أعلن قائد حركة تحرير السودان المتمردة فى دارفور عبد الواحد نور أن الحركة افتتحت مكتبا لها فى إسرائيل. وقال: إن سودانيين لجأوا إلى إسرائيل مما دفع الحركة لفتح مكتب لها هناك، منوهاً فى نفس الوقت بأن إسرائيل أنقذت شباناً سودانيين مما أسماها "الإبادة"، واعتبر نور أن الرؤية السياسية لحركته تجيز افتتاح سفارة إسرائيلية فى الخرطوم إذا كان فى ذلك خدمة مصالح السودان ـ على حد تعبيره ـ، ومن المعروف أن إسرائيل قد منحت حديثاً حق اللجوء لـ600 سودانى من دارفور.
حركة التحرير باعت القضية
فى أول رد فعل قالت الحكومة السودانية: إن افتتاح حركة تحرير السودان مكتبا لها فى إسرائيل سيواجه برد فعل رسمى وشعبية عنيفة. وأوضح وزير الدولة بوزارة الإعلام السودانية كمال عبيد ''أن الحكومة تعتبر هذه الخطوة دليلا قاطعا على صدق ما كانت تقوله فى تشخيصها لقضية دارفور''، متسائلاً: "لماذا تسعى حكومة الجنوب لفتح مكاتب مستقلة لها فى عواصم العالم ولا تلحق هذه المكاتب بالسفارات السودانية؟.. إذا كان الهدف هو الإبقاء على صيغة السودان الموحد" لافتا إلى ان حكومة الجنوب بتلك الخطوة قد "باعت القضية وضحت بوحدة السودان واستقراره" حسب وصفه.
تغلغل إسرائيلى فى الجنوب
هناك عدة تقارير تفيد بوجود تغلغل إسرائيلى فى جنوب السودان، وخاصة فى قطاع الفنادق فى العاصمة الجنوبية "جوبا"، كما أن حكومة الجنوب تسمح بإعطاء تأشيرات دخول لليهود دون المرور على حكومة الخرطوم.
على الجانب الآخر نفى "فرمينا مكويت" ممثل حكومة الجنوب أى وجود إسرائيلى فى جنوب السودان، كما نفى إعطاء أى تأشيرات دخول لإسرائيليين إلى الجنوب مشيراً إلى أن السودان - شماله وجنوبه - ليس له علاقة دبلوماسية مع إسرائيل ولا يقبل بها.
وأضاف: أنه فى حالة وجود أى إسرائيلى فى الجنوب فإن دخوله ربما يكون غير شرعى وسوف يعامل معاملة المتسلل مثله مثل المتسللين السودانيين إلى إسرائيل، مشيراً إلى أن فنادق الجنوب يمتلكها مستثمرون أفارقة من كينيا وأوغندا وليس إسرائيلون، وأن الشعب السودانى فى غنى عن استثمارات اليهود.
إسرائيل تحاول تحسين وجهها القبيح
فى تصريحات للدكتور سليمان أدريس السفير السودانى المناوب فى سفارة السودان بالقاهرة قال:" إن السودانيين الذين يتسللون إلى إسرائيل عددهم محدود جدا لا يتجاوز الـ300 شخص وقد يكون هناك أعداد مثلهم حاولوا التسلل ولكنهم فشلوا، وغالبا ما تعود هذه المحاولات لأسباب اقتصادية بحتة، حيث إن هولاء يعانون من سوء وتدهور فى أحوالهم المعيشية وينقادون وراء الأمانى الإسرائيلية البراقة التى تحاول بها إسرائيل تحسين "وجهها الإنسانى القبيح" وتصحيح صورتها بعد ارتكاب جرائمها تجاه الشعب الفلسطينى، ولكن للأسف سرعان ما يصطدم هولاء المهاجرين بالواقع المرير فما إن يجتازوا الحدود حتى يساقوا إلى السجون ويظلوا على هذا الوضع باعتبارهم مهاجرين غير شرعيين بل ولا يجدون قوت يومهم وأكلهم ونتيجة لحاجتهم للأكل وللمصاريف تتجه السلطات الإسرائيلية لتشغيلهم فى المزارع حتى يصرف عليهم من عوائد عملهم، وهؤلاء مستعدون للذهاب إلى جهنم من أجل الاقتصاد!!
ومن المعروف أن أغلب الذين يهاجرون إلى إسرائيل هم من أصحاب البطاقات الزرقاء (أى اللاجئيين) وليسوا مواطنين سودانيين بالأساس، وأشار إلى أن القانون الإسرائيلى يعتبر السودان بلدا عدوا لأنها لا تقيم علاقات دبلوماسية معه وبذلك أى شخص سودانى جاء بطريق غير شرعى إلى إسرائيل سيكون مصيره السجن.
شئ متوقع وتفسيرات متعددة
لم تكن مفاجأة أن حركة تحرير السودان المتمردة فى دارفور قد قررت أن تفتح مكتباً بإسرائيل حيث إن غالبية أعضاء الحركة من قبيلة اليسار لا يجدون غضاضة فى التحالف مع أى كيان أو حليف لتحقيق أهداف حركتهم، كما أنها تعد أول حركة أو حزب سياسى يعلن ذلك.
وقد اختلفت التفسيرات والتبريرات – المؤيدة والمعارضة - حيال تلك الخطوة على النحو التالى:
التفسير الأول: يشير إلى أن "التابوه الإسرائيلى" قد انكسر بواسطة حركات وناشطى دارفور، فالدارفوريون يواجهون الموت يوميا ببنادق إخوتهم السودانيين فى ظل صمت من العالم العربى، وبالتالى فلن ينجح أحد بعد اليوم بتخويفهم من إسرائيل لأنهم اكتشفوا أن إخوتهم من الممكن أن يكونوا اشد فتكا بهم من أى عدو آخر.
التفسير الثاني: يشير إلى أن مكتب الاتصال هذا يوفر للسودان مجموعة معلومات جيدة عن الجالية السودانية فى إسرائيل الذى يعتبر عدداً لا يستهان به، وهذا أقرب لتفسير الحركة.
التفسير الثالث: يرى أن الحركة لم ترتكب جرماً عندما فتحت مكتباً لرعاياها – على حد وصف رئيسها – فى إسرائيل على أساس أن حكومة الإنقاذ السودانية نفسها فى طريقها للتطبيع مع إسرائيل، فلم يكن اختيار سفير السودان بواشنطن السيد جون أكويج خريج جامعات إسرائيل فى أهم دولة فى العالم حيث تسعى الحكومة فى محاولات خفية للتطبيع مع إسرائيل. فقد بحثت عن السفير بشغف حقيقى ودعمت وجوده خصيصا ليأتى لها بالساسة الجنوبيين من أمثال جون أكويج, الذى لم يخفى على أحد تناقض مواقفه تجاه الزعيم الجنوبى جون قرنق نفسه, وما كان حضور السفير جون أكويج للقمة العربية ـ الإسرائيلية مؤخرا ممثلا لحكومة السودان مع وفد مرافق أغلبهم شماليون بالولايات المتحدة إلا كونه أحد هذه الخطوات الجادة نحو التطبيع.
هذه الصورة ربما تشير إلى أن إسرائيل بدأت أولى خطوات التدخل الرسمى تجاه السودان، التى أصبحت مرتعا للعديد من القوى الدولية والإقليمية..
عبد الواحد نور رئيس حركة تحرير السودان فى دارفور
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة