دفع ارتفاع الأسعار يومياً بصورة جنونية وتسرب الدعم وعدم وصوله إلى مستحقيه الحقيقيين، العديد من المواطنين مؤخراً - بعد صراخهم فى صمت لمدة طويلة - للمطالبة بضرورة إلغاء الحكومة "مكتوفة الأيدى" أو محاكمتها على الأقل، وذلك بعد فشلها فى حل أزمة رغيف العيش وتركها لأسعار الأسمدة ترتفع بنسبة 100٪، وبالتالى زيادة أسعار الخضار والفاكهة وغالبية السلع الأساسية والتموينية بصورة "مستفزة"، فضلاً عن زيادة تكاليف المواصلات بعد ارتفاع سعر السولار، واشتعال قضية الحديد والأسمنت، التى أصبحت أكبر من الحكومة نفسها.. فهل يمكن أن يؤدى ذلك إلى ثورة المواطنين والمطالبة بإلغاء الحكومة بالفعل؟!
المصريون يتصفون بالبلادة واللامبالاة:
أشار الخبراء الاقتصاديون إلى أن عدم وجود حالة من الرضا المجتمعى بين المواطنين، لا يعنى إمكانية اندلاع ثورة شعبية والمطالبة بإلغاء الحكومة، لأنهم مصابون بالسلبية وعاجزون عن اتخاذ هذا القرار. لكن الفكرة سيطرت على أذهان الكثيرين، خاصة بعد إعلان الرئيس الليبى معمر القذافى مؤخراً أن ليبيا ستصبح بلا حكومة بإلغاء كل الوزارات، ما عدا السيادية منها مثل: الخارجية والداخلية والدفاع والمرافق العامة، وذلك بسبب فشل الحكومات المتعاقبة فى أداء مهامها، مؤكداًً أنه سيوزع ثروة النفط على شعبه بواقع ألف دينار لكل مواطن ليبى.
وحول مدى إمكانية إلغاء الحكومة فى مصر، أكد المهندس على موسى - رئيس غرفة تجارة القاهرة ورئيس الشعبة العامة لتجار مواد التشييد والبناء بالاتحاد العام للغرف التجارية المصرية - رفضه الفكرة تماماً لأنها خاطئة فى الأساس، وقال: "يجب عدم توجيه اللوم للحكومة بسبب تفاقم أى أزمة نعانى منها، لأن الحكومة غير مقصرة على الإطلاق وليست مسئوليتها وحدها أن تقوم بحل كل مشاكلنا، ولابد من عدم إغفال دورنا كمواطنين من حيث مشاركة الحكومة لتجاوز الأزمات بأفضل صورة خلال أقل وقت، خاصة أن لديها العديد من المسئوليات الأخرى التى تتعلق بالحفاظ على أمن واستقرار البلد". وأضاف موسى أن الارتفاعات المتتالية فى أسعار السلع والخدمات محلياً "أمر عادى" لأنها مرتبطة بالأسعار العالمية، التى ترتفع باستمرار والمفروضة على الجميع، وبالتالى فكل دول العالم تعانى من نفس المشكلة. لكنه طالب الحكومة فى الوقت نفسه برفع الدعم الذى يحصل عليه الأغنياء رغم عدم حاجتهم له، مثل استمرار دعم الحكومة حتى الآن لبنزين 90.
من جانب آخر قال فتحى كامل - عضو غرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات المصرية - إن إلغاء الحكومة ليس الحل الأمثل لمشاكلنا "لأننا سنعانى فى أى حال"، كما أن المواطنين "لن يقدروا على المشاركة فى أى ثورة شعبية للمطالبة بإلغاء الحكومة، لأن المصريين مصابون بالبلادة واللامبالاة ويتأقلمون مع المتغيرات مهما كانت صعبة، حتى وإن وصل الأمر إلى أن يأكل المواطن مرة فى الأسبوع". لكنه طالب بإعادة تحديد و"بدقة وأمانة" الفئة الحقيقية المستحقة للدعم بطريقة سليمة، وتوزيعه بعدل ويسر على محدودى الدخل، وصغار العاملين بالقطاعين العام والخاص. مشدداًً على ضرورة إعادة النظر فى أسلوب التعامل مع البطاقات التموينية ومنافذ بيع السلع المدعمة، لضمان وصول الدعم للفقراء ومعدومى الدخل.
أما محمد إبراهيم عبده - عضو غرفة صناعة الحبوب ومنتجاتها باتحاد الصناعات - فقد أوضح أن التفكير فى إلغاء الحكومة، يعد دليلاً على الهروب من مواجهة مشاكلنا لأن هذه الفكرة لن تحل أزماتنا، مشيراً إلى أنه من الأفضل "أن نقوم بمعالجة مشاكلنا بمساعدة الحكومة وعدم الاستغناء عنها"، موضحاً أن بعض المواطنين يطالبون بإلغائها "لأن المليارات الموجهة لدعم السلع لا تصل إلى مستحقيها الحقيقيين، بسبب اتساع وتعدد حلقات تداول السلع وتسرب الدعم وارتفاع الأسعار بصورة جنونية، نظراً لوجود تجار جشعين يحصلون على الدعم بطرق غير مشروعة، ويتلاعبون بالأسعار، فى ظل وجود سوق حر لا يوجد بها سعر موحد للسلعة الواحدة وغياب الرقابة الحكومية المشددة على السوق"، خاصة أننا ليس لدينا رقابة ذاتية على أنفسنا بسبب الظروف الصعبة التى نعانى منها وتدنى مستوى المعيشة". فالإحصائيات الحكومية الأخيرة أكدت أن الدعم الموجه لرغيف العيش سنوياً يقدر بحوالى 12 مليار جنيه، لا تصل منها إلا من 2-3 مليارات فقط لمستحقيه، وبالتالى ضياع 10 مليارات تقريباً فى حلقات التداول من خلال البائعين فى المخابز والعاملين فى منافذ بيع رغيف العيش وغيرهم.. لذلك تدرس الحكومة حالياً كيفية تضييق حلقات تداول السلع لمنع ضياع وتسرب الدعم.
إلغاء الحكومة.. انتشار للفوضى:
من جهته تساءل د. أحمد حسن - عضو بجمعية لحماية المستهلك - قائلاً: "إن لم نلوم الحكومة.. نلوم من؟!.." مشيراً فى الوقت نفسه إلى أن إلغاءها سيؤدى لانتشار الفوضى فى البلاد، مطالباً بمحاكمتها فى أسرع وقت لأن المسئولين بها قراراتهم فاشلة وغير معايشين لواقع البسطاء و"ضحكوا" على عقول المواطنين كثيراً، مثل اتخاذ صغار تجار الحديد والأسمنت "كبش فداء"، وعدم التعرض بأى شكل لكبار أباطرة السوق خوفاً منهم، بالإضافة لإخفاق الحكومة فى حل أزمة الإسكان. والحقيقة أن من 70 - 80٪ من المصريين يشعرون بالمعاناة، لأن مطالبهم لا تلقى الاهتمام الكافى مما أفقدهم الإحساس بوجود أى دعم، حيث يؤكد صناع القرار بكلامهم "الحلو" ومسكناتهم الوهمية استجابتهم لمطالب الشعب، لكن دائماً التنفيذ يؤكد العكس تماماً.
أخفقت فى إخماد نار الأسعار.. لم توفر الدعم لمستحقيه.. تخاف من أباطرة السوق
المواطنون يؤكدون: "إلغاء" الحكومة هو الحل!!
السبت، 22 مارس 2008 11:24 ص
بدأوا فى التفكير بضرورة إلغاء الحكومة!!
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة