عادت قضية الاهتمام بموقف العرب والمسلمين الأمريكيين من الانتخابات الرئاسية هناك لتطفو على السطح مجددا، فى وقت دخلت فيه المنافسة بين المرشحين الديمقراطيين هيلارى كلينتون وباراك أوباما مرحلة جادة. فقد بدأ منافسو الأخير يعيدون استخدام ورقة "الإسلام" للضغط عليه من خلال الزج باسم الرسول صلى الله عليه وسلم فى اسم عائلته، الأمر الذى يؤثر سلباً على موقف الجاليات العربية والإسلامية من تلك الانتخابات. وبلغت الضغوط مداها إلى درجة أن أوباما وجد نفسه مضطراً إلى تكرار نفى أن "يكون قد كان فى يوم من الأيام مسلماً" ثم تأكيده على أن "أمن إسرائيل مقدس".
وكان المذيع الأمريكى بيل كينجهام قد كرر فى حديثه عن الانتخابات الأمريكية على المحطة الأمريكية الشهيرة "فوكس نيوز" أن اسم والد المرشح أوباما هو "حسين محمد"، ثم اعترف بأنه أخطأ اسم محمد، ثم غير تصريحه واكتفى بذكر حسين. لكنه اعتبر أن وصول أوباما إلى البيت الأبيض سيكون عاملاً مساعداً فى انتشار "الإرهاب".
ومع قيام مدونات الأمريكيين على شبكة الإنترنت بملاحقة أوباما على هذه الخلفية، يقف العرب والمسلمون فى الولايات المتحدة موقف المتفرج على هذا المشهد، إما عجزا أو رغبة فى عدم "توريط" أوباما أكثر مما هو فيه.
ورغم أن المسلمين الأمريكيين يشكلون قوة انتخابية لا يستهان بها من حيث العدد والنوعية، فإن تاريخ الانتخابات الأمريكية لم يسجل، حتى الآن، حضوراً مؤثراً لتلك القوة الانتخابية المهملة نسبياً والمسقطة عملياً من حسابات المرشحين الأمريكيين.
ويزداد وضع المسلمين فى الانتخابات الأمريكية الراهنة سوءاً من استمرار حملات العداء لما أسماها الرئيس جور ج بوش "الفاشية الإسلامية"، فيما أصبح الهجوم على الإسلام والجالية المسلمة يشكل مادة دسمة لوسائل الإعلام الأمريكية.
وأظهرت الاستطلاعات التى أجريت مؤخراً أن العرب والمسلمين فى أمريكا لا يعطون أولوية لقضايا أوطانهم الأم، حيث أكدوا حاجتهم إلى تحسين التعليم والحقوق المدنية والرعاية الصحية والوظائف، فى ضوء معاناتهم من نقصها فى ظل إدارة بوش الحالية. وجاءت المطالبة بتحسين علاقة الولايات المتحدة مع الدول الإسلامية فى مرتبة لاحقة، ما يمثل اختلافاً مع توجهات الناخب الأمريكى العادى الذى يعد الاقتصاد وحرب العراق القضايا الأهم بالنسبة له.
ومما يقلل من حجم تأثير العرب والمسلمين فى الانتخابات الأمريكية بشكل عام، انقسامهم على أنفسهم، حيث تتوزع انتماءاتهم، وتوجد درجات من الصراعات المذهبية والعرقية التى حملوها معهم إلى الولايات المتحدة، علاوة على تدنى مستوى نشاطهم السياسى.
وتتباين وجهات نظر أفراد الجالية العربية والمسلمة فى الولايات المتحدة حيال برامج الحزبين الجمهورى والديمقراطى، رغم إقبالهم الملحوظ على الانتخابات. فقد أظهر الاستطلاع أن 80 % من الناخبين المسلمين يشاركون بانتظام فى الانتخابات الرئاسية، لكن غالبيتهم لا تنتمى إلى أى حزب.
وفى هذا الاستطلاع قال 42% من المسلمين إنهم يعتبرون أنفسهم ديمقراطيين فى حين اعتبر 17% أنفسهم جمهوريين و28% قالوا أنهم لا ينتمون لأى حزب، لكن تبقى هذه الانتماءات ضعيفة وهشة مقارنة بما عليه حال الجاليات الأخرى فى الولايات المتحدة.
وتشير المواقف السابقة إلى ميل العرب والمسلمين الأمريكيين إلى مرشحى الحزب الديمقراطى الأكثر انفتاحاً على الأقليات الدينية والعرقية فى المجتمع الأمريكى. وهذا الأمر يجعل من المتوقع أن تؤيد الكتلة الانتخابية المسلمة أوباما، خاصة المسلمين من أصل أفريقى.
وفى انتخابات عام 2004 صوت 63% من الناخبين من العرب لصالح المرشح الديمقراطى السناتور جون كيرى. ويرى الدكتور جيمس زغبى، رئيس المعهد العربى الأمريكى، أن ثلاثة أرباع العرب الأمريكيين ولدوا فى أمريكاً وحوالى 70 % منهم مسيحيون.
أما بخصوص ما يتعلـق بتشكيلتهم، فحوالى 60% منهم لـبنانيون وسـوريون وهـم يصوِتون بشكل عام كما تـصوت الأقليات العِـرقية الأخرى مع اختلافات بسيطة تتعلـق بقضايا السياسة الأمريكية فى الشرق الأوسط.
ويقول زغبى إن "الجيل الثالث من العرب الأمريكيين يعتبـر إقامة الدولة الفلسطينية شيئا بالغ الأهمية، وبينما قد يعتـبر قرابة 40 % من الأمريكيين أنه يجب احترام الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى، ستجد أن النسبة بين العرب الأمريكيين تتخطى 95%".
الإسلام والعرب الأمريكيون ورقة حاضرة فى سباق البيت الأبيض
الأحد، 02 مارس 2008 08:42 م