انتقدت منظمة أمريكية يمينية مقربة من دوائر المحافظين الجدد (المتعاطفين مع إسرائيل) قرار وزارة الخارجية الأمريكية تعليق القيود التى كان الكونجرس قد وضعها على المعونة العسكرية لمصر واتهمت واشنطن أنها خذلت نشطاء الديمقراطية فى مصر.
منظمة "فريدم هاوس" أو بيت الحرية قالت إن إدارة الرئيس جورج بوش فشلت فى التعاون مع دعاة الديمقراطية فى مصر بعدم اقتطاع جزء من المعونة. وبيت الحرية هى منظمة دأبت على انتقاد الدول العربية وإيران والترويج لإسرائيل على أنها الديمقراطية الناصعة الوحيدة فى منطقة العالم العربى بغض النظر عن احتلالها للأراضى العربية.
غير أن المنظمة أقرت فى بيانها أن قرار الكونجرس ربط صرف 100 مليون دولار من المعونة العسكرية لمصر البالغة 1.3 بليون دولار سنوياً جاء مشروطاً بمقدار قيام مصر بالحد من تدفق الأسلحة المزعومة إلى الفلسطينيين فى غزة وليس بمزاعم نقص الديمقراطية فى مصر فقط.
و يمنع قانون المخصصات الخارجية الأمريكية لعام 2008 صرف 100 مليون دولار من المساعدات العسكرية لمصر حتى تشهد وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس، ضمن أشياء أخرى، أن مصر قد اتخذت خطوات عملية من أجل كشف وتدمير شبكة الأنفاق من مصر إلى غزة".
غير أن وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس قد وافقت على صرف المبلغ لمصر أثناء زياراتها الأخيرة مطلع الشهر لمصر وإسرائيل والأراضى الفلسطينية المحتلة، مما أغضب المدافعين عن إسرائيل فى واشنطن.
ومن الغاضبين على قرار رايس الناشطة جينيفر وندسور، المديرة التنفيذية لـ"فريدم هاوس" والتى استضافت عدداً من نشطاء الديمقراطية وحقوق الإنسان فى مصر العام الماضى، وقالت فى بيان صحفى وزع على الصحفيين فى واشنطن وتلقت وكالة أنباء أمريكا بالعربية نسخة منه: "لقد فشلت الإدارة فى اختبار مهم لأجندتها للترويج للديمقراطية. فى الوقت الذى ننظر إلى حجم المساعدات الأمريكية التى تقدم لمصر، فإن تلك الشروط تعتبر شروطاً صغيرة ورمزية".
وذهبت وندسور للقول: "لقد ضيعت الإدارة فرصة ذهبية لإرسال رسالة تضامن مع نشطاء الديمقراطية فى مصر وفى الشرق الأوسط".
يذكر أن الولايات المتحدة الأمريكية قد عرضت على مصر تخصيص 23 مليون دولار من المعونة الأمريكية العسكرية السنوية لمصر من أجل شراء أجهزة عسكرية أمريكية متطورة لحماية حدود إسرائيل وسيناء.
وقالت وندسور إن الكونجرس والإدارة متفقان على أن مصر لم تقم بدورها فى منع تهريب الأسلحة المزعومة وأن الحكومة المصرية قمعت المعارضة رغم أن الانتخابات المحلية فى مصر ستعقد قريباً فى شهر أبريل.
وقال بيان "فريدم هاوس":"لقد وجد القضاء المصرى انتهاكات قوية وتزويراً كبيراً فى انتخابات الرئاسة فى عام 2005... وما زال ناشط الديمقراطية البارز أيمن نور، والذى كان أبرز عضو فى المعارضة المصرية سابقاً، فى السجن بتهم تحركها دوافع سياسية رغم عدة مشاكل صحية يعانى منها".
وكرر توماس أوميليا، نائب مدير "فريدم هاوس" انتقاداته لوزارة الخارجية الأمريكية وللوزيرة رايس فى البيان فقال :"كان يمكن إن يكون هناك موقف يفوز فيه الجميع. فالحكومة المصرية نفسها تقر بضرورة إصلاح كثير من القضايا مثل استقلال القضاء وانتهاكات الشرطة للمواطنين وبوجود شبكات التهريب لغزة. لكنها برفض اقتطاع جزء من المعونة تكون الإدارة قد ضيعت فرصة ذهبية لتحقيق انجازات فى هذه الإصلاحات".
يذكر أن المنظمة اليمينية تصنف مصر على أنها "دولة غير حرة" فى تقريرها الذى أصدرته هذا العام عن الحريات فى العالم.
منظمة الفريدم هاوس نفسها تتلقى الكثير من التمويل من الحكومة الأمريكية وخصوصاً من" National Endowment for Democracy (NED)" (الوقفية القومية للديمقراطية) ليقوم الفريدم هاوس بعد ذلك بدفع تلك الأموال لاحقاً للعديد من الأفراد والمنظمات والهيئات القومية والمحلية الأخرى فى دول العالم لتنفيذ أو الترويج لسياسات محافظة يمينية يدافع عنها بما يبعد شبهة تدخل الحكومة الأمريكية مباشرة.
وتفضل هذه المؤسسة دعم المشاريع التى تعكس وجهة نظر المحافظين الجدد وبعض ملامح الصهيونية. ومنها مشروع يجمع ويوزع مقالات من متعاطفين مع حركة المحافظين الجدد ويمول توزيعها ونشرها فى العالم مجاناً مع العمل على ضمان تناقلها بين أوساط الإعلام الأجنبى.
وخلاصة التعاون بين التيارين ـ تحت مظلة الفريدم هاوس ـ هو برنامج "بيت الحرية للحريات الدينية فى العالم". إذ يقف هذا المركز الفكرى والبحثى وراء أشد التقارير انتقاداً للدول العربية والإسلامية وخصوصاً فيما يتعلق من مواقفها من إسرائيل واليهود وانتقادات الدول العربية لإسرائيل، وتصنيفه المستمر لها على أنها مواقف معادية للسامية. كما أنه يصور وبإلحاح إسرائيل على أنها الديمقراطية الناصعة الوحيدة فى المنطقة العربية التى تستحق الدعم الأمريكى المستمر.
