إن التعصب هو اعتقاد باطل بأن الإنسان يحتكر لنفسه الحقيقة وأن غيره يفتقر إليها والتعصب له أوجه عدة فهناك التعصب العنصرى والتعصب القومى والتعصب الدينى وكل هؤلاء يشتركون فى سمة واحدة وهى الانحياز إلى موقف الجماعة التى ينتمى إليها دون تفكير وإغلاق أبواب العقل ونوافذه إغلاقًاً محكمًا حتى لا تنفذ إليه نسمة من الحرية، ويريد هؤلاء أن يخاطبهم مريدوهم كما خاطب جوبلز زعيمه هتلر حين قال» فى لحظات يأسنا العميق وجدنا فيك من يدلنا على طريق الإيمان.
لقد وجهت عبارات الخلاص إلى قلقنا.. وخلقت فينا الإيمان بالمعجزة المقبلة«. ويجتمع التعصب مع المحتوى الاجتماعى ليجعل من الإنسان عدواً لذاته كادحاً بالساعد فى حين تمتلئ رأسه بأفكار مستغليه من أصحاب هذا الخطاب الماضوى، ولنتذكر خطاب الرجال الستة لزعيمهم حسن البنا مؤسس طائفة الإخوان.. إذ قالوا بنفس لغة جوبلز .. »لقد سمعنا ووعينا وتأثرنا ونحن لا نعرف السبيل العملى للوصول إلى عزة الإسلام وخدمة ورفاهية المسلمين.
لقد سئمنا الذل والقيد وإنا لنشعر بالعجز عن تفهم الطريق إلى العمل كما تفهمه أنت ولا نعرف الطريق إلى خدمة الوطن والدين والأمة كما تعرف أنت وكل ما نرغب فيه الآن هو أن نقدم كل ما نملكه حتى نصبح فى حل من المسئولية أمام الله ولكى تصبح أنت مسئولاً أمامه عما يجب أن نقوم به«... وعلى الطرف الآخر والآن وفى عام 2008م ورغم الصيحات التى تدعو إلى المواطنة والمجتمع المفتوح ودولة كل المواطنين وتفعيل روح القانون والحماية الدستورية، والتفاعل مع جميع القضايا من منطلق حقوقى وقانونى، فوجئنا بالتصريح التالى.. »قداسة البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية يرفض الاعتراف بحكم المحكمة الإدارية العليا الذى أصدرته مؤخرًا ويلزم الكنيسة بعمل مراسم لزواج المسيحى المطلق«.. وقال: »إن مجالس الكنيسة لا يحكمها سوى الكتاب المقدس ولا نلتزم إلا به«... ويضيف »لن نسمح بفرض وصاية علينا من أحد أو جهه«... ويضيف القمص صليب متى ساويرس، عضو المجلس المحلى .. »إن الشريعة تخرج من فم الكاهن وليس القاضى«..
والملاحظ هنا هو اختراق الكنيسة التى تدعو لاحترام المواطنة وتفعيلها ومواجهة التحديات التى تواجه الأقباط فى مصر من منطلقات قانونية وحقوقية ودستورية، نراها تخترق أول ما تخترق القانون وسيادته بمثل هذه التصريحات، خاصة أنها تهم الشأن القبطى وليس غيره، وتهم تماسك البنيان الاجتماعى القبطى وليس غيره، وتمس مشاعر ووجدان القبطى وليس غيره، وتمس حياة الأقباط نفسياً واجتماعياً وليس غيرهم، خاصة إذا عرفنا أن حكم المحكمة استند فى حيثياته إلى لائحة 1938 بشأن الأحوال الشخصية للأقباط والتى لم تضعها الحكومة، بل تقدمت بها الكنيسة، وبالتالى فحكم المحكمة استدعى لائحة مقررة سلفاً من الكنيسة المصرية ولكن طبعاً قبل مجىء البابا شنودة.. فهل بمثل هذه المواقف تتحقق المواطنة والدولة المدنية الحديثة؟ سؤال لقداسة البابا شنودة.. خاصة أننا نسعى لأن تسود روح استقلال الفكر المستنير الذى يرفض الوصاية عليه والنقد العقلى الذى لا يسلم بشىء تسليماً أعمى وتربية العقل على التساؤل المستمر، والتخلص من حالة الجمود العقلى الذى تقبل فيها آراء لمجرد أنها كانت دائماً مقبولة أو لأن أشخاصا يحظون بتقديرنا يسلمون بها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة