الشاعر الفلسطينى الكبير محمود درويش له تجربة غريبة مع ديوانه الأول، فبعدما نشره وهو لم يتجاوز العشرين تحت عنوان "عصافير بلا أجنحة" عام 1960، لم يكرر نشره بعد ذلك فى طبعات مجموعاته الشعرية، بل واعتذر لقرائه عنه لأنه كان ـ على حد تعبيره – مجرد انطباعات عاطفية ساذجة.
الدكتور عادل الأسطة، أستاذ الأدب بكلية الآداب بجامعة النجاح الفلسطينية، يقدم فى دراسته تحليلاً دقيقاً لتجربة درويش مع أعماله الأولى، والذى يرى فيه أن درويش أخذ فى فترة لاحقة يخلص الشعر مما ليس شعراًً، لأنه لا يريد أن يقدم برامج سياسية للقارئ. بينما كان، من قبل، يقتطع أجزاء من جسده الشعرى لأنه رأى فيها حماقات. وليس بالضرورة أن تكون الحماقات حماقات سياسية، فقد تكون أيضاً حماقات شعرية. ومن يطلع على الأشعار التى حذفها درويش يدرك أن الحذف لم يكن دائماً ذا أسباب سياسية. لقد كان تخليه عن مجموعته الأولى "عصافير بلا أجنحة" (1960) يعود لأسباب فنية جمالية، فيما حذفت أكثر قصائد "أوراق الزيتون" (1964) لأسباب جمالية وعقيدية سياسية، وأخذ فى فترة لاحقة يتخلص من القصائد التى يكون فيها للشعار السياسي حضور بارز، وهذا ما يقوله مراراً، وما قاله بوضوح فى المقابلة التى أجراها معه عباس بيضون، ورغم ذلك فهو يحن إلى بعض نصوص الديوان ليلقيها فى محفل دولى أو محلى على سبيل استعراض التجربة الإبداعية، واستحضارها فى كل مراحلها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة