"اتهامات وتهديدات متبادلة وانقسامات"، هذا هو حال أطباء مصر حاليا، وبدلا ما كانت النقابة ومجلسها يحاولان حشد الأعضاء للاستقواء بهم فى الجمعيات العمومية الطارئة والتحركات التى كانت من أجل إقرار الكادر أو التوصل لحل مشاكلهم ، انقلب الوضع إلى انقسامات واتهامات بعد الأزمة التى حدثت بين الأعضاء ومجلس النقابة واتخاذ المجلس قراراً بتعليق الإضراب العام رغم إقراره من الجمعية العمومية الطارئة فى الأول من فبراير الماضى، ووصل الأمر إلى مواجهة مباشرة بين رابطة أطباء بلا حقوق والنقيب.
وتصاعدت حدة الأزمة بإصرار أطباء بلا نقابة على استمرارهم فى الاعتصام حتى الجمعة المقبل، وهو موعد عقد الجمعية العمومية العادية لدراسة ما تم إنجازه أو اتخاذه من قرارات فى قضية الكادر بعد أن اعتبر الدكتور حمدى السيد نقيب الأطباء بأن هذا الاعتصام لا يعبر عن الموقف الرسمى للنقابة ، بل اتهم النقيب أعضاء الرابطة بأنهم قلة تحاول فرض سيطرتها وإرادتها على جموع الأطباء والكيان الشرعى للأطباء وهو النقابة ومجلسها.
ومقابل هذا كشفت مصادر بمجلس النقابة عن وجود حالة من الانقسام بين أعضاء المجلس أنفسهم لاحتجاج البعض على قرار النقيب واستجابته لتحذير رئيس الوزراء الذى قال فيه "إن إضراب الموظف العام محظوروخاصة الأطباء " وكان هذا الاحتجاج سببا فى عدم حضور غالبية أعضاء المجلس فى الاجتماع الذى تم الأسبوع الماضى لدراسة مشروعية الإضراب من الجانب القانونى، وتم تأجيله إلى ما بعد الاحتفال بيوم الطبيب الذى يجرى - الثلاثاء ـ لعدم إثارة الخلافات أوتعميق الانقسامات بين أعضاء المجلس والنقيب .
ورغم اتفاق الأطباء، من مجلس ونقيب، مع مطالب وآراء أعضاء الرابطة حول الكادر، إلا أن طريقة إدارة القضية هى التى أوجدت خلافات بين الجانبين، وهو ما دفع أعضاء الرابطة إلى الاحتكام إلى الجمعية العمومية التى أصدرت قراراً سابقا بالإضراب، ولكن النقيب ومجلسه أوقف تنفيذه، وقالت الدكتورة منى مينا منسق عام "أطباء بلا نقابة" لـ"اليوم السابع" إن قرار الجمعية العمومية لا تلغيه إلا جمعية عمومية وكان على النقابة أن تدعو لجمعية عمومية لاتخاذ القرار فيما سيتم وعدم قصر الأمر على مجالس نقابات غير مكتملة ، باعتبار أن الجمعية العمومية أعلى سلطة بالنقابة.
واعتبرت مينا أن النقيب يخالف حتى قرارت الأعضاء البديلة مثلما حدث فى نقابة أطباء الغربية، حيث قام الأطباء بالمستشفيات الحكومية باستبدال الإضراب بوقفات احتجاجية تبادلية داخل المستشفيات دون توقف العمل فى الطوارئ والاستقبال حتى موعد الجمعة المقبل، وبهذا لا يكون النقيب والأطباء قد خرجا عن قرار الجمعية العمومية ولم يتهاونوا فى مطالبهم بالكادر.
وأكدت مينا أن قرارات وتصريحات وزارة الصحة حتى الأن لم ترتق حتى لتكون حبراً على ورق، ولكنها "كلام فى الهواء ليس أكثر" وضربت مثلا بأن "النوبطجيات" مازالت بستة جنيهات للطبيب وإلزامية ولم يتم تعديلها ولم يحصل أى طبيب فى الشهور السابقة على جنيه واحد زيادة رغم التصريحات والتهليلات التى يعلنها الوزير عن الزيادة فى الحوافز والأجور ويصدقه النقيب ومجلسه، موضحة أن الإضراب ليس بدعه بل هو حق واستمد مشروعيته وقانونيته من "الحق العادل" للأطباء، كما أنه تطبيقاً لمعاهدة الحقوق الاقتصادية والمدنية والاجتماعية التى وقعت عليها مصر والتى تعطى الحق لمواطنى الدول الموقعة بتنظيم الإضراب، لأنه حق معترف به سواء بالنسبة للعمال أو الموظفين، وهذه الاتفاقية أصبحت سارية منذ عام ١٩٨١.
لذلك يتوقع أن تشهد الجمعية العمومية لنقابة الأطباء الجمعة المقبل انقساماً حاداً بين المجلس وأعضاء النقابة، خاصة فى ظل حملة رابطة "أطباء بلا نقابة" لجمع التوقيعات على مشروع مقترح للكادر يكون فيه أساسى المرتب للطبيب ألف جنيه وتضاف إليه العلاوات السنوية والبدلات، وان يرتفع بدل "النوبطجيات" إلى 50 جنيهاًَ بدلاً من ستة جنيهات حاليا، وإلغاء كل العراقيل واشتراطات صرف المرتبات أو الحوافز الموجودة حاليا، وذلك باقتراح رفع الدولة تمويلات ميزانية وزارة الصحة 10% مع ترشيد أوجه الانفاق والصرف دون تحميل المرضى أى أعباء .
فى حين أكد الدكتور حمدى السيد نقيب الأطباء أن الاعتصام القائم أمام النقابة ليس له أى قيمة حيث أنه غير قانونى، مشيراً إلى أن هذه الرابطة هم مجموعة محدودة ليس لها تاثير فى 180 ألف طبيب مصرى، موضحا أن الاضراب لم يتم إلغائه بل تم تأجيله للتأكد من قانونيته ، مضيفاً أن الجمعية العمومية لم تكن تعلم شيئاً عن قانون منع الإضراب، وفى حالة رفض الحكومة للكادر فلا مانع من وضع لائحة لزيادة رواتب الأطباء.
بينما رد عليه أطباء بلا حقوق بقولهم على لسان دكتور عبد الحميد رشوان عضو الرابطة" إن أطباء بلا حقوق لاتريد فرض رأيها على أحد وإنما أرادت أن يتم استئذان أصحاب الحق أولا، ومن ناحية أخرى فإن ما فعلته النقابة هو تشجيع للوزارة فى التمادى فى تهديدها للأطباء ، وفيه أيضا إحباط للأطباء من أن القرارات التى تتخذ فى الجمعية العمومية لاتنفذ وبالتالى قد يؤدى إلى عدم ثقة الأطباء فى نقابتهم ، فى حين كان أعضاء مجلس النقابة فى الماضى يشتكون من أن الأطباء لايحضرون الجمعيات العمومية ولا يتجاوبون، فإذا ما تجاوب الأطباء وحضروا واتخذوا القرارات فإنها لاتنفذ مما يؤدى إلى السلبية.
وأضاف أن الرابطة طالبت مراراً وتكراراً بالدراسات القانونية ولم تنفذ، قائلاً "إذ نقدر للنقيب خوفه على الأطباء من أن يمسوا بأذى إلا أنه إذا كان هناك هوس حكومى من إضراب الأطباء فليس الحل هو سجنهم، وإنما إعطاؤهم بعضا من حقوقهم ومعاملتهم المعاملة التى جعلت الحكومة تخشى من إضرابهم أكثر من أى فئة أخرى"، واختتم بقوله من الواجب على النقابة أن توحد الأطباء وتجعلهم يدا واحدة وأن تهدد باتخاذ إجراءات أشد قوة إذا تم أى إيذاء لأى من الأطباء، ولكن للأسف استجابت النقابة لتلك الحيل دون حتى أى مشورة من الأطباء".
أما الدكتور شوقى الحداد وكيل نقابة الأطباء ورئيس الهيئة التأديبية بالنقابة، فأكد أن وزير الصحة الدكتور حاتم الجبلى قد وعدهم بعمل كادر خاص للاطباء خلال الميزانية الحالية وهو السبب الرئيسى فى تراجع الدكتور حمدى السيد عن عمل اضراب والذى كان من المقرر تنفيذه بدءاً من الخامس عشر من مارس حسب ما أقرته الجمعية العمومية.
يذكر أن الأطباء مارسوا الإضراب فى دول عديدة لتحقيق مطالبهم فى تحسين أجورهم وتحسين مستوى الخدمة الصحية، مثلما حدث فى إضراب السودان عام 2003، وإضراب ألمانيا 2006، وإضراب موريتانيا واليمن بداية هذا العام.
حمدى السيد يؤكد أنه معلق
انقسام واتهامات بين الأطباء بسبب الإضراب
الإثنين، 17 مارس 2008 07:35 ص
حمدى السيد يؤكد أن الاعتصام معلق
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة