أليس غريباً هذا الاهتمام المفاجئ بالانتخابات المحلية سواء من الحزب الوطنى أو الأحزاب المعارضة، ومن قبلهم الإخوان؟ هل التواجد الجماهيرى هو الهدف أم أنه بداية الطريق الطويل لمقعد الرئاسة، خاصة بالنسبة للإخوان، حيث يشترط القانون الحصول على 250 توقيعاً من مجالس شورى ومحليات وشعب؟
فبالنسبة للأحزاب لا يوجد هذا الشرط، ومع ذلك لا ينفون رغبتهم فى الحصول على هذه النسبة، وإن كانت تبدو كحلم بعيد. فقد اعتبر محمد أنور السادات نائب رئيس حزب الجبهة انتخابات المحليات فرصة ليتواجد الحزب فى الشارع، وفوز أعضاؤه يعمق هذا التواجد، كما أنها تعتبر تدريباً واختباراً لقدرات الحزب، وهذه أول انتخابات يخوضها بعد تجربة سيئة على مقعد دائرة المنيل.
أما منير فخرى عبد النور سكرتير عام حزب الوفد فيرى أن لها أهمية خاصة جداً، فهى الانتخابات الأقرب للمواطنين، الأمر الذى جسده طلبات الآلاف من أعضاء الحزب للمشاركة فيها، لكنهم لم يتمكنوا من الوصول إلى منافذ الترشيح. على الجانب الآخر، اعتبر الحزب العربى الناصرى، على لسان أحمد حسن أمينه العام، أن هذه الانتخابات ليست فرصة للتواجد، ولكن لإثبات أن لديه بالفعل رصيداً قوياً فى الشارع، واختبار قدرته على منافسة الحزب الحاكم. من ناحية أخرى أرجع حزب التجمع اهتمامه بانتخابات المحليات الحالية لفضح تزييف النظام، وفتح ملفات الفساد المستشرى فى المحليات، لكن المشكلة على حد تعبير سيد عبد العال أمين عام الحزب أن الحزب الحاكم من الصعب أن يتنازل عن السيطرة الكاملة على المحليات، التى يستخدمها بعض رجال السلطة لإخفاء فسادهم. وهذا يفسره تساؤل عبد النور عما يضير الحزب الحاكم من أن تكون له نسبة 90% بدلاً من 99% من المحليات، فى حين أن مرشحى الوفد لم يصل منهم سوى 2% من أعداد المقاعد الإجمالية، مؤكداً أن ما يحدث "شىء مؤلم"، وأصاب الجماهير بالإحباط واليأس، وسوف يساهم فى إبعادها عن المشاركة السياسية.
فى المقابل، نفى د. جهاد عودة عضو أمانة السياسات بالحزب الوطنى تماماً أن حزبه عرقل مرشحى المعارضة من الترشيح، مؤكداً أن الوطنى بفكره الجديد تخلى عن فكرة إملاء القرارات، ولجأ للتفاوض وسماع مشاكل الناس والسعى لحلها. معتبراً أن الوطنى يعلم أن أى حزب لابد أن يستمد قوته من المحليات، لأنها ترتبط مباشرة بالناس، ومن هنا فلها أهمية كبرى.
على الجانب الآخر، ينطبق الهدف الجماهيرى على مسعى جماعة الإخوان، وهدفهم الأساسى كما يقول عبد المنعم أبو الفتوح عضو مكتب الإرشاد، حيث أشار إلى ضرورة التصدى لاستبداد الحزب الحاكم الذى فشل فى كل شىء وتنفيذ مبدأ المشاركة الإيجابية فى أى انتخابات. أما العراقيل التى يتم وضعها أمام ترشيح الإخوان للمحليات، فقد نسبها د. جهاد عودة للدولة وليس للحزب الحاكم، بقوله "إن الدولة لن تترك أى اختراق من جانب أى مجموعات غير شرعية تتسلل عبر أى قناة، بل مهمة الدولة الكشف عن هؤلاء وعدم تمكينهم من تنفيذ أى من مخططاتهم، والأجهزة الأمنية التى تتبع الدولة وليس الحزب هى التى تبعدهم وهذا حقها لأن مسئوليتها فرض القانون على الجميع، ومن ضمنهم الحزب الوطنى"، ودلل عودة على ذلك بأن الحزب رشح أكثر من مرة أعضاء وقيادات لمواقع ورفضهم الأمن، وتم تعيين آخرين من خارج الحزب.
وحول ما إذا المسكوت عنه فى الانتخابات المحلية هو مقعد الرئاسة، مما يعتبره البعض صراعاً بين الإخوان والنظام الحاكم، فنفى أبو الفتوح ذلك نفياً مطلقاً رغم اليقين من أنه حق دستورى، ويقول إن الهدف الأساسى لهم هو إثبات أن هناك من يتصدى للحزب الوطنى والاستبداد الذى يمارسه النظام. أما أحمد حسن عن الحزب الناصرى، فلا يعتبر مقعد الرئيس هو الورقة النهائية للحزب، ولكنه هدف ضمن مجموعة أهداف، وهو ما يقوله حزبا الوفد والتجمع، ولكنهم فى الحقيقة لا يحتاجون هذه الانتخابات لدخول مطحنة الانتخابات الرئاسية. ويبدو أن الحزب الوطنى يسعى للسيطرة وربما لتوريث جمال مبارك ومنع أى منافس له، وهو ما نفاه جهاد عودة قائلاً: "إن الرئيس مبارك نفى ما يتردد عن التوريث، ولم يصدر عنه تصرف يشى برغبته فى وصول ابنه للرئاسة، وجمال نفسه نفى ذلك، والتوريث اختراع أطلقه الناصريون وردده من بعدهم الجميع"، وجمال مبارك ـ حسب جهاد عودة ـ "يعلم الحالة المعقدة للسياسة المصرية وأننا فى الوطنى ليس كحزب البعث، وقد حقق طفرة فى آلياته وهياكله ليس لصالح جمال مبارك، ومن يدعى ذلك لا يعرف معنى كلمة تنظيم، والقواعد الجديدة فى الحزب أننا جزء من الشعب وليس الشعب كله نؤثر فيه ونتأثر به".
