عقدت بأحد فنادق القاهرة ندوة استضافت عدداً من رجال الأعمال ِتداولوا فيما بينهم فكرة الاستغناء عن المعونة الأمريكية، وطرحوا فكرة تعويض قيمتها بخصم 2% من الأرباح السنوية للشركات الكبيرة فى مصر. وقد رفض رجال الأعمال الإعلان عن أنفسهم حاليا خوفا من رد فعل من هنا أو هناك، قد يصيب استثماراتهم، على اعتبار أن غالبيتهم لهم علاقة مباشرة بالجانب الأمريكى. لكن هذا لم يمنع مناقشة مدى إمكانية تنفيذ هذه الفكرة، وخاصة فيما يتعلق بإنشاء صندوق لهذا الغرض، فى ظل الرفض الشعبى العام للمعونة، بعد أن أصبحت أهم أسباب الضغوط والتدخلات الأمريكية فى الشئون الداخلية للبلاد.
فايزة أبو النجا: الفكرة غير مطروحة
فقد اعتبرت د. فايزة أبو النجا وزيرة التعاون الدولى، أن مبادرة الاستغناء عن المعونة الأمريكية واستبدالها بدفع حصة من أرباح رجال الأعمال أمر غير مطروح للمناقشة الآن. لكنها أكدت أن مصر ليست فى حاجة إلى منح أو مساعدات مالية خارجية خلال الفترة القادمة خاصة المعونة الأمريكية، لأنها ترتبط دائما بشروط تؤثر على استقلالية القرار المصرى.
كما أشارت أبو النجا إلى أنه لم يتم طرح أى بدائل أخرى للمعونة فى حالة رفض الجانب الأمريكى الاقتراح المصرى الخاص بتحويل المعونة إلى وديعة، مضيفة أن مصر تسعى إلى تقليص المساعدات الأمريكية والمنح منذ 4 سنوات بمعدلات تدريجية، كما تعمل على جدولة الديون الناتجة عن هذه القروض، حيث استطاعت جدولة ما يقرب من 800 مليون دولار خلال عام 2007.
فادية عبد السلام: عملياً صعبة
ومن جانبها أشارت فادية عبد السلام، أستاذة الاقتصاد بالمعهد القومى للتخطيط، إلى أنه رغم إمكانية الاعتماد على رجال الأعمال فى سد الفجوة التى قد يتركها الاستغناء عن المعونة الأمريكية من الناحية النظرية، إلا أن ذلك صعب عملياً، خاصة أنه كان مقترحاً على رجال الأعمال منذ سنوات أن يساهموا بجزء من أرباحهم للإنفاق على تنمية القدرات التكنولوجية فى ظل ضعف الإنفاق الحكومى على البحوث العلمية ورفضوا. وأكدت فادية أنه من الصعب جدا فى المرحلة الحالية الاستغناء عن المعونة الأمريكية، لأن مصر فى حاجة لكل دولار مشيرة إلى أن هذا لن يؤثر من الناحية السياسية ولن يحل الصراع فى منطقة الشرق الأوسط، حيث تقوم العلاقات الدولية على أسس اقتصادية بالمقام الأول، مضيفة أن الاستغناء عن المعونة يتطلب أن يساهم رجال الأعمال فى تحقيق النهضة الاقتصادية لبلادهم وليس التبرع بجزء من الأرباح .
فايز عز الدين: جيدة ولكن!
اعتبر فايز عز الدين رئيس الغرفة الكندية، الفكرة جيدة ولكنه لا يعتقد أنها ستنفذ حتى لو تحمس لها بعض رجال الأعمال فى البداية، مشيراً إلى أن معوقات التنفيذ تكمن فى رجال الأعمال أنفسهم لأنه لا يوجد رجل أعمال يدفع 2% من أرباحه لصندوق المعونة، إلا إذا كان سيستفيد من ذلك سواء فى صورة امتيازات معينة أو منصب سياسى أو مكانة اجتماعية وأضاف: إذا تحدثنا عن المبادرات الوطنية فأنا أفضل أن أشارك فى مشروع يخدم البلد كدعم رغيف الخبز مثلاً الذى هو أفضل من المشاركة فى صندوق للمعونة، خاصة أن هذا سيخدم المواطن الكادح بصورة مباشرة، وأكد أن الضغط السياسى سيظل موجوداً سواء تم الاستغناء عن المعونة أم لا، وأوضح أن المعونة منذ البداية لم تمنح لنا بلا مقابل فنحن دفعنا مقابلها مقدما حينما عقدنا اتفاقيات السلام مع إسرائيل مما يعنى أنها مشروع متفق عليه وليست منحة أو هبة.
عبد السلام محمد: مرفوضة تماماً
أما د. عبد السلام محمد، أستاذ العلاقات الاقتصادية الدولية والخبير بمعهد التخطيط الدولى، فيرى أن فكرة إلغاء المعونة الأمريكية مقابل استبدالها بنسبة تتراوح من 1% : 2% من الأرباح السنوية لرجال الأعمال مرفوضة تماما، خاصة أنها تعد موردا متقلبا لا يمكن الاعتماد عليه فى تنمية الموارد المالية للدولة. وأضاف: أنه حتى إذا حدث ذلك ستكون أداة ضغط فى أيدى رجال الإعمال على الاقتصاد القومى، هذا يعنى التخلى عن الضغط الخارجى لصالح الخضوع لضغط داخلى خاصة فى ظل سيادة السياسات الاحتكارية على السوق. ووصف عبد السلام المعونة بـ"الشحاتة" التى تحولت إلى حق بموجب معاهدة كامب ديفيد، التى طالبت فيها مصر بالحصول على معونة سنوية من الولايات المتحدة كما تفعل إسرائيل واستخدمتها أمريكا كأداة للضغط علينا.
جمال زهران: المهم وجود الإرادة
فى المقابل أكد د. جمال زهران عضو مجلس الشعب، أن رجال الأعمال لديهم القدرة على دفع هذه الأموال بدلا من الحكومة الأمريكية. وضرب أمثلة بأرباح رجال الأعمال مصريين، أمثال: أحمد عز والذى تتعدى أرباحه السنوية الــ 3 مليارات جنيه، وطلعت مصطفى والذى تصل أرباحه إلى مليار ونصف المليار، ومحمد أبو العينين مليار جنيه. وأكد على أن هؤلاء من حق الوطن عليهم أن يدفعوا قيمة هذه المعونة، وهم قادرون على ذلك ولكنهم لن يفعلوا لأنهم أكبر المستفيدين من هذه المعونة. فمن وجهة نظره يرى أن لديهم مصلحة كبيرة من استمرارها، مشيراً إلى أنه رغم حصول مصر على المعونة بشكل منتظم إلا أنها لم تستطع حتى الآن سداد ديونها الخارجية التى بلغت 30 مليار دولار، مقارنة بدولة مثل البرازيل التى قامت بسداد 270 مليارا,ً رغم عدم حصولها على أى معونة خارجية. وأخيرا رهن زهران الاستغناء عن المعونة بوجود إرادة قوية تكون مستعدة لتحمل أى عواقب نتيجة تلك الخطوة .
أحمد ثابت: غير مفيدة
وعلى ذات النهج، تابع د. أحمد ثابت، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، بقوله إن المعونة الأمريكية لا يتم استخدامها بشكل صحيح، ولا تعود بالنفع على الخدمات المختلفة والتنمية، كما أن قيمتها الاقتصادية ضئيلة للغاية. وفيما يخص قدرة رجال الأعمال على سداد قيمة المعونة، أكد ثابت أن رجال الأعمال قادرون على توفير هذه الأموال ولكن هذا يتوقف على موافقة الحكومة ومساعدتها فى هذا الاتجاه.
حسن عبيد: الاعتماد على رجال الأعمال خطأ
أما د. حسن عبيد أستاذ الاقتصاد قال: إنه لا يمكن الاعتماد على رجال الأعمال فى سد مبلغ المعونة الأمريكية، مشيراً إلى أن ما يهمهم هو تحقيق الأرباح وليس مصلحة الاقتصاد القومى أو المستهلك، والدليل أن أسعار الحديد والأسمنت حينما كانت تحت يد الحكومة والقطاع العام كانت مناسبة، أما الآن فزادت 50 ضعفا. وأضاف: نحن نستطيع الاستغناء عن المعونة، كما أننا نرفض أى شروط، أما رجال الأعمال فيساهمون أولا يساهمون فتلك مشكلتهم.
دعوة لإلغائها وتعويض قيمتها بخصم 2% من أرباح الشركات الكبيرة
خطة للتخلص من "كابوس" المعونة
الخميس، 13 مارس 2008 06:30 م
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة