قطر: شيوخ الاستاد

الأحد، 16 مارس 2008 05:33 م
قطر: شيوخ الاستاد
إعداد ـ ديرا موريس عن الإكسبرس الفرنسية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قال الشيخ حمد الثانى أمير قطر ذات مرة: "أن تصبح عضواً فى اللجنة الدولية الأوليمبية أهم من أن تنضم إلى عضوية الأمم المتحدة، لأن الجميع يحترمون قرارات هذه اللجنة". ومنذ ذلك اليوم أصبحت قطر مرشحة لكل شىء: تنظيم الألعاب الأوليمبية فى 2016، ولما لا تنظيم كأس العالم لكرة القدم فى 2018 أيضاً ؟! فهذا الأمر ليس بعيداً عن أحلام الشيخ حمد أمير الدولة الصغيرة.
ولا يمكن تفسير هذا على أنه جنون العظمة، ولكن المسألة ترتبط قبل كل شىء بمحاولة التعايش فى هذه المنطقة من العالم العربى والتى تحاول قطر إثبات تواجدها فيها فى مواجهة المملكة العربية السعودية. وتسعى هذه الإمارة، التى تخلصت من الوصاية البريطانية فى 1971، لإثبات سيادتها عن طريق الرياضة. ويعلق باسكال بونيفاس، مدير معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية فى فرنسا قائلاً: "إن الشخص الذى يشعر بالخطر يفضل دائماً السير فى وسط الطريق فى أكثر المناطق إضاءة، وهذا هو حال قطر".
فبعد أن ظل اعتماد قطر على جذب لاعبى كرة القدم العالميين القدامى أو الرياضيين البلغاريين فى ألعاب القوى أو رافعى الأثقال الكينيين، أصبح حلم الشيخ حمد وولديه، جاسم (عاشق كرة القدم) وتميم (عاشق السباحة)، هو تطبيق سياسة رياضية حقيقية وتكوين أبطال رياضيين قطريين مائة بالمائة.
وتعد دولة قطر، التى تضم 5% من مخزون الغاز العالمى و15 مليار برميل من مخزون النفط، واحدة من أغنى دول العالم. ويحصل كل قطرى عند ميلاده على بيت وأرض ودخل مدى الحياة. ويقوم مليون شخص جاءوا من دول العالم الثالث الآسيوى بالعمل ليلاً ونهاراً من أجل بناء هذه "الجنة" للسكان الأصليين والذين يصل عددهم إلى 200 ألف قطرى فقط.
هذا وتجرى مباريات بطولة كرة القدم فى قطر فى صروح رياضية ذات تكنولوجيا متقدمة، تم طلاء المقاعد فيها بطريقة تعطى انطباعاً خادعاً بوجود جماهير كثيرة أمام الكاميرات الأربع عشرة التابعة لقناة "الجزيرة" للرياضة. أما المائة مشجع الذين يحضرون كل المباريات، فقد قامت الأندية بتأجيرهم مقابل مبالغ من المال.

وفيما عدا حادثة واحدة وقعت خلال المباراة النهائية لكأس الأمير فى بداية يونية. فى هذا اليوم، كان استاد الدوحة الدولى يمتلأ عن آخره بالمشاهدين الهنود والباكستانيين الذين حضروا خصيصا لحضور السحب على الجوائز الذى كان سيتم بعد المباراة. ولكن المنظمين كانوا قد أجروا القرعة خلال فترة الاستراحة بين الشوطين، وعندما خرج اللاعبون بعد انتهاء المباراة لم يجدوا حتى قطة واحدة فى المدرجات.
وتتمتع إمارة قطر بقوة حقيقية فى المحافل الدولية، حيث تحصل دائماً على مساندة الرعاة الأوربيين لها، الأمر الذى يجعل بعض الأعضاء النزهاء فى اللجنة الأوليمبية الدولية على يقين بأن "جاذبية" قطر سيكون لها تأثير لحظة تقييم فرصها فى تنظيم الألعاب الأوليمبية فى 2016. ألا يقال إن أندريه جيلفى، البالغ من العمر 87 عاماً، والذى يتمتع بتأثير قوى فى كواليس المنظمة الأوليمبية وكذلك فى "مطبخ السياسة الشرق أوسطية"، قد بدأ العمل بالفعل على ترشيح إمارة قطر لتنظيم دورة 2016؟.
لقد أثبتت قطر قبل ذلك قدراتها التنظيمية خلال دورة الألعاب الآسيوية فى 2006. وقد أثنى رئيس اللجنة الأوليمبية الدولية على هذا النجاح. ويذكر أن قطر استطاعت، خلال هذه الدورة، انتزاع واحدة من الميداليات النادرة التى حصلت عليها فى تاريخها الرياضى، وذلك فى لعبة الشطرنج !!!

"إن المال لا يعنى شيئاً سوى الهواء الذى نتنفسه"يهوى الأمير تميم (23 عاماً) دائماً ترديد المقولة التالية: "إن المال لا يعنى شيئاً سوى الهواء الذى نتنفسه". لقد نجح هذا الأمير فى أن يصبح أصغر عضو فى اللجنة الدولية الأوليمبية. فقبل أسابيع من بداية الألعاب الآسيوية فى 2006، تخيل الأمير برجاً يرتفع 300 متر يحمل على قمته شعلة البطولة. هذا ما تم بناؤه بالفعل فى زمن قياسى، فقد كان يتم بناء 5 أمتار يومياً، هذا ما يؤكده ألبان دى ميول، مدرب خيول العائلة الملكية منذ 8 سنوات.
وفى خريف 2005، دعا الشيخ حمد كلاً من المهندس المعمارى الفرنسى الشهير روجيه تايبير (مصمم حديقة الأمراء فى باريس والاستاد الأوليمبى فى مونتريال)، وكذلك لاعبى كرة القدم بيليه ومارادونا وبيكنباور، للاحتفال بافتتاح مجمع أسباير Aspire، الذى قام بتصميمه تايبير. وأسباير هو أكبر صرح رياضى على مستوى العالم، ويضم 20 ألف مقعد وبلغت تكلفة بنائه مليار دولار.

وشهد حفل Aspire الأسطورى حضور نجوم رياضة عالميين لم يستطيعوا مقاومة إغراء شيكات مكونة من ستة أرقام قدمتها الدوحة مقابل ذلك، مثل اللاعب الأرجنتينى ليونيل ميسى، الذى أبدى انبهاره بحجرات لاعبى الكرة القطريين والتى شملت مينى بار و شاشات بلازما و حمامات خمسة نجوم وغيرها من مظاهر الفخامة...

"إن مكان الخيول هو الإسطبل"

على النقيض من هذا الحلم الأوليمبى "المكيف"، نرى صالة الألعاب الرياضية للفتيات "خليفة" التى تبدو وكأنها تخرج من تحت أنقاض عصر عفا عليها الزمن: الحوائط قديمة والأرضيات متهالكة ...
وعندما يأتى الأهل لتسجيل أسماء بناتهم فى هذه الصالة الرياضية، يصممون فى البداية على أن ترتدى الفتيات العباءة أثناء ممارسة الرياضة. ولا أحد يعترض على هذا الطلب، ولكنهم سرعان ما يتراجعون هم أنفسهم فى أغلب الأوقات عن هذا القرار.
وتحكى المدربة البلجيكية جاكلين هاربران، وهى المديرة الفنية للاتحاد القطرى للألعاب الرياضية، قصة طريفة وقعت لها عند حضورها لقطر أول مرة فى 1970: "فى الصباح، ذهبت كى أتريض على الكورنيش، وكنت أرتدى ملابس رياضية. وفجأة صرخ فى وجهى أول شخص قابلته قائلاً: فى قطر، مكان الفرسات هو الإسطبل وليس الشارع" !!!. وبعد مرور ثلاثين عاماً، تتذكر أيضاً المدربة البلجيكية قصة واحدة من الفتيات التى كانت تقوم بتدريبهن:" كانت تبلغ من العمر 17 عاماً ونجحت فى الوصول إلى نهائى مسابقة الجمباز. وهو الأمر الذى يعد إنجازاً حقيقياً فى قطر. وفى الشهر التالى، أمرها أخوها الذى كان قد انتهى للتو من دراسته فى أوروبا بترك رياضة الجمباز وزيها غير المحتشم وممارسة رياضة رفع الأثقال أو المبارزة، حيث إن الزى المستخدم فى هاتين الرياضتين أكثر احتشاماً. ومن يومها لم تظهر هذه البطلة الصغيرة مجدداً".

برواز 1فرسان من الروبوت على ظهور الجمال
أدخلت الشيخة موزة (الزوجة الثانية للشيخ حمد) ثورة حقيقية فى مجال رياضة امتطاء الجمال التى يقبل عليها القطريون بشغف. وتتمثل هذه الثورة فى الاستعانة بروبوت ليقوم بتدريب الجمال بدلاً من الفرسان. ويتم التحكم فى هذا الروبوت السويسرى الصنع، والذى يقوم بالأوضاع والحركات نفسها التى يقوم بها الفرسان الصغار، عن طريق جهاز تحكم عن بعد، إلا فى الحالات التى تستدعى قيام المدربين بالتدخل بأنفسهم لتحسين الأداء فى بعض الأحيان.
ويرجع القرار الذى اتخذته الشيخة موزة باستبدال المدربين بروبوت يمتطى الجمل أثناء التدريب إلى الحادثة التى راح ضحيتها طفل فى الثامنة من عمره فى 2002، كان يمتطى جمل اسمه "شوبة" ويبلغ ثمنه 3.5 مليون يورو أثناء التدريب، حيث وقع من فوق ظهره ومات. وحتى تلك الحادثة، كان أغنياء البدو يعهدون بداباتهم لأطفال، غالباً سودانيون، تقل أعمارهم عن ثمانى سنوات ولا يزيد وزنهم على 20 كجم.

برواز 2
Aspetar عيادة رياضية على مستوى العالم

يضم مجمع Aspetar الرياضى، الواقع على بعد 10 كم من الدوحة والذى لم يتم افتتاحه بعد، عيادة ومعمل اختبارات ومركز إعادة تأهيل. وقد بدأت بالفعل أسماء كبيرة فى عالم الرياضة تتوافد على هذا المجمع مثل المدافع الفرنسى فى نادى لوبيريه أوليمباكوس اليونانى، ونجم نادى تشيلسى ديديه دروجبا الذى أرسل إلى هذا المجمع التقارير الطبية الخاصة بعملية ركبته فى ديسمبر 2007. ويعمل فى هذا المجمع أطباء كبار على مستوى العالم مثل بيتر فولر، رئيس المؤسسة الأمريكية للطب الرياضى.
ويضم هذا المجمع الملفات الطبية الخاصة بكل الرياضيين القطريين فى كل المجالات الرياضية. ويؤكد الطبيب الفرنسى حكيم شلبى، المدير المساعد فى هذا المجمع الرياضى الطبى، والذى كان قد رفض منصباً مهماً فى وزارة الرياضة الفرنسية: "فى فرنسا، تصطدم المشروعات الكبيرة دائماً بصراعات المصالح بين الاتحادات المختلفة، الوزارة واللجنة الأوليمبية. أما هنا فى قطر، فلا يبدو أن هناك إمكانية لحدوث ذلك".






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة