سفير د.عبدالله الأشعل

مجلس الأمن بين محرقة غزة ومجزرة القدس

الثلاثاء، 11 مارس 2008 09:23 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الصورة تتحدث عن نفسها، فقد تثاقل مجلس الأمن لعدة أيام لكى ينعقد لمناقشة محرقة غزة وكل المحارق الصهيونية الأخرى السابقة، وسكت الجميع سكوت الأموات على المحرقة، أما فى مجزرة القدس فقد انعقد المجلس بعد ساعات وتهيأ لإدانة جادة لهذا الإرهاب الفلسطينى كما تواترت الإدانات من كل جانب.
أدان الرئيس الأمريكى هذا الإرهاب بأشد العبارات، كما فعلت كونداليزارايس، وهى نفسها التى قالت إنها تبارك محرقة غزة, ولا تشعر بأى ضيق من قتل الأطفال والمدنيين ما دامت إسرائيل لاتقصد الإضرار بهم وإنما تركز على الأهداف الإرهابية. والصورة تقول بوضوح إن الدم اليهودى مقدس، أما الدم الفلسطينى والعربى فهو مباح, بل إن إراقة الدم الفلسطينى والعربى قربى إلى الله، وكأن لليهود رباً آخر غير رب العالمين. الصورة تقول بوضوح أيضاً إن العدل للفلسطينيين مستحيل، وإن مسلسل قتلهم وإبادتهم وإحراقهم هو الأداة الرئيسية للتوصل إلى تسوية مرضية لإسرائيل ولا عزاء للإرهابيين، ولولا أن أبومازن تبرأ من نسبه الفلسطينى ومن ثم من تهمة الإرهاب، لما كان فى مكانه ولما قبل أولمرت أن يصافحه.
نجم المشهد فى مجلس الأمن فى جلسة المحرقة وجلسة المجزرة هو المندوب الليبى، الذى كان صوت الحق الوحيد فى سماء الظلم والغبن والتواطؤ الدولى، وهو لم يطلب المستحيل، إنه يطلب فقط بأن يسوى المجلس بين دم اليهود ودم العرب، فيدين المحرقة والمجزرة معاً دون تمييز. هذا الموقف البسيط جعل الدول الكبرى فى المجلس تتردد فى الاندفاع إلى إضافة المزيد من الظلم على الفلسطينيين, وذلك بالاستجابة لطلب إدانة المجزرة وحدها.
ولنا على هذا المشهد ملاحظتان: الأولى هى أن ليبيا التى عانت من القهر والظلم حلت محل قطر التى رفعت بكل شرف لواء الدفاع عن الحق العربى, حين باعه أصحابه وسكت عنه جيرانه وكبار قومه. وقد تلقى المندوب الليبى هجوماً مسعوراً من المندوب الصهيونى الإسرائيلى والصهيونى الأمريكى اللذين اتهما ليبيا بأنها تائبة عن إيواء الإرهاب، ولكن المندوب الليبى فى جلسة المجزرة كان جسوراً وهاجم العصابة الصهيونية وأسعد المتعطشين إلى الانصاف ولو بالكلمات.
الملاحظة الثانية, أنه من الظلم أن نسوى بين المجزرة والمحرقة، فكلتاهما مظهران لمأساة إنسانية، ولكن يجب أن نلاحظ أن المجزرة هى الابن البكر للمحرقة، كما أنها النتيجة المباشرة للمشهد فى العالم وفى مجلس الأمن إزاء المحرقة.
وأخيراً، فإن الفارق الهائل بين المحرقة والمجزرة هو أن المحرقة سياسة رسمية لدولة عضو فى الأمم المتحدة ومن صنعها وتباركها الدولة العظمى فى العالم صراحة، أما المجزرة فهى عمل يائس لأشخاص أرادوا بهذا العمل أن يلفتوا بعنف إلى جريمة المحرقة، وأن يعلنوا بأن هذه العمليات هى الرد الوحيد على التواطؤ والصمت والاستخفاف بأرواح الفلسطنيين وتنطع العالم العربى، وتمييز مجلس الأمن بين الدم اليهودى والدم العربى.
على الجانب الآخر، أدان مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان فى 6/3/2008 الهجمات الإسرائيلية، ورغم أنه أدان أيضاً الصواريخ الفلسطينية على المدن الإسرائيلية وخفف الكثير من المصطلحات, إلا أن كندا عارضت كما امتنعت دول الاتحاد الأوروبى عن التصويت عليه، ولو كانت الولايات المتحدة عضواً فى المجلس لما كان قد انعقد أصلاً.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة