للمعبد كحديقة متحفية تعرض بها بعض القطع الأثرية الأخرى.
من ناحية أخرى، تم تصميم لوحات جرافيكس توضح أجزاء مختلفة من المعبد وتشرح المسقط الأفقى له وتوضح أماكن المبانى الخدمية الجديدة. وتبلغ مساحة المعبد الأصلى 81×38 م وقد بنى من الحجر الرملى ويتكون من: صالة تستند على ستة أعمدة حتحورية تعرف باسم صالة التجلى، وثلاث قاعات على الجانب الشرقى وثلاث قاعات أخرى على الجانب الغربى. وعلى محور المعبد يصل مدخل من صالة القرابين إلى صالة "التاسوع" وأمامها قدس الأقداس وهو أكثر الأجزاء ظلمة فى المعبد، وكانت تقفل أبوابه بالأختام ولا تفتح إلا فى الأعياد الكبرى، والنقوش على جدرانه تمثل الملك وهو يقدم البخور أمام المراكب المقدسة لحتحور وحورس، ويحيط به عدة قاعات شرقاً وغرباً.
ودندرة هو المعبد الوحيد الذى يحمل نص تأسيس باليونانية لا يرى بالعين المجردة. وكان يعتقد أن كليوباترا السابعة صورت مرتين فقط على الجهة الخلفية لمعبد دندرة، ولكن ثبت من دراسة ألقابها وتاجها المميز أنها صورت بهذا المعبد 63 مرة فى أماكن مختلفة. وأدرك العلماء أن المناظر المسجلة على الجدران قد وضعت طبقاً لنظام معين مدروس له قواعد معينة يجب مراعاتها وإلا تعذر فهم النصوص فهماً جيداً. فعند دراسة منظر أو طقس ما على جدار المعبد، لابد من مراعاة قواعد معينة من بينها المنظر المجاور أو الطقس المقابل أو ما يعرف بالسيميترية. كذلك مراعاة أن كل منظر لا يعكس بالضرورة طقساً فعلياً للعبادة وإنما يضم تفاصيل معينة خاصة بالكون، حيث إن المعبد صورة مصغرة للكون الفسيح.
ومن ضمن قواعد المعبد التى تلاحظها أيضاً الملابس والتيجان، فقد ثبت أن الملك حينما يقوم بطقس معين فإنه يرتدى تاج الإله المرتبط بهذا الطقس. وإذا كانت مناظر معينة سجلت فى مكانين يقعان جغرافياً على اتجاه الشمال والجنوب مثلاً، فنجد الملك يرتدى التاج المناسب للاتجاه الجغرافى، بالإضافة إلى اختيار ألقاب معينة للملك أو الإله لأسباب معينة أو اختيار ألفاظ معينة لإحياء بفكرة بعينها.
هذا وكانت مدينة دندرة القديمة تقدس الإلهة حتحور بصفتها إلهة الاحتفالات والحب التى شبهها الإغريق بأفروديت إلهة الحب والجمال اليونانية، ويمكن التعرف على حتحور بمجرد ملاحظة أى رسم أو نقش به سيدة على رأسها قرص الشمس.